اخبار العراق
موقع كل يوم -الحرة
نشر بتاريخ: ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٢
بعد مرور نحو شهر على تأجيل الانتخابات الليبية، يزداد المشهد السياسي في البلاد تعقيدا مع مطالبات البعض بتأجيل الانتخابات، لحين صياغة دستور جديد، وهو ما قد يطيل أمد الفترة الانتقالية.
في مطلع الأسبوع الجاري، أكد رئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة، الحاجة إلى دستور في البلاد قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأضاف 'مشكلتنا اليوم تكمن في عدم وجود قاعدة دستورية أو دستور'.
وقال الدبيبة خلال مشاركته في ندوة بعنوان 'الدستور أولا' في طرابلس، 'اليوم نحن بأشد الحاجة لدستور يحمي الوطن والمواطن وانتخابات برلمانية ورئاسية وفق هذا الدستور (...) الشعب يريد انتخابات حرة تعبر فعلا عن إرادته، ولا يريد إطالة الأزمة والدخول في مرحلة انتقالية جديدة'.
كما اقترح رئيس البرلمان عقيلة صالح، الثلاثاء، تشكيل لجنة جديدة تضم خبراء ليبيين وأجانب بهدف صوغ مسودة جديدة للدستور، طالبا من اللجنة البرلمانية التي شكلت لمتابعة موضوع الانتخابات الى تحديد موعد 'نهائي' لها قبل نهاية يناير.
في الوقت نفسه، أكدت ستيفاني وليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا، والسفير الأميركي في ليبيا على 'أولوية' إجراء الانتخابات.
وقال السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند: 'الملايين من الليبيين مستعدون للتصويت وتقرير مستقبلهم. حان الوقت لاحترام إرادتهم. يجب على أولئك الذين يتنافسون على قيادة ليبيا أن يضعوا في عين الاعتبار أن الشعب الليبي لن يقبل إلا القيادة التي تُمكَّنها الانتخابات'.
ويثير هذا الخلاف حول أولوية الانتخابات أم الدستور مخاوف من عدم التوصل لموعد قريب لإجراء التصويت وهو ما قد يدفع إلى إطالة أمد المرحلة الانتقالية في البلاد.
'حق أريد به باطل'
يرى الزميل الأول في المجلس الأطلسي، عماد الدين بادي، أن الاستحقاق الدستوري من الخطوات الأساسية لحلحلة النزاع في ليبيا، لكن الدعوات الحالية أغلبها تقع في خانة 'حق أريد به باطل'.
وأوضح بادي في حديثه مع موقع 'الحرة' أن عدة أطراف سياسية تستعمل الآن المسار الدستوري 'كاستراتيجية لتمديد بقائها في المشهد والمماطلة فحسب، من ضمنها الدبيبة، وعقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري'.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة البريطانية في بنغازي، أحمد المهداوي، أن الدبيبة 'يحاول كسب الوقت بالحديث عن الدستور لأنه يعلم أن قضية الدستور غير توافقية وستطيل من عمر الأزمة لذاك يحاول أن يسوق لهذا المسار حتى يضمن بقاء حكومته أكبر فترة'.
وأكد المهداوي في حديثه مع موقع 'الحرة' أن دعوة السفير الأميركي لاحترام إرادة الليبيين تأتي من خلال إدراك الإدارة الاميركية بأن الحل في ليبيا يأتي من خلال الانتخابات.
بدوره، قال المحلل السياسي، عبدالله الكبير، إن الدعوة للدستور في هذا التوقيت 'لا تخلو من مصلحة في تعطيل الانتخابات'؛ لأن مسودة الدستور جاهزة للاستفتاء منذ يوليو 2017.
وكانت الهيئة التأسيسية لصوغ مشروع الدستور في ليبيا اعتمدت رسمياً مشروع الدستور في يوليو 2017، بموافقة أكثر من ثلثي أعضائها.
لكن عددا من أعضاء الهيئة طعنوا بمشروعية إقرار المسودة كون التصويت شابته 'مخالفة إدارية'، مطالبين بعدم إحالتها على مجلس النواب للمصادقة عليها قبل إجراء الاستفتاء الشعبي، الأمر الذي قبلته محكمة البيضاء (شرق) وقضت ببطلان مسودة الدستور.
وأكد الكبير في حديثه لموقع 'الحرة' أن دعوة السفير الأميركي باحترام رغبة الليبيين في إجراء الانتخابات متسقة مع مواقف القوى الدولية؛ لإنهاء حالة الصراع والانقسام.
'ضرورة التركيز على الانتخابات'
وأكدت ستيفاني وليامز، الاثنين، في تغريدة على تويتر أن ليبيا ليست بحاجة إلى فترة انتقالية مطولة أخرى، وطالبت جميع الأطراف بالتركيز على العملية الانتخابية.
وأشارت إلى أن أي مُقترحات أخرى يجب أن تأخذ في الاعتبار تطلعات 2.5 مليون ناخب ليبي لعقد حدث انتخابي ضمن الإطار الزمني المحدد المنصوص عليه في خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وشددت وليامز أن الشعب الليبي يريد إنهاء الفترة الانتقالية التي طالت لسنوات ومعها ترتيبات تقاسم السلطة المتعاقبة. وأكدت على أنه لن يكون هناك حل لأزمة الشرعية التي اصابت كل المؤسسات الليبية إلا من خلال صناديق الاقتراع. كما دعت مجدداً كافة الأطراف المعنية للتركيز على العملية الانتخابية.
وتعذر إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 24 ديسمبر بسبب خلافات بين الأطراف الليبية حول قوانين الانتخابات وقوائم المرشحين.
وكان يفترض أن تكون الانتخابات الرئاسية تتمة لعملية سياسية انتقالية رعتها الأمم المتحدة على أمل أن تليها انتخابات تشريعية ترسي الديموقراطية في البلاد. لكن الصراعات على السلطة التي تغذيها تدخلات خارجية وانتشار السلاح والمرتزقة حالت دون استكمال العملية الانتقالية.
في 17 يناير الجاري، قال رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية، عماد السايح، إن المفوضية تحتاج من 6 إلى 8 أشهر لإجراء العملية الانتخابية بعد إزالة القوة القاهرة وإحداث تعديلات فنية على القوانين الانتخابية وتحديث سجل الناخبين.
'أمر سهل'
ويرى بادي أنه ما لم يتم النظر بموضوعية لأسباب فشل العملية السياسية والمسار الانتخابي السنة الماضية، والأطراف التي ساهمت في ذلك، 'فلن تكون الانتخابات حلا'.
وقال إن 'ليبيا تحتاج فعلا للانتخابات والشعب متعطش للتغير، لكن الهروب إلى الإمام لإجرائها بصرف النظر عن المسار الأوسع الذي من المفترض أن تكون جزء منه لن يجدي'.
من جهته، يرى المهداوي أن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية سيكون 'أمرا سهلا قبل 6 أشهر' إذا ما تم رفع القوة القاهرة التي تحدث عنها السايح أمام البرلمان، مشيرا إلى أن العملية الانتخابية منجز منها الكثير ولم يتبق إلا مرحله الاقتراع وهذا الأمر يمكن إنجازه، حسب رأيه.
وقال: 'لا تحتاج ليبيا إلى مرحله انتقالية جديدة، هي في حاجه إلى تغيير الأجسام السياسية الموجودة حاليا والحل في الذهاب إلى انتخابات'.
وأكد الكبير أن الظروف مهيأة تماما لإجراء انتخابات برلمانية تؤدي إلى توحيد السلطة التشريعية وتزيح الطبقة السياسية الحالية، التي 'لا تريد حلولا حقيقية للأزمة لكي تستمر في السلطة'.
وتعيش ليبيا في فوضى ودوامة عنف وصراعات بين القوى المتنافسة في شرق البلاد وغربها منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. ويلقى كل جانب دعما من جماعات مسلحة وحكومات أجنبية.
وقدرت الأمم المتحدة في ديسمبر 2020 أن هناك ما لا يقل عن 20 ألف مقاتل ومرتزق أجنبي في ليبيا، بمن في ذلك أتراك وسوريون وروس وسودانيون وتشاديين.
مصير الحكومة
ويدور خلاف بين القوى السياسية حول مستقبل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة. فقد أعلن رئيس مجلس النواب، الأسبوع الماضي، أن حكومة الدبيبة 'منتهية الولاية' بتاريخ الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، مؤكدا على وجوب إعادة تشكيلها.
في المقابل، شددت حكومة الدبيبة في مناسبات عدة على استمرارها في عملها، لحين التسليم إلى سلطة جديدة منتخبة.
الثلاثاء، أقر مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق (شرق) البلاد شروط الترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، دون تحديد موعد تغيير الحكومة المؤقتة ومقرها طرابلس.
وقال عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب في تصريح صحافي، إن 'المجلس قام باستئناف جلسة اليوم بحضور 120 نائباً، وأقر خلال الجلسة شروط الترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة'.
وبحسب أبرز الشروط ال 13، فإن المرشح لتولي رئاسة الحكومة، يجب عليه التعهد بعدم الترشح للانتخابات القادمة، إلى جانب ضرورة حصوله على تزكية 25 نائبا من مجلس النواب، وعدم حمله جنسية أجنبية، بحسب بليحق.
ولم يعلن مجلس النواب عن موعد الجلسة الخاصة بتغيير الحكومة المؤقتة التي يقودها عبد الحميد الدبيبة.
ويعتقد المهداوي أن حكومه الدبيبه 'مصيرها الزول خصوصا أنها أصبحت ضمن منظومة الفساد التي أنهكت الدول الليبية'، بحسب رأيه.
وذكر المحلل عماد الدين بادي أن مجلس النواب 'يريد تغيير الحكومة لتمديد أمد الأزمة والدخول في عملية محاصصة جديدة'. وأشار إلى أن 'التحجج بأن تغيير الحكومة سيرفع القوة القاهرة التي أدت لإجهاض المسار الانتخابي عذر لا يصدقه عاقل'.
ويرى الكبير أن 'حكومة الدبيبة ستستمر، ولن ينجح البرلمان في إسقاطها' إذا استمر الموقف الدولي ثابتا في دعم التغيير عبر بوابة الانتخابات فقط.
وشدد على أن استمرار الخلاف دون موقف دولي ضاغط وفي غياب تحرك من الشارع سيطول أمد الفترة الانتقالية ويحل موعد نهاية خارطة الطريق وتصبح البلاد على مفترق طرق.