اخبار العراق

المسلة

سياسة

الكاظمية والأعظمية.. اختبار مزدوج للسلطة بين نزع السلاح وضبط الحساسيات

الكاظمية والأعظمية.. اختبار مزدوج للسلطة بين نزع السلاح وضبط الحساسيات

klyoum.com

18 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: وسط تقاطع الأزقة التاريخية بين الكاظمية والأعظمية، تُرسم اليوم معالم صفحة جديدة في مشهد الأمن البغدادي، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية عن خططها لإطلاق تجربة "المناطق منزوعة السلاح" بدءًا من هاتين المنطقتين اللتين طالما شكلتا رمزين متقابلين في الذاكرة العراقية، دينياً واجتماعياً وأمنياً.

وتمضي الوزارة، مدفوعة بما تصفه بـ"ملامح استباب أمني وتعاون شعبي"، في سلوك طريق نزع السلاح من المناطق المدنية، وفق رؤية جديدة لا تستند فقط إلى القبضة الأمنية، بل إلى ما يُعرف في علم السياسة الأمنية بـ"الشرعية الرضائية"، أي التحول من الردع إلى الإقناع، ومن الخوف إلى القانون.

ويبدو أن حملة تسجيل السلاح التي تجاوزت فيها الوزارة حاجز 60 ألف قطعة، باتت مدخلًا لـ"ضبط المجال العام"، وفق ما يصرح به العقيد رعد الشرع، الذي أوضح أن إجراءات التسجيل ميسّرة، ولا تضع أعباءً مالية أو إدارية على المواطن، في إشارة إلى رغبة السلطة في امتصاص التوتر التقليدي بين المواطن والسلاح والدولة، عبر بوابة قانونية تفعّل المادة السادسة من قانون 51 لسنة 2017.

وتشير نغمة التصريحات الرسمية إلى وجود "مرحلة انتقالية" ستنتهي بنهاية العام، بعدها تبدأ مرحلة العقوبات، حيث ستُمارس أدوات الدولة التقليدية في فرض النظام، من تفتيش إلى قرارات ردعية، ضمن ما يمكن تسميته بـ"استراتيجية العصا والجزرة"، التي تراهن على المكافأة قبل الردع، والانخراط قبل العقوبة.

وفي خلفية هذا القرار، تحضر سياقات سياسية مقلقة، من انفلات السلاح غير الشرعي في بعض المناطق، إلى تزايد الضغط الدولي والمحلي لتطبيق مبدأ "احتكار العنف المشروع"، وهو المفهوم الجوهري في نظرية الدولة الحديثة.

وليس من قبيل المصادفة أن يبدأ المشروع من الكاظمية والأعظمية، حيث الحساسيات الطائفية تختلط بعوامل الأمن والهوية، في اختبار مزدوج للسلطة: قدرتها على نزع السلاح، دون أن تُتهم بالانحياز أو الإثارة.

وإن مضت الخطة كما رُسمت، فإن بغداد قد تشهد أولى نواتها نحو "تحييد السلاح في المدينة"، وتحويله من أداة تهديد إلى ملف إداري مضبوط، تمهيداً لنموذج وطني أشمل. لكن، وكما في أغلب مشاريع الضبط الأمني في العراق، تبقى النتائج معلقة على قدرة الدولة على تنفيذ القانون بإنصاف، لا مجرد إعلانه.

About Post Author

Admin

See author's posts

*المصدر: المسلة | almasalah.com
اخبار العراق على مدار الساعة