المالية العامة بين الإنفاق الريعي والتقشف المؤجل: دين داخلي ينذر بانفجار صامت
klyoum.com
أخر اخبار العراق:
ثلاثي برشلونة يرد على اتهامات فليك23 غشت، 2025
بغداد/المسلة: يسجل العراق في مسار دينه الداخلي صعودا متسارعا، إذ قفز الرقم من 70.5 ترليون دينار في نهاية 2023 إلى 83 ترليونا في نهاية 2024، ليبلغ 92.2 ترليون دينار مع منتصف 2025، وهو أعلى رقم في تاريخ المالية العامة. ويكشف هذا التصاعد عن معضلة مركبة تتعلق ببنية الاقتصاد الريعي القائم على تمويل العجز بالاقتراض، ما يضع الدولة أمام معادلة ضاغطة بين حاجتها للإنفاق التشغيلي والتزاماتها تجاه التنمية والاستقرار.
وقال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، ان هناك انعكاسات سلبية على ارتفاع الديون وتتمثل في انخفاض القيمة الحقيقية للأصول المالية الحكومية ومن ثم انخفاض قدرة الحكومة على السداد فضلا عن تعميق ريعية الاقتصاد من خلال الإفراط في الإنفاق التشغيلي وإهمال الاستثمار في الأنشطة الاقتصادية الاستراتيجية، اضافة الى زيادة عبء الموازنة العامة وتفاقم العجز الفعلي فيها.
ويؤدي هذا التوسع في الدين الداخلي إلى تآكل القيمة الحقيقية للأصول الحكومية، الأمر الذي يضعف من قدرة الدولة على الوفاء بسداد التزاماتها في الأجل المتوسط والبعيد، ويعكس ضغوطا على استقرار النظام المالي ككل. ويظهر الخطر بشكل أوضح حين يتقدم الإنفاق التشغيلي على حساب الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية، ما يعيد إنتاج معادلة الاقتصاد الريعي ويكرس هشاشته البنيوية.
ويفاقم هذا الواقع من عبء الموازنة العامة ويعمق عجزها الفعلي، بما يجعل أي زيادة في الإيرادات النفطية عاجزة عن معالجة الخلل الهيكلي. ويضاف إلى ذلك أن الدين الداخلي يعطل التوازن بين السياسات المالية والنقدية، فتغدو السيطرة على التضخم أكثر صعوبة، ويضعف أثر أدوات البنك المركزي في إدارة السوق النقدية.
ويؤدي اعتماد المصارف على أدوات الدين الحكومي إلى صرف الأنظار عن تمويل القطاع الخاص، فتتراجع فرص الاستثمار والإنتاج وتتعزز بيئة الركود، بينما ترتفع كلفة خدمة الدين التي بلغت 9.3 ترليون دينار في 2024، ما يفتح الباب أمام تقليص الإنفاق الاجتماعي الضروري لمعالجة البطالة والفقر، وهو ما يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي على المدى الطويل.
وتبدو الأزمة أكثر من مجرد أرقام متضخمة في جداول وزارة المالية، بل هي صورة مكثفة لطبيعة الاقتصاد العراقي الذي يعيش تحت ضغط التزامات آنية مؤقتة، فيما تؤجل الإصلاحات البنيوية مرة بعد أخرى.
About Post Author
moh moh
See author's posts