السفارات العراقية.. من واجهة الدولة إلى جوائز حزبية موزعة
klyoum.com
أخر اخبار العراق:
خبير عراقي يحذر من وسائل تهكير جديدة: انتبهوا لمن يضع هاتفه بقربكم28 غشت، 2025
بغداد/المسلة: يدخل البرلمان العراقي مجددًا في عاصفة جدل قانوني وسياسي بعدما تحولت جلسة التصويت على قائمة السفراء من نقاش اعتيادي إلى ميدان اتهامات دستورية مفتوحة على احتمالات الطعن أمام المحكمة الاتحادية.
ويستند النواب المعترضون إلى واقعة انسحاب نحو ثلاثين نائبًا وما تبعها من كسر للنصاب القانوني، فيما مضت رئاسة الجلسة بالتصويت على القائمة المثيرة التي أعلن رئيسها محمود المشهداني أنها تبدأ باسم وتنتهي باسم، من غير أن يتاح للنواب الاطلاع على السير الذاتية أو التحقق من معايير الكفاءة، لتشتعل الشكوك حول شرعية الجلسة.
ويفتح هذا الأسلوب الباب واسعًا أمام أسئلة الشفافية والرقابة البرلمانية، في وقت تتردد فيه شكاوى الرأي العام من أن المناصب الدبلوماسية تحولت إلى امتيازات حزبية يجري تقاسمها بين القوى السياسية كغنائم، وأن أبناء الزعامات يحجزون مقاعد في سفارات العراق المنتشرة في العواصم الكبرى من دون المرور باختبارات مهنية.
ويكشف السياق أن أزمة التعيينات الدبلوماسية في العراق ليست عابرة، بل تعود جذورها إلى ما بعد 2003، حيث جرى تكريس نظام المحاصصة كمعادلة غير مكتوبة لإدارة السلك الخارجي. وتحولت المواقع الدبلوماسية، التي يفترض أن تلمّع صورة البلاد، إلى مكافآت سياسية تضمن الولاء وتثبّت النفوذ، حتى غدت السفارات شواهد على الانقسام أكثر من كونها واجهات وطنية جامعة.
ويستعرض الخبير القانوني علي التميمي الأبعاد الدستورية للجدل، موضحًا أن المادتين 61 خامسًا و80 خامسًا من الدستور حدّدتا بوضوح أن مجلس الوزراء يوصي بالأسماء، ثم يرفعها إلى مجلس النواب للموافقة بالأغلبية المطلقة، قبل أن يصدر المرسوم الجمهوري. ويشير إلى أن قانون الخدمة الخارجية رقم 45 لسنة 2008 حدّد شروطًا مهنية صارمة، من حسن السيرة إلى إتقان اللغات، ومن الشهادة الجامعية المتخصصة إلى التخرج في معهد الخدمة الخارجية، فضلًا عن شرط العمر الذي لا يقل عن 35 عامًا.
ويبين التميمي أن القانون نفسه خصص نسبة 25% من التعيينات لأسباب سياسية، وهو نص اعتبره مثيرًا للجدل لأنه يشرعن المحاصصة داخل مؤسسة يفترض أن تتأسس على الكفاءة. ويؤكد أن هذا النص يمكن الطعن فيه أمام المحكمة الاتحادية لأنه يتعارض مع مبادئ الدستور، محذرًا من أن الإصرار على مثل هذه الاستثناءات يحوّل السلك الدبلوماسي إلى أداة حزبية بدلًا من كونه ذراعًا للدولة.
ويشير إلى أن السفارات تُعد قانونيًا جزءًا من أراضي الدولة الأم وفق اتفاقية فيينا لعام 1961، وأن إخفاقات السنوات الماضية كشفت عن حجم الخلل في اختيار بعض السفراء، حيث تورط بعضهم في نزاعات سياسية أو تجاوزات إدارية أثرت على صورة العراق الخارجية. ويوضح أن القانون يتضمن 48 مادة تنظّم أدق تفاصيل السلك الدبلوماسي، وتربط السفراء كذلك بقانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960، مؤكدًا أن المساءلة متاحة عبر لجان تحقيقية يمكن أن تؤدي إلى إحالتهم للقضاء أو استبدالهم.
ويختم التميمي بدعوة واضحة لاعتماد المهنية والنزاهة والخبرة معيارًا وحيدًا في اختيار السفراء، بعيدًا عن الضغوط الحزبية والطائفية، لأن السفير لا يمثل حزبه أو تياره بل يمثل العراق كله أمام العالم، محذرًا من أن استمرار النهج الحالي سيبقي صورة البلاد الخارجية مرهونة بتجاذبات الداخل.
About Post Author
moh moh
See author's posts