من الهول إلى الجدعة: عائدو العراق بين فخاخ التبرّؤ وغياب الوثائق
klyoum.com
أخر اخبار العراق:
هجرات جماعية جنوب العراق بسبب الجفاف وأزمات المياه14 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: تمضي عربة العودة من مخيم الهول إلى العراق محمّلة بوجوه مثقلة بالخوف، بعيون تتلفّت بين الأمن والخذلان، وبأوراق يراد لها أن تكون "صكوك براءة" من لحم العائلة ودمها.
ويبدو أن قرار العودة من جحيم اللجوء ليس إلا ولوجًا في جحيم آخر، حيث لا يكفي إثبات الانتماء الوطني، بل يُطلب ما هو أفدح: التخلّي عن الروابط العائلية نفسها إذا شابها ظل اتهام.
ويظهر في قصة إبراهيم درويش، العائد من المخيم بعد سنوات من الاحتجاز، ذلك التمزّق بين الرغبة في الاستقرار والخضوع لشرط "التبرّؤ" من أولاده المسجونين بتهم الانتماء إلى داعش.
ويفضح هذا الشرط، غير الرسمي بحسب السلطات المركزية، هشاشة التنسيق بين الدولة ومراكز القرار المحلي، حيث يبدو أن القانون يُعلَّق لصالح منطق الثأر المجتمعي أو التحصينات الأمنية.
وتحمل شهادات العاملين في المجال الإنساني تحذيرات مقلقة: صعوبة الحصول على أوراق ثبوتية، إغلاق أبواب الوظائف، واشتراط الانفصال العاطفي والعلائقي للحصول على بطاقة هوية.
ويتحوّل "التبرّؤ" من حالة قانونية نادرة إلى عرف اجتماعي قاتم، يُنزع فيه عن العائدين جلدهم المدني وتُشطب حقوقهم تحت عنوان "الحذر الأمني".
ويأتي تصريح المحامي بأن هذه التعهدات ليست سوى بلاغات عائلية تتورّط في صناعة "عداوات قضائية داخل البيت الواحد"، ليكشف المأزق القانوني والأخلاقي الذي تواجهه العائلات العائدة، حيث تتحوّل كل خطوة نحو التوثيق إلى مفترق بين العائلة والدولة، وبين الرغبة في البقاء والخوف من التبعات.
وتنذر التحذيرات التي أطلقها مركز "سنتشري إنترناشونال" بظهور جيل جديد، محروم من التعليم والرعاية، يسكن في الفراغ القانوني ويُربّى في مناخ الإذلال الجمعي، ما يُمهّد لأرض خصبة يعيد فيها التطرّف تنظيم نفسه لا عبر الدعاية، بل عبر الظلم اليومي.
وتزداد قتامة الصورة حين يُضاف إليها تقليص الدعم الدولي، مما يهدّد بانهيار منظومات إعادة التأهيل. ويبدو أن العبء اليومي يُحمّل للمجتمع المدني العراقي، وسط موارد محدودة وتحديات مركبة، تحاول عبرها مبادرات صغيرة – كاستعادة رهف لمقعدها المدرسي – أن ترسم نورًا في آخر النفق.
وتتشابه الهموم في حكايات النساء العائدات: فقدان الأهل، تهديم المنازل، التهديد بالإجلاء، وسؤال واحد يتردّد بمرارة: "كيف نعيش؟". وتبدو العودة إلى الوطن بالنسبة لهؤلاء لا تعني العودة إلى الأمان، بل العودة إلى الشك، إلى العزل، وإلى الاختبار اليومي للولاء.
About Post Author
زين
See author's posts