×



klyoum.com
iraq
العراق  ٢٨ أذار ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
iraq
العراق  ٢٨ أذار ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار العراق

»ثقافة وفن» جريدة المدى»

يحيى الشيخ: اللوحة هي مختبر يدي وافكاري.. مساحة اللعب واستثناءاته

جريدة المدى
times

نشر بتاريخ:  الثلاثاء ٣ أب ٢٠٢١ - ٠٢:٥٨

يحيى الشيخ: اللوحة هي مختبر يدي وافكاري.. مساحة اللعب واستثناءاته

يحيى الشيخ: اللوحة هي مختبر يدي وافكاري.. مساحة اللعب واستثناءاته

اخبار العراق

موقع كل يوم -

جريدة المدى


نشر بتاريخ:  ٣ أب ٢٠٢١ 

يرى أن طرائق جديدة للرسم وطرائق جديدة للكتابة وكلاهما لا يقومان بمعزل عن الآخر   القسم الاول حاوره/ علاء المفرجي الفنان والكاتب العراقي يحيى الشيخ ولج من أبواب الفن، بعدة توفرت له وحده – أو هكذا يضن – فابتداء من بيئته الأولى،  قرية 'اللطلاطة' على خاصرة دجلة جنوب العمارة، شمال قلعة صالح التي كانت منبعاً لتلمس تفاصيل الطبيعة والإحساس بها، وتأثر كثيرا بالبيئة التي نشأ فيها وسط الموروث الصابئي المندائي. وليس انتهاء بتتلمذه على يد رواد الفن التشكيلي في بغداد، في أكاديمية الفنون الجميلة التي تخرج فيها عام 1966، ثم دراسته الماجستير في الكرافيك عام 1970 في يوغسلافيا، والدكتوراه في علوم الفن من معهد البحوث النظرية موسكو 1984. أحب الرسم منذ الصغر وصقل موهبته الفنية بالدراسة الأكاديمية

القسم الاول

حاوره/ علاء المفرجي

الفنان والكاتب العراقي يحيى الشيخ ولج من أبواب الفن، بعدة توفرت له وحده – أو هكذا يضن – فابتداء من بيئته الأولى،  قرية 'اللطلاطة' على خاصرة دجلة جنوب العمارة، شمال قلعة صالح التي كانت منبعاً لتلمس تفاصيل الطبيعة والإحساس بها، وتأثر كثيرا بالبيئة التي نشأ فيها وسط الموروث الصابئي المندائي. وليس انتهاء بتتلمذه على يد رواد الفن التشكيلي في بغداد، في أكاديمية الفنون الجميلة التي تخرج فيها عام 1966، ثم دراسته الماجستير في الكرافيك عام 1970 في يوغسلافيا، والدكتوراه في علوم الفن من معهد البحوث النظرية موسكو 1984. أحب الرسم منذ الصغر وصقل موهبته الفنية بالدراسة الأكاديمية

 

ولد الشيخ عام 1945 في مدينة قلعة الصالح في العمارة جنوب شرق العراق، قرية اللطلاطة التابعة لقلعة صالح في العمارة ، أحب الرسم منذ الصغر وصقل موهبته الفنية بالدراسة الأكاديمية. اقام اكثر من عشرين معرضا تشكيليا في الغرافيك والرسم واللبّاد بين بغداد وموسكو وطرابلس الغرب وتونس وتروندهايم في النرويج ولندن ومسقط وباريس، إضافة إلى مشاركاته العديدة في بيناليات عالمية منذ عام 1969: لوبليانا، كراكوف، وارشو، بوينس آيرس.

ينتمي الشيخ إلى جيل ستينات القرن الماضي الذي استلهم الكثير من تجارب جيل الخمسينات وجماعة 'الرواد' و'جماعة بغداد للفن الحديث' من أمثال جواد سليم وإسماعيل الشيخلي وفائق حسن ومحمود صبري وغيرهم.

حاورته المدى للوقوف عند اهم محطاته في الحياة وفي الفن.

         هل تحدثنا عن المصادر الحياتية والمعرفية التي أسهمت في تشكيل شخصيتك الابداعية منذ طفولتك؟

ذات يوم وجدت نفسي طفلاً في قرية 'اللطلاطة' على خاصرة دجلة جنوب العمارة، شمال قلعة صالح، قرية دخلت جغرافيا العراق لمئتي عام بقوة التاريخ، وخرجت منها بقوةً المستقبل. قرية تكرست للصابئة المندائيين وحدهم، عمرانها يتكون من اربعة وعشرين بيتاً طينياً بنيت على شارعين ترابيين بين النهر والمقبرة، بين برزخين متصالبين متلاحمين. اهلها كهنة شيوخ بلحى تبارك النهر كل صباح وتشطف وجهه، وصاغة مهاجرون تناثروا في البلدان بحثاً عن الرزق، وحدادون ذوو اكف عريضة خشنة متفحمة، نجارون تعلق بثيابهم نشارة خشب تفوح منه رائحة الراتنج، وفقراء، وابناء متخلفون خَلقياً، وأرامل، ونساء حانيات على ارحامهن. كل هذا وسط طبيعة باذخة بخضرتها، ومائها، وحيواناتها الأليفة، والبرية، والخرافات. في الجهة الاخرى من النهر، وسط أشجار الغَرب، في الاكمات الكثيفة تعيش خنازير وحشية مهولة، ولصوص خطرين.

عشت في البراري، وكنت برياً بكل ما تمنحه البرية من صفات خام، ولم يكن باب البيت الواسع، مخلوع المفاصل، غير مدخل للنهر والحشيش والريح. كانت القبور المتاخمة للقرية تخفي أمواتاً يفوق عددهم عدد الأحياء، جدود واعمام وأقران، تآلفت معهم ولعبت بين قبورهم، فتحصنت طفولتي ضد الموت والخوف. في ذاك المكان نشأة وورثتُ الطبيعة البكر، التي ما فتئ ملمس ترابها وريحها بين اصابعي.

عرّفتني اختي ليلى، على الكتب في العاشرة من عمري، وكانت تقرأ لي عن موسيقيين ورسامين وفلاسفة، وكان جبران خليل جبران ربان السفينة التي ابحرت بي ولم ترس حتى اليوم. كتب مليئة بالحكايات الغريبة، والرسوم والاساطير وأنا بين دفتيها صبي مليء بالوحدة والضجر في مدينة حرمتني من بساتيني وأعشاشي وضفافي، فما أجمل ساعات القراءة، والرسم ونسيان الواجبات المدرسية!، حتى انتهى بي الحال عام 62 إلى اقل معدل لنجاح لا يجيز بدخول الجامعات العراقية. انذاك كانت ابواب اكاديمية الفنون الجميلة التي تأسست مستقلة عن الجامعة وخارج شروطها، مشرّعة لمن يجتاز امتحان الرسم، على غرار مدرسة الفنون الجميلة في باريس 'بوزار'، فكانت ملاذي ومعبدي الاول الذي تكرست فيه نزعتي التجريبية، وعتبة مغامرات لم تنته حتى اليوم.

كما ولدت حراً في البراري بعيداً عن الطرق المعبدة، قيض لي أن اتعلم على أيدي اساتذة احرار نضجت تجربتهم وفاضت، تعبيريون وتجريديون: العراقي فائق حسن الذي أولاني عناية خاصة وأشرف على تدريبي، والبولوني رومان ارتموفسكي الذي زجني في أتون الكرافيك وفخرني كما يفخر الطين الخام، والمقدوني فيكتور لازسسكي، الذي ملكني شاقول القياس الجمالي على أسس معرفية مازلت أستعين به حتى اليوم . جازماً أقول إن هؤلاء نحتوا اعمدة الداخل، الذي اثثته بما سعيت إليه فيما بعد.

تقطعت حياتي وتوزعت سنواتي على الخارطة لثلاثين عاماً، وكانت صحراء نجد أول فرصة عمل تركتها بعد ستة أشهر بلا ندم، ثم البحرين التي سرقتُ بحرها وغادرت واللآلئ تملأ يدي، ثم لوبليانا شمال يوغسلافيا التي منحتني ما كان يعوزني من فن ومعرفة، ثم روسيا؛ امبراطورية الثقافة، التي عشقتها منذ صباي فنهلت من علمها ما استطعت، والشام التي اعادت لي طعم الشرق وتقشفه، ثم الصحراء العربية الكبرى؛ ليبيا، حيث عثرت على طلاسمي ولم يتبق لي غير الاستقرار والتفرغ لدرس وغربلة الحصاد. قال دوستفسكي ما يناسبني تماما 'ظننتها سنيناً وتمضي، وإذا بها كانت حياتي'.

إنها نشأة على أية حال، ولكن أية نشأة هذه؟ تخلع جذراً من تربته الام وتزرعه في ارض غريبة، ثم تخلعه، وتزرعه في أرض غريبة اخرى، وتخلعه... وتعاتبه إذا خان طبيعته الاولى؟

آه، لابد أنها أسئلة حمقاء مثل حماقة حياتنا...

         بين الرسم والغرافيك واللباد،  جربت تقنيات عدة؛ هل كان تلك اختبارات لقدرتها اعني (التقنيات) في ان تستوعب زخم الافكار ، ام إقرارا بحرية إختيار اشكال التعبير

للمادة طبيعتها الفيزيائية التي توحي بما تكنه من طاقة وطيف لوني وما تشيعه من معنى، هي لغة الرسام وقاموسه. ما تحققه الالوان المائية لا يحققه القلم ولا الحجر، وافكار الكرافيك ليست هي افكار الصوف. في مقتل نشاطي الذاتي كرسام استوعب الكرافيك افكاراً لم يتمكن الرسم بالالوان من أستيعابها وتحريرها. الرسم ليس افكار في ذهن الرسام، انما المادة في يده، انه صياغات تشكيلية لافكار قد تنكشف للمشاهد أو لا تنكشف. الرسم صيغة تكمن في مادة الرسم وليس العكس!

حاول 'بلوك' تحويل الرسم إلى مادة، غير أن الرسم تمرد بين يديه وفلت من اسار المادة، حتى أن 'بلوك' نفسه عجز عن تفسير افعاله فقال: (لا يمكنني تفسير ما يجري، فأنا ارسم وحسب) فيما كان الناس يشاهدون أنفسهم في خليط الألوان السائلة بلا نهاية في لوحاته.

حاولت في مشروع اللّباد تحرير المادة من عسف يد الفنان، وتركها على طبيعتها الخام، تماما كما تترك نقطة حبر على ورق مبلول. في المشروع الذي استغرق عشر سنوات، برهنت الياف الصوف على قدرتها في الإعراب عن اشراقات الطبيعة ونسيجها المتآخي بموزات معنى الاشراق الصوفي الذي قصدته في مشروعي 'اشراقات' الذي عرضته اول مرة في النرويج عام 2002 ثم في لندن وباريس وتونس ومن ثم في عمّان، واعتقد أنى افلحت في تحرير الصوف من معناه المتداول، وتحويله إلى رؤيا تحمل تاريخ المشاهد وتذكره بدفء الماضي وبحرارة جسده، وتعلن عن طبيعتها الخاصة. لابد للعمل أن يكون بعضاً من حياة المشاهد، إن عجز إن يكون كل حياته، ومشروع لبناء او ترميم الذات.

         الرسام، الشاعر، السيري، القاص اهتمامات متعددة نابعة من فضول ثقافي وتعطش معرفي.. اين تجد نفسك في ذلك؟

لابد أنها كانت ساعة مباركة في حياة أمي حين سقط رأسي من رحمها، لكنها ولا ريب، أمست ساعة محنة بعثرتني في الوجود المترامي الأطراف من حولي. نشأتُ مبعثر العواطف والاهتمامات، بين حضور الاشياء وغيابها، بين واقع صريح وواضح وخيال جانح جنوح الاحلام. عانيت من أحلام اليقظة ومازلت تحت وطأتها وقساوة نفيها. جربت الرسم بمختلف الاساليب، والكتابة بصيغ عديدة، لانتهي في زورق بلا مجاذيف! انها ليست جملة شعرية مجازية كما تبدو، إنما هي صيغة الوجود الفعلي حين يفقد المرء الحيلة والوسيلة للثبات في مكان واحد، ويعجز عن بلوغ القناعة ويكفر بنعمة الرضى، ولا يجني غير القلق الوجودي والشك... كلاهما نعمتي الفائضة الوحيدة... القناعة كفن فضفاض وبارد. لا أثق بمن وجد نفسه وقرر صيغته في مكان واحد، في كتاب واحد، في فلسفة واحدة، في اسلوب واحد، في قناعة واحدة، وفي امرأة واحدة.

أتذكر الساعة التي قررت فيها الرسم بوازع رغبة الرسم لا غيرها، وكلفت نفسي بالرسم والتفرغ له، كان ذلك وأنا أقرأ كتاباً واستنسخ منه اوراقاً وأتمرن على الكتابة الأدبية معتبراً نفسي كاتباً يكتب وقد تقمصت شخصية كاتب. وقد كان جبران خليل جبران الروح التي أشرفت على تمريني بحرص شديد ووهبتني ما يعينني، وكرستني بسرية تامة في محرابها. والحال أن الرسم انبثق في عملية الكتابة. آنذاك انبثق في يدي فعلا الرسم والكتابة معاً كونهما فعل واحد، وكانت يدي ذات الوجهين تقوم بهما في آن واحد.

في ممارستي اليومية للرسم التي هي تأكيد للذات، كانت الكتابة المرشد إلى طرائق الرسم وخصائصه التعبيرية. إنهما اغنية؛ كلمات وموسيقى. في الرسم انتهز فرصة مطاردة الكلمات واصطيادها. في الكتابة أفكر بالرسم، فتأتي الكلمات ملطخة بالألوان، وفي الرسم أفكر بالكتابة فتأتي الاشكال منسوجة بكلمات من هواء... احداهما يُغيّب الآخر او يستدعيه إلى الحضور.

كتبت ونشرت أولى كتبي وأنا في السادسة والستين، وكان في نيتي تقديم شهادة عن حياتي كرسام ومهاجر لأربعين عاماً. لكني لو جمعت ما كتبته قبل هذا العمر لكان ما كان، فالنار وحدها تتذكر والريح التي اخذت آلاف الأوراق المحترقة. آنذاك، اثناء الكتابة، كنت اريد بقوة أن اكرس نفسي للرسم وأن احرق الكاتب في يدي. غير أني فشلت فشلاً ذريعاً، وكنت في نية الشهادة بهذا الفشل فكتبت 'سيرة الرماد' وانتهيت إلى كاتب يكتب بوعي الكتابة ومسؤولياتها... في الاعتراف بالفشل تأكدت في حياتي خبرة الكتابة. في محاولة البراءة من الكاتب اعترفت بوجوده وهيمنته على عقلي وصياغاته التعبيرية. في محاولة غسل يدي من حبر الكتابة صقلت الكلمات فيها فبدى الكاتب أشد حضورا وتأكيداً. نحن نعترف لنبرأ فيما الفعل قد تم ووصل إلى هدفه وتجسد في الواقع وانتهى للاعتراف به.. هذا ما جرى لي.

         قلت في سيرة الرماد: (فشلت في أن أصبح كاتباً) .. ما الذي تعنيه بالضبط، هل هو اعتراف بقدرة الكتابة – اكثر من أي شكل تعبيري اخر - على الالمام بكل ما يزدحم في الذاكرة؟

وانا اجيب على اسئلتك يشغلني البحث عن العثرات التعبيرية مثل أعمى لاتجنبها، وابرهن لك ان اعترافي بفشلي كان اعترافاً كاثوليكياً لا أستثناء فيه أمام جبروت الكتابة وقوتها. الكاتب صيغة، توصيف لحالة ملموسة فعلية، كيان مشروط بمعايير واحكام، حامل لقب عليه الدفاع عنه، حتى لو كان فاشلاً في حقل الكتابة، ثم انه شكل من اشكال القناعة، التي اهرب منها... أما قلت هذا!

انعكس سلوكي كرسام تدرب طويلاً على التعامل مع لغة الرسم بلا محاذير باعتبارها لغتي المألوفة، على طريقتي في الكتابة. دعني أوضح الامر: أنا لا أخطط دراسات أولية لما ارسمه، فاللوحة هي مختبر يدي وافكاري، مساحة اللعب واستثناءاته. بمعنى لا بداية للرسم غير هاجس الرسم ولا نهاية غير بطلان هذا الهاجس او انتفائه. الأمر ليس حسياً كما يبدو، انما منطقاً تدرب عليه العقل والعين معاً. في الكتابة يبدو هذا مستحيلاً أن تبدأ هكذا، ويبدو أشد استحالة أن يستمر وينتهي هكذا. والحال أني أكتب واستثني وأكتب واستثني وينهي النص نفسه بنفسه! اشتغل في الكتابة كما يشتغل 'جاكومتي' مع تماثيله: ينصبها كتلاً طينية مكتنزة، ثم يأخذ بنهشها، يشفف لحمها مثل جزار بلا قلب، ويعرّي عظمها.

التجربة الأكبر لي في مخطوطة 'الغايات' [أربعة دفاتر بلغت صفحاتها المرسومة 280]، تفرغت لها طيلة عامين، كانت الكتابة تعني الرسم وكان الرسم كتابة. حاولت فيها بعد دراسة دامت عاماً كاملاً لتاريخ الطلاسم وأصولها السحرية وخصائصها الفنية، وعلاقة الرسم بالأفكار الغيبية، وتعبيرية الكتابة ودلالاتها وقدرتها الرمزية. في المخطوطة تأكدت في الكتابة امران: المعنى والشكل، ففيها كتبت بالمسمارية والهيروغليفية والعبرية والهندية والفارسية والمندائية والعربية واللاتينية، فيما تراوح النص الأدبي ما بين الواضح والمجرد، ما بين رموز السحر ومصطلحاته وبين الدلالة الشعرية، ما بين الكتابة والرسم المرافق لها... في المخطوطة ذاب كل من الرسم والكتابة في صيغة ثالثة ذات مفهوم آخر. طبعت المخطوطة بكتاب لم يجد طريقه للسوق بسبب خصوصيته، قدم له الشاعر الليبي عاشور الطويبي، وسهيل سامي نادر، وأرغب بشدة نشر مقدمته إلى جانب حوارنا، فهي من اعلى العتبات إلى حياتي.

التجربة الأخيرة لي، لم تنته بعد، هي مخطوطة 'الجزائر البلورية' [140 صفحة بقياس 40ـ/30 سم] عكفت عليها منذ عام، وانجزت منها 80 صفحة حتى اليوم، وهي رواية شعرية يتزامن الرسم والكتابة في صياغتها، التي لا يمكنني ان أقول انها صياغة نهاية حتى ارسم واكتب اخر صفحة فيها. خلال الكتابة تجددت الأشكال وخلال الرسم تجدد النص، حتى بات الوصول الى الضفة الأخرى يستلزم الغاء المسافة بين الرسم والكتابة، وإلا اظل معلقا بينهما مثل بندول ساعة يقطّر الزمن بلا هوادة.

في 'الجزائر البلورية' اكتشفت طرائق جديدة للرسم وطرائق جديدة للكتابة. كلاهما لا يقومان بمعزل عن الآخر. وهذا ينطبق عليّ تماماً.

         واضح انك تقف عند محطات مهمة من سيرة العراق، بينما تقول انت ' «سيرة الرماد» ليس كتاباً لتأريخ شخصي ' ويشير احد من كتب على هذا النص كتاب محيّر فعلا، على الأقل في جنس كتابته، فلا هو كتاب سيرة تقليدية، كما درجت عليه كتب السيرة المعلنة والمعتادة، ولا هو بكتاب نصوص في المكان وجمالياته، ولا هو كتاب في الرؤية إلى الفن وتفاصيله الفكرية والإنسانية أيضا، إنه قد يكون كل هذا معا، ومن هنا تميّزه”. ما تعليقك؟

كتبت 'سيرة الرماد' دون تقدير بأني سأحمل وزر الكاتب والكتابة على أثرها، وإلا لما فعلت. كتبتها دون التفكير بما ستؤول اليه مئآت الاوراق، فقد كان هناك ما ينغص عليّ وحدتي: من أنا بين هذه الجدران؟ وهل هذا الذي يتحرك ويرسم ويقضي ساعات طويلة مع البحر، هو أنا؟

 بتوصيفٍ بسيطٍ للكتاب يمكنني القول أنه عادة كتابة قبل أن يكون فكرة كتاب... وكأني ألقى حجراً في بركة راكدة، إتسعت الكتابة وكوّنت كتاباً كانت السيرة مدخلاً له، لكنها لم تكن معناه الوحيد، ولا غرضه. لهذا توارت سيرتي خلف افكاري ومفاهيمي ومحاولاتي الشعرية، وتجربتي في الرسم... واخيراً خلف موقفي من الوجود.

'سيرة الرماد' ليس كتاباً لتأريخ شخصي، وأن وردت فيه أرقام لسنوات هنا وهناك، فهي مجرد اشارات ورموز تشير إلى حقب تبدو كأنها جاءت من ازمنة غابرة. ليس في الكتاب وصف للواقع، ولا حتى للمكان الذي استقرت فيه الاحداث، فهو مكان سحري سرعان ما اغادره إلى مكان آخر حالما ينتهي السحر فيه.

ذهبت في الكتابة إلى ما هو جوهري، الامر الذي لا يبرر الحشو والجسور، ولم أكن مضطراً للاستجابة لفروض الشكل. كان همي منصباً على ما يسحرني ويبقيني في الصميم، لهذا تحديداً نجد في الكتاب الكثير من التجريد، بل تجريد خالص.

أمام الكتابة واجهتُ حقيقة التشظي والتشرذم الذي ساد سيرتي. تماما وكأني أواجه خلاءً شاسعاً عثرت فيه على لقى، واشارات مرور مازالت شديدة الوضوح متناثرة في الارجاء، فما كان مني إلا ان اجمعها في مكان صغير. عملياً افرغت ما يحيطني من شواهد وعلامات تدلني على حياتي وعلى طريقي في البحث عنها. فاكتشفت حجم الضياع الهائل الذي يحتويني. لم يكن مفاجئاً، فاعترفت بالفشل في أول صفحة من الكتاب. الفشل في استعادة حساسية الماضي، استعادة الاصوات، الروائح، الالوان، المناخ... والناس. لم يبق في ذاكرتي منها غير معاني مجردة.

أخر اخبار العراق:

المالية النيابية: نأمل وصول جداول موازنة 2024 إلى البرلمان الأسبوع المقبل

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
1

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 1610 days old | 920,628 Iraq News Articles | 8,923 Articles in Mar 2024 | 241 Articles Today | from 32 News Sources ~~ last update: 28 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



يحيى الشيخ: اللوحة هي مختبر يدي وافكاري.. مساحة اللعب واستثناءاته - iq
يحيى الشيخ: اللوحة هي مختبر يدي وافكاري.. مساحة اللعب واستثناءاته

منذ ٠ ثانية


اخبار العراق

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل