نتنياهو يضع الأمم المتحدة أمام اختبار الشرعية بتهديده العراق: أزمة عدالة دولية
klyoum.com
أخر اخبار العراق:
نائب الرئيس الأمريكي يحذر من اتجاه الحكومة نحو الإغلاق28 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: يدخل الموقف الراهن في سياق أوسع من جدلية العلاقة بين القانون الدولي والشرعية السياسية، إذ يبرز ملف نتنياهو كمثال فاضح على هشاشة النظام الأممي في ضبط سلوك الدول عندما يتجاوز قادتها الحدود المرسومة بالقانون. ويكشف التناقض بين قرارات المحكمة الجنائية الدولية وأداء مجلس الأمن عن مأزق بنيوي يتكرر كلما اصطدمت العدالة بالمصالح الجيوسياسية للدول الكبرى.
ويوضح البعد القانوني أن النصوص الواردة في ميثاق الأمم المتحدة تمنح آليات واضحة للتعامل مع الحالات التي تهدد السلم والأمن الدوليين، إلا أن الواقع يضعف تلك الآليات عبر تدخل الحسابات السياسية واستخدام أدوات كحق النقض الذي يعطل التنفيذ ويجعل القرارات أقرب إلى إعلانات أخلاقية. ويشير هذا التباين إلى فجوة متنامية بين الشرعية القانونية والشرعية الواقعية التي تصوغها موازين القوة.
وقال الباحث القانوني علي التميمي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المجرم الصادر بحقه أمر قبض من المحكمة الجنائية الدولية عن جرائم إبادة جماعية في غزة وفقاً للمادة (6) من نظام المحكمة، ارتكب الجرم المشهود من فوق منصة الأمم المتحدة عبر تهديد دول ومؤسسات.
وبيّن التميمي لـ المسلة، أن هذا الفعل يوجب، وفق المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة، قيام الأمين العام بإشعار مجلس الأمن فوراً لوضع إسرائيل تحت الفصل السابع استناداً إلى المواد (1 و2 و18) والمواد من (39 إلى 51) من الميثاق، مشيراً إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة يمكنها أن تصوت على إنهاء عضوية إسرائيل وفق المواد (6 و25) من الميثاق، باعتبارها متمردة على القرارات السابقة التي أقرها مجلس الأمن الدولي.
ويكشف البعد السياسي أن خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة ليس مجرد استفزاز دبلوماسي بل يمثل فعل تحدٍّ مباشر للمنظومة متعددة الأطراف، ما يجعل انعكاساته أوسع من القضية الفلسطينية وحدها. ويضع هذا السلوك مصداقية المؤسسة الدولية تحت مجهر الاختبار، فإما أن تتخذ خطوات تعيد لها وزنها أو أن تُترك رهينة عجز يفتح المجال أمام سلوك أحادي يضعف النظام الدولي بأسره.
وأضاف التميمي أن الأمم المتحدة اليوم على حافة اختبار خطير، ما يستدعي تعديل الميثاق المؤلف من 111 مادة، بحيث يكون للجمعية العامة دور أكثر فاعلية، وأن لا تبقى الشرعية الدولية مرتهنة لخمسة دول دائمة العضوية.
وأكد أن حق النقض (الفيتو) الذي تم اعتماده عام 1945 لم يعد مقبولاً اليوم، ويتوجب أن يكون تصويت مجلس الأمن المكوّن من 15 دولة، 10 منها تُنتخب كل سنتين و5 دائمة العضوية، بالأغلبية المطلقة دون استخدام الفيتو، مادامت الدول متساوية في الحقوق والعضوية داخل الأمم المتحدة.
ويستحضر البعد التاريخي تجربة تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 كإطار لتجنب تكرار الحروب الشاملة، غير أن استمرار هيمنة القوى الخمس الكبرى، وآلية الفيتو تحديداً، يجعلان من الإصلاح مطلباً يتجدد مع كل أزمة حادة. ويُطرح التساؤل حول مدى قدرة المجتمع الدولي على تعديل الميثاق وإعادة توزيع السلطة داخل المؤسسة بما يعكس موازين القرن الحادي والعشرين بدلاً من البقاء أسير حسابات الحرب العالمية الثانية.
ويُبرز البعد الاستراتيجي أن التحولات الجارية قد تدفع إلى إعادة صياغة قواعد النظام الدولي نحو تعددية أوسع إذا ما استمرت الأزمات في فضح قصور الأدوات الحالية. وفي حال استمر العجز الأممي عن فرض المحاسبة، فإن ذلك سيُسجل سابقة جديدة تضعف الردع الدولي، وتشجع على تكريس مبدأ الإفلات من العقاب، وهو ما يفتح الباب أمام فوضى قانونية وأمنية يصعب ضبطها.
—
About Post Author
moh moh
See author's posts