اخبار العراق

المسلة

سياسة

إنفاق خيالي على الدعاية يمحو ملامح المدن..القوى الكبرى تحتل الواجهات.. والفقراء خارج الإطار

إنفاق خيالي على الدعاية يمحو ملامح المدن..القوى الكبرى تحتل الواجهات.. والفقراء خارج الإطار

klyoum.com

4 أكتوبر، 2025

بغداد/المسلة: ارتفعت في الأيام الأخيرة قبل الاقتراع صور المرشحين التشريعيين في كل زاوية من المدن، حتى غدت الشوارع لوحات عشوائية متداخلة تعجز العين عن تمييزها.

وقال أحد المراقبين إن “ما يحدث لا يشبه الدعاية الانتخابية بقدر ما يشبه سباقاً محموماً على احتلال الفضاء العام”، مؤكداً أن غياب المعايير القانونية في حجم الصور وأماكن تثبيتها جعل كل مرشح يتصرف كأنه يملك المدينة.

القوى الكبرى تحتل الواجهات

وانفردت القوى السياسية الكبرى باحتلال مواقع الإعلانات الحيوية، من واجهات الأبنية العالية إلى الجسور الكبرى، مستندة إلى قدراتها المالية الضخمة.

وقال أحد المصممين إن “المال وحده صار يقرر من يبتسم من أعلى الجدران”، مضيفاً أن الفرق بين مرشح وآخر يقاس اليوم بحجم الصورة لا بمضمون البرنامج، وأن الدعاية تحولت من وسيلة إقناع إلى استعراض سلطة.

وأعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق، يوم السبت، أن عدد صور مرشحي الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها الشهر المقبل بلغ أكثر من مليون صورة في عموم محافظات العراق.

وقال نائب رئيس المركز حازم الرديني في بيان، ان عدد الصور التي ثبتت في الشوارع بلغت أكثر من مليون صورة، مبينا أن غالبية هذه الصور في جانب الرصافة من العاصمة بغداد، فيما تعرض بعضها للتخريب لأسباب مجهولة.

الإنفاق الهائل وصراع النفوذ

وأحدثت الحملات الانتخابية موجة إنفاق غير مسبوقة على الإعلانات المطبوعة واللوحات العملاقة، فيما ترددت أحاديث عن عقود خيالية أبرمتها شركات الطباعة والدعاية مع المرشحين الكبار.

وقال ناشط مدني إن “الأموال التي تُصرف على الدعاية تكفي لتعبيد طرقات عشر مدن”، متسائلاً عن غياب الرقابة على مصادر التمويل.

وأضاف أن المرشحين الفقراء لا يستطيعون مجاراة هذا الصخب البصري، وأنهم يُحاصرون في الأزقة الخلفية بلا مساحة للظهور أو التأثير.

المرشحون الفقراء.. خارج الصورة

وتمخضت هذه الفوضى عن مشهد سياسي غير متكافئ، حيث غابت صور المرشحين المستقلين أو محدودي الدخل عن الشوارع الرئيسة، فيما تحوّلت اللوحات الكبرى إلى إعلان حصري للنخب التقليدية.

وقال مرشح شاب في تصريح ميداني: “نطبع صورنا الصغيرة بمدخراتنا، ثم نجدها ممزقة أو مغطاة بوجه أحد الكبار في اليوم التالي”، مضيفاً أن الانتخابات تبدو كأنها مباراة إعلامية لا منافسة ديمقراطية.

تشويه المدن وإخفاء معالمها

وأخفت آلاف الصور الضخمة معالم المدن، فغطت الواجهات التاريخية، وأُغلقت واجهات المتاجر الصغيرة، حتى صارت أعمدة الكهرباء تحتل مكاناً مركزياً في المعركة الانتخابية.

وقال موظف بلدي إن “المدينة تحولت إلى معرض مزدحم بصور مبتسمة ومكررة”، مشيراً إلى أن إزالة تلك الصور بعد الانتخابات ستتحول إلى عبء بيئي جديد، لأن أغلبها مصنوع من مواد بلاستيكية يصعب تدويرها.

غياب البرامج وحضور الصورة

وتمخضت هذه الحملات عن انتخابات بلا خطاب فكري أو رؤى سياسية، إذ غابت البرامج والمضامين خلف الوجوه المبتسمة.

والمواطن لم يعد يقرأ النص، بل يكتفي بالنظر إلى الصورة، حيث الانتقال من فكرة إلى صورة هو انحدار في الوعي الجمعي، ليحوّل الديمقراطية إلى مشهد بصري خالٍ من المضمون.

About Post Author

moh moh

See author's posts

*المصدر: المسلة | almasalah.com
اخبار العراق على مدار الساعة