بين جبال قنديل وقصر السلام في بغداد: نهاية بندقية وبداية معركة سيادية
klyoum.com
أخر اخبار العراق:
توضيح رسمي بشان الاستقطاع عند سداد المبالغ من الـ(POS)14 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: في نقطة مفصلية من تاريخ الصراع الممتد بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية، اختار المقاتلون الكرد، في لحظة بدت أقرب إلى طقوس الخروج من الحرب، أن يحرقوا أسلحتهم في كهف رمزي بين السليمانية ومصيف دوكان. وبينما اكتسى الحدث بطابع رمزي أقرب إلى إعلان نوايا من كونه إجراء عسكرياً حاسماً، فإنّ أصداء هذه الخطوة تتردد بقوة داخل العراق، بوصفه ساحة ميدانية وواقعية لهذا الصراع الذي امتد أربعة عقود.
وتمثّلت معضلة العراق، الواقعة جغرافياً وتاريخياً، في كون جباله الشمالية تحولت إلى مسرح دائم لوجود حزب العمال منذ ثمانينات القرن الماضي، ما جعله هدفاً دائماً للغارات التركية، ولنزاع يتجاوز أبعاده الأمنية إلى ما هو أعمق: جدلية العرق والجغرافيا والسيادة. فمنذ اتفاق أمني وُقّع في عهد النظام العراقي السابق نهاية تسعينات القرن الماضي، استُبيحت الأرض العراقية بذريعة مطاردة الخصوم، ليصبح العراق عملياً، وليس نظرياً، طرفاً غير محايد في نزاع إقليمي.
وفي خضم تحولات ما بعد 2014، حين انهارت الجغرافيا الأمنية مع صعود تنظيم داعش، دخل حزب العمال في معادلات محلية معقدة، حين تحالف مع فصائل عراقية وأقليات مضطهدة لمحاربة التنظيم، الأمر الذي غيّر صورته النمطية كحزب انفصالي.
ومنذ ذلك الحين، لم يعد بالإمكان الحديث عن “نزع سلاح” بمنطق مركزي مبسط، فالحزب بات مكوناً سياسياً وعسكرياً في مشهد مختلط الهويات والولاءات.
ومع ذلك، فإن إعلان نزع السلاح، الذي حظي بترحيب رئاسة العراق، يعكس إرادة سياسية لإنهاء عقود من الاستنزاف الأمني، ومؤشراً على تحوّل استراتيجي قد يفضي إلى إعادة رسم العلاقات بين بغداد وأنقرة.
لكن هذه الخطوة، وفقاً لتحليل أكاديميين وسياسيين، تفتح باباً لصراع جديد حول السيادة، فبانتهاء ذريعة “ملاحقة حزب العمال”، ستُحرج أنقرة أمام مطلب عراقي متصاعد بسحب قواتها من الشمال.
وفي المقابل، تلوّح أنقرة بعصا “اقتلاع الإرهاب”، ما يعني أن مشهد ما بعد نزع السلاح لن يكون هادئاً، بل سيتحول إلى اختبار دبلوماسي عراقي ـ تركي، يختبر صدقية التفاهمات، ويضع مستقبل التعاون الإقليمي أمام معادلات جديدة تبدأ من الأمن ولا تنتهي عند التنمية.
About Post Author
moh moh
See author's posts