الجسر المنهار في كربلاء :المليارات المهدورة تتحول إلى ركام فوق رؤوس الأبرياء

9 شتنبر، 2025

بغداد/المسلة: ابتدأت فاجعة كربلاء من جسر لم يصمد سوى لحظات في عمر الزمن، لكنه خلّف ما يكفي ليدخل سجل المآسي العراقية الثقيلة، حيث تحوّل انهيار الجسر الجديد إلى قضية رأي عام تشغل الشارع وتتصدر النقاشات على المنصات، ليس فقط بسبب الشهداء والجرحى الذين سقطوا تحته، بل بسبب المبالغ الفلكية التي أنفقت على إنشائه.

وقال سكان محليون في أحاديث متفرقة إنهم لم يصدقوا أن جسراً كلف أكثر من 12 مليار دينار يمكن أن ينهار بهذه السرعة، فيما دوّن ناشط على منصة "إكس" أن "دماء الأبرياء تسيل بين فواصل عقود المقاولات الوهمية".

وظهرت المفارقة الصادمة في تفاصيل المشروع، إذ بدأت كلفته المعلنة بنحو 10 ملايين دولار أمريكي، وهو مبلغ يكفي – بحسب خبراء هندسيين – لإنشاء جسر ضخم متعدد الطوابق في مدن أخرى، لكنه في العراق انتهى بجسر كلاسيكي بسيط لم يتحمل عبور الناس.

وأحدثت الصور المتداولة من موقع الانهيار صدمة مضاعفة، حيث ظهر الجسر وكأنه بني على عجل، بينما وقف ذوو الضحايا مذهولين أمام مشهد الخراب، مرددين أسئلة الغضب حول مصير المبالغ الطائلة.

وقال أحد أقارب الجرحى: "لم يمت أخي وحده.. ماتت معنا الثقة في كل وعود الدولة".

وربط محللون الانهيار بسياق أوسع من الفساد الإداري والمالي الذي يبتلع مليارات الدنانير سنوياً، مؤكدين أن ما حدث ليس حالة فردية بل هو حلقة في سلسلة مشاريع متهالكة تحولت إلى مقابر صامتة. وأوضح الخبير الاقتصادي أحمد الهاشمي أن "نصف ميزانيات العراق تضيع بين الرشاوى والصفقات، وما ينجز من مشاريع لا يعكس سوى فتاتاً ممزوجاً بالفساد".

واستعادت الذاكرة الشعبية حوادث مشابهة، مثل انهيار مدارس ومبانٍ حكومية خلال السنوات الأخيرة، ما عزز القناعة بأن المحاسبة شكلية وأن التحقيقات غالباً ما تُغلق من دون أن تصل إلى رؤوس المتورطين. وغرّد أحد المدونين بمرارة: "كل جسر يسقط.. يسقط معه وعد بالوطن".

وأشعلت القضية نقاشاً محتدماً بين المهندسين والناشطين والصحفيين، حيث أكدوا أن أرقام الإنفاق لا تتناسب مع البنية البسيطة للجسر، فيما طالب آخرون بلجنة دولية لمراقبة مشاريع البنية التحتية.

وقال صحفي شاب من كربلاء: "نحن لا نحتاج جسوراً جديدة بقدر ما نحتاج جسوراً تربط الدولة بالناس عبر الثقة".

About Post Author

moh moh

See author's posts

اخبار العراق على مدار الساعة