272 يوماً مغبراً سنوياً : الأمن المائي والغذائي تحت حصار التصحر والعواصف
klyoum.com
1 أكتوبر، 2025
بغداد/المسلة: يسجل العراق واحدة من أشد موجات التغير المناخي في المنطقة، حيث يتوقع مرصد العراق الأخضر أن تصل أيام الغبار والعواصف الترابية إلى حدود 300 يوم سنوياً بحلول عام 2050، ما يعني أن ثلاثة أرباع أيام السنة ستكون محاطة بسماء حمراء خانقة، وفق تقريره الأخير الذي أشار إلى أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الظاهرة تتجاوز 150 مليار دولار سنوياً في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويحذر الخبراء من أن المسار الحالي يعكس تصاعداً مقلقاً، بعدما ارتفع معدل الأيام المغبرة في العراق من 243 إلى 272 يوماً خلال العقدين الماضيين، وسط توقعات ببلوغ الذروة خلال العقدين المقبلين.
ويشير مسؤولون في وزارة الصحة العراقية إلى أن موجات الغبار ما بين 2022 و2025 أدت إلى إغلاق مطارات بغداد والنجف والبصرة مراراً، وإلى تسجيل عشرات آلاف حالات الاختناق في أقسام الطوارئ، بينما يقول مواطنون إنهم باتوا "يتنفسون التراب أكثر من الهواء".
ويكشف تقرير المرصد أن العواصف لا تقتصر على الجانب الصحي فحسب، بل تمتد لتشل النقل البري والجوي وتعطل محطات الطاقة الشمسية التي تعدها الحكومة جزءاً من خطتها لمواجهة أزمة الكهرباء، فيما تؤكد بيانات منظمة الصحة العالمية أن كل موجة غبار تؤدي إلى زيادة حادة في دخول المستشفيات بسبب أمراض الجهازين التنفسي والقلبي، وتضاعف نسب الوفيات المباشرة وغير المباشرة.
ويشير متخصصون في البيئة إلى أن هذه الظاهرة صارت تمثل تهديداً للأمن المائي، حيث تلوث العواصف الترابية مصادر المياه العذبة، وتزيد من ملوحة الأنهار، فضلاً عن تراكم الرمال في السدود والقنوات.
كما تحذر تقارير الأمم المتحدة من أن التصحر وتلف المحاصيل باتا يرفعان أسعار الغذاء بشكل مستمر، ويزيدان من هشاشة الأمن الغذائي في بلد يعاني أصلاً من تبعية عالية للاستيراد.
ويكشف المرصد أن محافظة ذي قار تصدرت قائمة أكثر المناطق تعرضاً للعواصف خلال 30 عاماً بمعدل 278 مرة سنوياً، بينما كانت خانقين الأقل بثلاث مرات فقط، في حين شهدت العمارة 23 مرة، والبصرة وكركوك 29 مرة، ما يعكس تفاوتاً في شدة الظاهرة جغرافياً لكنه لا ينفي طابعها الوطني العام.
ويشارك ناشطون بيئيون عبر منصات التواصل الاجتماعي صوراً لموجات الغبار الأخيرة التي غطت مدناً كاملة بلون أصفر داكن، حيث غرّد أحدهم من الناصرية قائلاً: "نعدّ أيام الصفاء في أصابع اليد، والباقي أيام خانقة"، فيما كتب آخر من بغداد: "الغبار صار جزءاً من يومياتنا مثل الخبز والماء".
ويعتبر مراقبون أن هذا المزاج الشعبي يعكس تحوّل العاصفة من حدث عابر إلى بنية حياتية ضاغطة تقيد تفاصيل الحياة اليومية للعراقيين.
About Post Author
moh moh
See author's posts