الفرات يحتضر بين الطحالب و زهرة النيل
klyoum.com
17 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: يسجل نهر الفرات في الأسابيع الأخيرة أدنى منسوب له منذ عقود، ليكشف جسد العراق عن ندوب جفاف تاريخي يعصف بالبلاد، ويضع أكثر من 46 مليون نسمة أمام واقع مائي شديد الخطورة، تتقاطع فيه أزمة المناخ مع سياسات دول الجوار.
انحسار النهر وتلوّث المجاري
وتباطأ تدفق المياه جنوباً حتى صار التيار هزيلاً يجرّ خلفه الطحالب ونباتات دخيلة تهدد بانسداد المجاري وتلويث ما تبقى من حياة في النهر. وقال الأستاذ الجامعي حسن الخطيب إن الانخفاض غير المسبوق لجريان الفرات يفتح الباب واسعاً أمام تمدد الطحالب وزهرة النيل التي تعرقل النظام الحيوي، مذكراً أن هذه النبتة الغازية تستهلك يومياً كميات ضخمة من المياه وتخنق الأكسجين عن الكائنات المائية.
أزمة خزين مائي خانقة
وحذر المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال من أن العراق يتلقى اليوم أقل من 35% من حصته المفترضة من دجلة والفرات، وأن الخزين المائي في السدود تراجع إلى ما دون 8% من طاقته، بعد أن انخفض من عشرة مليارات متر مكعب في مايو إلى ثمانية مليارات في مطلع سبتمبر. وقال موظف في دائرة الموارد المائية في النجف إن “إطلاق المياه من الاحتياطي القديم صار أشبه بعملية إسعاف عاجلة، لكنها تغذي الطحالب أكثر مما تنقذ النظام البيئي”.
مدن على حافة العطش
وشهدت كربلاء تحذيرات من وزارة البيئة من تفاقم التلوث البكتيري مع انخفاض منسوب النهر، فيما أكد مدير دائرة البيئة في النجف جمال عبد زيد أن جودة المياه انحدرت إلى مستويات مقلقة. وقال سكان محليون للصحيفة إنهم يضطرون لشراء مياه الشرب من محطات خاصة بأسعار مرتفعة، بينما تتحول شبكات الإسالة الحكومية إلى مجرد قنوات لتمرير مياه عكرة.
بحيرات تجف وزهور تتمدد
وتحوّل بحر النجف من بحيرة خصبة إلى برك راكدة متفرقة، بينما رُصدت في الناصرية أزهار النيل الأرجوانية تغطي سطح الفرات، لتصنع غطاءً معتماً يحجب الأكسجين عن الأسماك. وقال صياد خمسيني من ذي قار إن “الزهر يخنق النهر، والسمك يطفو ميتاً على السطح كما لو أن الحياة غادرت”.
جدل السدود وسياسات الجوار
ويعيد العراقيون الاتهامات إلى دول الجوار اللتين شيّدتا سدوداً قللت من حصص العراق المائية، وسط مطالبات متكررة لبغداد بالتحرك دبلوماسياً وإيجاد حلول إقليمية عادلة.
وقال ناشط بيئي من الحلة إن “المشكلة لم تعد في الطبيعة وحدها، بل في غياب العدالة المائية بين دول الحوض”.
محاولات معالجة رسمية
وأكدت وزارة البيئة أن مديريات المياه في مدن الفرات الأوسط تعمل وفق معايير علمية دقيقة لتنقية المياه وضمان صلاحيتها للاستخدام البشري. غير أن الشكوك تلاحق هذه التصريحات مع تزايد شكاوى الأهالي من رائحة المياه وتغير لونها. وقالت سيدة من السماوة: “نشرب الماء ونحن نخاف، نغلي كل قطرة قبل أن تصل إلى أفواه أطفالنا”.
About Post Author
moh moh
See author's posts