اخبار العراق
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٣٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
إدارة ترمب تنشئ آلية تنسيق مشترك لضمان إعادة الدول مواطنيها من مخيمات الاحتجاز في شمال شرقي سوريا
نقلت الحكومة العراقية مئات العائلات من مواطنيها القاطنين في مخيم الهول بريف محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا إلى بلادهم، ضمن خطة لإعادة اللاجئين غير السوريين المقيمين في مخيمات شمال شرقي البلاد.
وأكدت مصادر محلية أن الحكومة العراقية نقلت أمس الإثنين 249 عائلة تضم 840 شخصاً معظمهم أطفال ونساء، موضحة أن بغداد نفذت منذ مطلع العام الحالي 13 عملية نقل شملت أكثر من 5 آلاف شخص من مواطنيها في سوريا، وذلك بالتنسيق مع السلطات السورية و'قوات سوريا الديمقراطية' والأمم المتحدة.
وأشارت المصادر إلى أن معظم العائلات تُنقل إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى، لتبلغ نسبة من نقلوا 50 في المئة من إجمال المواطنين العراقيين الموجودين في المخيم، مؤكدة أن عمليات إجلاء جديدة سيجري تنفيذها خلال الأيام المقبلة، في ظل مساع سورية وعراقية إلى الانتهاء من نقل جميع المواطنين العراقيين خلال الأشهر الستة المقبلة، وهو ما من شأنه أن يغلق ملف اللاجئين العراقيين في الأراضي السورية.
من جانبها أعلنت 'وزارة الهجرة والمهجرين' العراقية أنها أعادت منذ عام 2021 نحو 19 ألف شخص من مخيم الهول، بينهم رجال ونساء وكبار سن وشباب وأطفال عبر 29 عملية إجلاء'، وأوضح المتحدث باسم الوزارة علي عباس لـ 'وكالة الأنباء العراقية' أن 'الحكومة طبقت 78 برنامجاً تأهيلياً للعائدين من المخيم، ونجحت هذه البرامج في منع حدوث توترات بين العائدين والسكان المحليين في المناطق المستقبلة لهم'.
ويأتي إسراع الحكومة العراقية لنقل مواطنيها استجابة لمطالب سورية وأميركية بضرورة إخلاء المخيم وسحب مختلف دول العالم مواطنيها، سواء اللاجئين أو عائلات تنظيم 'داعش' الإرهابي، ومحاكمة المنتمين منهم للتنظيم بمحاكم وطنية في بلدانهم الأصلية، وكذلك يتضمن المطلب الأميركي إشراف الحكومة السورية على سجون أسرى تنظيم 'داعش'، وفق ما أعلنه الرئيس دونالد ترمب خلال لقائه نظيره السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض في الـ 14 من مايو (أيار) الماضي، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود.
ويقول عضو الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان في حديث إلى 'اندبندنت عربية' إن 'إدارة الرئيس ترمب تطالب الدول بإعادة مواطنيها من مخيمات الاحتجاز في شمال شرقي سوريا، ويجب تسريع عودة المعتقلين والنازحين لبلدانهم الأصلية، وقد قامت القيادة المركزية الوسطى بإنشاء آلية تنسيق مشتركة في هذا الشأن'، مضيفاً أن 'هناك تقدماً في شأن نقل المواطنين، وعلى رغم ذلك فإننا نريد تعزيز التعاون مع جميع الدول التي لديها مواطنين في سوريا، ونقدر بشدة الجهود العراقية في هذا الشأن، إذ أعادت الحكومة العراقية عدداً كبيراً من مواطنيها، وندعو باقي دول العالم لاتخاذ المسار نفسه'.
بدوره يؤكد الصحافي السوري أسامة الأحمد في تصريح خاص أن 'إخراج العائلات الأجنبية من شمال شرقي سوريا ستكون إحدى الخطوات التي تسرع في عملية دمج قسد بالدولة السورية، إذ إن ورقة الأجانب، وخصوصاً عائلات وأسرى عناصر تنظيم داعش الإرهابي، تعد إحدى أوراق التفاوض التي تستخدمها قوات سوريا الديمقراطية في جميع المحادثات، على رغم أن الموقف الأميركي واضح في هذا الشأن، وورد على لسان الرئيس ترمب بنفسه، إذ إن واشنطن تعد الداعم الأساس لـ قسد، وعلى رغم ذلك تؤكد ضرورة إخراج العائلات غير السورية، وأن تشرف قوات الحكومة على السجون'.
ويوضح الأحمد أنه 'كلما تراجع عدد السكان ذو الصلة بتنظيم داعش داخل المخيم كلما ضعفت قدرة قسد على استخدام هذا الملف كحجة لطلب دعم أمني أو سياسي أو تمويل، إذ إن عودة الآلاف لبلدانهم أو إحالة حالات إلى محاكمات وطنية تقلل من الكم الذي تُمسك به قسد، لكن فقدان القوات الكردية لورقة المخيم أيضاً لا يعني انقضاء كل نفوذها بل خفض جانب من أوراقها في المساومات أو المفاوضات التي تجريها مع الحكومة السورية، وعلى رغم ذلك فإن تعاونها في مسألة تسهيل عملية الإجلاء هو مؤشر على وجود رغبة في إنهاء هذا الملف والسير قدماً نحو سوريا الموحدة، وهذه كما أسلفنا هي الرؤية الأميركية العلنية والممثلة بدولة واحدة وعلم واحد وشعب واحد'.
والموقف العراقي المتمثل في إعادة مواطنيه ليس يتيماً، إذ إن دولاً عدة ومنها البوسنة وكوسوفو ومقدونيا الشمالية والنرويج والسويد والدنمارك، وكل هذه الدول بدأت بالفعل في إعادة مواطنيها المقاتلين السابقين في التنظيم ومحاكمتهم محلياً، إضافة إلى مواطنيها الذين يحملون جنسيتها من أسر وأقارب عناصر التنظيم المحتجزين في المخيمات.
لكن ليست كل الدول التي لديها مواطنون موافقة على إعادتهم، ففي أغسطس (آب) الماضي أصدرت وزارة الخارجية السويسرية بياناً جددت من خلاله رفض سويسرا استعادة مواطنيها المحتجزين في مخيمات شمال شرقي سوريا، بسبب الاشتباه بانتمائهم إلى تنظيم 'داعش'، وأوضح البيان أن 'سويسرا لا تزال متمسكة بالقرار الحكومي الصادر في مارس (آذار) 2019 في شأن إعادة المواطنين البالغين المرتبطين بالتنظيم'، وينص القرار على أن سويسرا لا تبادر إلى إعادة هؤلاء الأشخاص ولا تصدر لهم جوازات سفر، وتكتفي بتقديم الخدمات القنصلية 'ضمن حدود الممكن' عند وجود تهديد مباشر على حياتهم أو سلامتهم الجسدية.
والمواطنون السويسريون المحتجزون داخل مخيمات شمال شرقي سوريا هم ثلاثة رجال وامرأة مع طفلتها البالغة من ثماني سنوات.
وأشارت الوزارة إلى أنها تواصلت مع المواطنين المحتجزين والمسؤولين في 'قسد'، وأجرت زيارة قنصلية إلى مخيم 'روج' حيث تقيم المرأة وطفلتها، مؤكدة أن الأم رفضت عرضاً بإعادة الطفلة فقط، في حين يدور جدل قانوني داخل سويسرا حول هذه القضية، بين من يرفض استعادة هؤلاء المواطنين حفاظاً على الأمن الوطني، وبين من يدعو إلى استعادتهم بموجب الالتزامات القانونية والإنسانية للدولة تجاه مواطنيها.
أما على الصعيد الدولي، وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فلا يزال نحو 9 آلاف شخص يشتبه بارتباطهم بتنظيم 'داعش' قيد الاحتجاز داخل السجون من دون محاكمة، بينهم 5400 سوري و1600 عراقي و1500 من 50 دولة أخرى، وكذلك يوجد نحو 42500 شخص في مخيمي 'الهول' و'روج' من أقارب المشتبه بهم، مع لاجئين ونازحين وضحايا آخرين يشكل الأطفال 60 في المئة منهم، في حين تمثل النساء القسم الأكبر من النسبة الباقية البالغة 40 في المئة.
ويقول مصدر دبلوماسي سوري في تصريح خاص إن 'المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم براك تحدث إلى دول عدة لها مواطنون في سوريا وطلب منهم إجلاء رعاياهم كون دمشق غير ملزمة بمحاكمتهم أو استمرار احتجازهم إلى زمن غير محدد'، مشيراً إلى أن 'بعض الدول، ومنها العراق، استجابت بالفعل للدعوة الأميركية، لكن بعض الدول مثل سويسرا لم تستجب، وبالنسبة إلى قواتنا فهي قادرة على حراسة السجون التي يخضع فيها عناصر التنظيم الإرهابي، وقد طلبت منا الولايات المتحدة مرات عدة حراسة هذه السجون ونحن مستعدون لذلك'.
وفي المحصلة بدأت كثير من الدول بإعادة مواطنيها المحتجزين وإحالة محاكم المتهمين بالتنظيم إلى محاكم محلية في بلدانهم الأصلية، وذلك استجابة لمطالب الأمم المتحدة التي دعت خلال مناسبات عدة دول العالم إلى إعادة رعاياها من سوريا وتأهيلهم أو محاكمتهم، معربة عن قلقها من تخلي الدول عن مواطنيها أو سحب جنسيتهم بصورة تعسفية، ولعل مبادرة العراق بالإسراع في تنفيذ عملية الإجلاء خطوة يراها مراقبون إيجابية، لكن لا يُعرف مدى رضا 'قسد' عنها كونها ستسحب منها إحدى أوراق الضغط والتفاوض، وتظهر أمام المجتمع الدولي كشريك أساس في مكافحة تنظيم 'داعش' الإرهابي والإشراف على سجون أسراه والمحتجزين من العائلات داخل المخيمات.






































