اخبار العراق
موقع كل يوم -جريدة المدى
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢١
حصيلة الضحايا بلغت 82 قتيلا و110 جرحى
المدنيون والفرق الصحية أنقذوا أكثـر من 200 مريض
بغداد/ حسين حاتم ... ترجمة/ حامد أحمد
بعد أقل من 24 ساعة على حريق مستشفى ابن الخطيب، سحب رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، يد وزير الصحة ومحافظ بغداد ومدير عام دائرة صحة الرصافة وأحالهم الى التحقيق.
بدورها، كلفت رئاسة مجلس النواب، لجنة الصحة والبيئة بتقصي الحقائق، لمعرفة أسباب وقوع الحادث وجمع المعلومات والبيانات لعرضها خلال الجلسة الاستثنائية التي تعقد (اليوم) الاثنين.
الى ذلك قررت محكمة تحقيق الرصافة توقيف مدير المستشفى لحين اكتمال التحقيق ومعرفة المقصرين في الحادثة.
وقرر الكاظمي إجراء تحقيق برئاسة وزير الداخلية، وعضوية وزيري التخطيط والعدل ورئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية الاتحادي وممثل عن مجلس النواب بصفة عضو مراقب.
وأشار الكاظمي وفق بيان أصدره مجلس الوزراء إلى أن التحقيق 'ينجز خلال خمسة أيام، ويقدم التقرير امام مجلس الوزراء، ويمكن الاستعانة بخبراء في مجال الداخلية والصحة'.
10 ملايين دينار لكل شهيد
وتم تكليف الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بإعداد مشروع قانون باعتبار ضحايا فاجعة مستشفى ابن الخطيب (شهداء)، وإحالته الى مجلس النواب، ومنح مبلغ عشرة ملايين دينار لذوي كل ضحية من ضحايا الفاجعة.
وتقول عضوة مجلس النواب النائبة غادة الشمري في حديث لـ(المدى) إن 'حادثة مستشفى ابن الخطيب ليست الأولى من نوعها'.
وتضيف الشمري أن 'هناك قضايا فنية وقضايا لوجستية'، لافتة الى انه 'من المفترض أن تكون اسطوانات الاوكسجين ضمن مواصفات خاصة وبعيدة عن غرف الخدج وصالات العمليات والحالات التي تواجه صعوبة'.
وتشير الى أن 'هذه الأمور يجب ان تكون تحت المراقبة، وذات مأمن'.
بدوره يقول النائب فاضل جبار في حديث لـ(المدى) 'اليوم ستكون لنا جلسة في مجلس النواب لمناقشة حادثة مستشفى ابن الخطيب، واتخاذ الإجراءات بحق المقصرين ومتابعة مجريات التحقيق'.
ويؤكد النائب عن كتلة صادقون على 'تكثيف الإجراءات الاحترازية في المستشفيات كافة لمنع تكرار وقوع مثل هذه الحوادث'، مشددا على 'محاسبة كبار المسؤولين في وزارة الصحة'.
اللحظات الأولى للحريق
يوم الأحد أعلنت وزارة الداخلية، ارتفاع حصيلة ضحايا الحريق الذي اندلع ليل السبت/الأحد في مستشفى ابن الخطيب في بغداد المخصص للمصابين بفايروس كورونا إلى 82 قتيلا و110 جرحى. وكانت حصيلة سابقة تحدثت عن مقتل 58 شخصا.
وذكرت مصادر طبية أن الحريق بدأ في اسطوانات أوكسجين 'مخزنة من دون مراعاة لشروط السلامة' في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة العراقية بغداد.
وقالت المصادر إن الحريق سببه الإهمال، المرتبط في أغلب الأحيان بالفساد، في بلد يبلغ عدد سكانه أربعين مليون نسمة ومستشفياته في حالة سيئة وهاجر عدد كبير من أطبائه بسبب الحروب المتكررة منذ أربعين عاما.
وفي فجر الأحد بينما كان عشرات من أقارب 'ثلاثين مريضا في وحدة العناية المركزة' في مستشفى ابن الخطيب المخصص للحالات الأكثر خطورة من الإصابات بكورونا، وصلت ألسنة اللهب إلى الطوابق العليا، بحسب مصدر طبي.
وقال الدفاع المدني 'لم يكن المستشفى يمتلك نظام حماية من الحريق والأسقف المستعارة سمحت بامتداد الحريق إلى مواد شديدة الاشتعال'. وأضاف أن 'معظم الضحايا لقوا حتفهم لأنهم نقلوا أو حرموا من أجهزة التنفس الاصطناعي بينما اختنق آخرون بالدخان'.
وأكد الدفاع المدني أنه تمكن من 'إنقاذ تسعين شخصا من أصل 120 مريضا وأقربائهم'، لكنه رفض ذكر أي حصيلة للضحايا على الفور.
وبينما سارع رجال الإطفاء لإخماد النيران وسط حشد من المرضى والزوار الذين كانوا يحاولون الفرار من المبنى، قدم العديد من السكان مساعدة.
استقالة الوزير وإعلان الحداد
وبعد الحريق، تصدّر وسم 'استقالة وزير الصحة' الكلمات المفتاحية على موقع تويتر في العراق.
وأكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي أعلن الحداد الوطني ثلاثة أيام، فتح تحقيق.
وقالت الحكومة في بيان إنّ الكاظمي عقد اجتماعا طارئا مع عدد من الوزراء والقيادات الأمنية والمسؤولين، وأمر في أعقابه 'بإعلان الحداد على أرواح شهداء الحادث'، معتبراً ما حصل 'مسّاً بالأمن القومي العراقي'.
ونقل البيان الحكومي عن الكاظمي قوله خلال الاجتماع الطارئ إنّ 'مثل هذا الحادث دليل على وجود تقصير لهذا وجّهت بفتح تحقيق فوري والتحفّظ على مدير المستشفى ومدير الأمن والصيانة وكلّ المعنيين إلى حين التوصّل إلى المقصّرين ومحاسبتهم'.
وشدّد الكاظمي على أنّ 'الإهمال بمثل هذه الأمور ليس مجرّد خطأ، بل جريمة يجب أن يتحمّل مسؤوليتها جميع المقصّرين'.
المدنيون جنود إنقاذ
وقال امير (35 عاما) إنه 'أنقذ في اللحظة الأخيرة إخوته الذين كانوا في المستشفى'. واضاف أن 'الناس هم الذين أخرجوا الجرحى' من المستشفى.
وبعد عدة ساعات من الحريق، أعلنت وزارة الصحة أنها 'أنقذت أكثر من مئتي مريض'، ووعدت بنشر 'حصيلة دقيقة للقتلى والجرحى فيما بعد'.
تجاوز عدد الإصابات بكورونا الأربعاء الماضي المليون بينما بلغ عدد الوفيات 15 ألفا. وقد سجلت البلاد على الأرجح، بسبب أعمار سكانها وهم من الأصغر سنا، عددا قليلا نسبيا من الوفيات.
وتقول وزارة الصحة إنها تجري فحوصا لحوالي أربعين ألف شخص يوميا وهو عدد منخفض جدا في بلد يضم عددا من المدن يزيد عدد سكانها عن مليوني نسمة وتشهد اكتظاظا.
وفي بداية آذار الماضي أطلقت حملة تطعيم خجولة في البلاد التي ما زال سكانها الذين يتجنبون الكمامات منذ بداية الوباء مشككين جدا.
وقالت وزارة الصحة إنه بين نحو 650 ألف جرعة من اللقاحات المختلفة تسلمها العراق كلها بموجب برنامج كوفاكس الدولي، تم إعطاء حوالي 300 ألف. كما كان هناك رجل يزور شقيقه في المستشفى قد وصف كيف كان الناس يقفزون من الشبابيك هروبا من النيران . وقال احمد زكي لـ(رويترز): 'انتشرت النيران كما لو كان هناك وقود.. اخذت شقيقي الى الشارع بقرب نقطة تفتيش. ثم رجعت وصعدت الى هناك الى آخر طابق الذي لم تصله النار. رأيت بنت في التاسعة عشر من عمرها وهي تختنق وكانت على وشك الموت. حملتها على كتفي ونزلت مسرعا. كان الناس يقفزون والاطباء يهرعون للسيارات. الكل كان يقفز من الشبابيك. استمريت بالرجوع للمستشفى لاخراج ناس من هناك .'
الوزير متهم
لكن النائبة زهرة البجاري، تحمل وزارة الصحة مسؤولية الحادثة. وتقول لـ(المدى) إن 'التقصير تتحمله إدارة المستشفى، وبالدرجة الأولى وزارة الصحة'.
وتشير النائبة الى أن 'لجنة الصحة النيابية توجهت الى موقع الحدث في مستشفى ابن الخطيب لمتابعة اجراء التحقيقات'.
وتلفت البجاري الى انه 'سيتم عقد جلسة برلمانية بحضور أعضاء مجلس النواب (اليوم) الاثنين في الساعة الحادية عشرة ظهرا، وستكون هناك استضافة لوزيري الصحة والكهرباء لمتابعة الملفات المتعلقة بهما'.
وتؤكد البجاري أن 'البلدان تقاس بالتربية والصحة ونحن نفتقر الى الاثنين'. وتشدد على أن 'رأس الهرم هو وزير الصحة وهو من يتحمل المسؤولية الأساسية في هذه الحادثة'.
بدورها، طالبت مفوضية حقوق الانسان، رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بإقالة وزير الصحة.
وقالت المفوضية في بيان تلقته (المدى)، إنها 'تابعت حادثة حريق مستشفى ابن الخطيب، حيث تشير التقارير الأولية إلى انفجار قنينة أوكسجين أدت إلى احتراق وإصابة عشرات المرضى الراقدين فيه بين قتيل وجريح'. وأضافت، أن 'هذه الحادثة أقل ما يقال عنها إنها جريمة بحق المرضى الذين اضطرتهم شدة المرض نتيجة الإصابة بوباء كورونا إلى اللجوء للمستشفى ومنح الثقة لوزارة الصحة والبيئة ومؤسساتها على أرواحهم وأجسادهم فكانت النتيجة أن يحترقوا فيها بدل التشافي'.
وأشارت المفوضية إلى 'ضرورة أن يقيل الكاظمي وزير الصحة ووكلاءه وإحالتهم إلى التحقيق، وإدارة الوزارة بشكل شخصي من موقع أدنى وبمعية فريق استشاري من أساتذة الجامعات والكليات الطبية العراقية'.
الرئيس يدعم التحقيق
عزّى رئيس الجمهورية برهم صالح، عائلات الضحايا وقال في بيان تلقته (المدى) أمس الأحد، إنه 'بنفوس يعتصرها الألم، تابعنا عن كثب الحادث المفجع الذي تعرّض له أهلنا في مستشفى ابن الخطيب في بغداد، ونتابع التقارير المتعلقة بها لحظة بلحظة'.
وأضاف: 'ندعم القرارات الصادرة عن الحكومة ومجلس النواب بضرورة فتح تحقيق فوري في أسباب وقوع الحادث واتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة المقصرين، واستنفار كافة الجهود لمعالجة جرحى الحريق، كما نشد على يد فرق الدفاع المدني وجموع المتطوعين في انقاذ المصابين واسعافهم'.
وتابع 'نتوجه بخالص العزاء لعائلات الضحايا، ونتقدم لأسر المصابين بكامل المواساة ونسأل الله أن يمن عليهم بالشفاء العاجل'.
بارزاني يعزي
الى ذلك، أصدر الرئيس مسعود بارزاني، بياناً حول الحريق، جاء فيه: 'أتقدم بتعازي لذوي ضحايا هذه الفاجعة وأشاركهم أحزانهم، آملاً الشفاء العاجل للجرحى'.
وأضاف بارزاني في بيانه: 'شعرت بحزن عميق لسماع نبأ حادث الحريق المفجع الذي وقع في مستشفى ابن الخطيب ببغداد، والذي أسفر للأسف عن وفاة وجرح عدد كبير من المواطنين'. من جانبه، أصدر رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، بياناً بشأن حادث الحريق المأساوي. وأكد أن حكومة إقليم كردستان مستعدة لتقديم جميع أشكال المساعدة اللازمة ولا سيما في مجال الصحة واستقبال المصابين أو أي مساعدة أخرى تخفف من المعاناة.
الصدر يتوجس
وفي سياق متصل، علق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، امس الاحد، على حريق المستشفى، معبرا عن خشيته من وجود علاقة بين حريق المستشفى وقرب الانتخابات.
وقال الصدر في تدوينة، تابعتها (المدى): 'أعزي نفسي قبل ان أعزي ذوي الضحايا الذين ذهبوا ضحية الإهمال والفساد في مستشفى ابن الخطيب.. وأسال الله أن يمن على ذويهم بالصبر والسلوان'.
وأضاف: 'بيد أني أخشى ان يكون ذلك الحادث الأليم ضمن حوادث ستكون متتالية من أجل أهداف يضمرها بعض المخربين لاستهداف امن العراق ولا سيما مع اقتراب الانتخابات وخصوصا مع اضمحلال فرصهم في الفوز بها وتراجع شعبيتهم بسبب أفعالهم بسبب أفعالهم غير الوطنية'.
وأشار الى انه 'من هنا أحذر الجميع من زج الشعب والأبرياء في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. فالتنافس على الانتخابات انما هو تنافس من اجلهم واجل أمنهم ولقمتهم بل وكرامتهم لا من اجل اذاهم وضررهم. ثم إن كان (وزير الصحة) مقصرا فعلى رئيس الوزراء إقالته فهو من اختاره ضمن وزارات أخرى مستقلة كان من المفترض أن تكون للكتلة الأكبر'.
وختم قائلا 'أخيرا: فإنني لم أزج نفسي ولا أتباعي بمثل هذه الحرب القذرة التي خبرناها مع كل اقتراب للانتخابات أو مع كل نتائج إيجابية لصالح فسطاط الإصلاح وكان آخرها حرق صناديق الاقتراع آنذاك'.
تعاطف دولي
الى ذلك، أعربت الأمم المتحدة عن أسفها إزاء الحادثة. وقالت الأمم المتحدة في بيان تلقته (المدى) إن 'الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للعراق جينين بلاسخارت تعرب عن الصدمة والألم من ضخامة الحادث المأساوي الذي تعرض له مصابو كوفيد-19 في مستشفى ابن الخطيب في بغداد ليلة السبت'. وأضاف البيان أن 'الممثلة الخاصة تدعو إلى اتخاذ تدابير حماية اقوى لضمان عدم تكرار مثل هذه الكارثة'. وتابع ان 'الأمم المتحدة تواصل تقديم الدعم الحاسم للقطاع الصحي في العراق وسط الوباء والعدوى المتزايدة وهي على استعداد لمواصلة مساعدة السلطات الصحية في مكافحة هذا المرض'. بدورها، تقدمت السفارة الأميركية في بغداد، بتعازيها لذوي ضحايا حريق مستشفى ابن الخطيب. وقالت السفارة الأميركية لدى بغداد في بيان مقتضب: 'تتقدم الولايات المتحدة بأحر التعازي لضحايا حريق مستشفى ابن الخطيب ببغداد وعائلاتهم، وقلوبنا وصلواتنا معهم ونأمل الشفاء العاجل للمصابين'.
وفي سياق متصل، أعرب سفير كندا لدى جمهورية العراق أولريك شانون، عن صدمته بخبر الحريق.
وقال شانون، في تغريدة على (تويتر): 'صدمت بخبر حريق مستشفى ابن الخطيب، أرجو الشفاء العاجل للمصابين والرحمة للضحايا'.
من جهته، أعرب السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيكي عن بالغ حزنه لحريق مستشفى ابن الخطيب.
وقال هيكي في تغريدة: 'اشعر بحزن بالغ لما تردد عن حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد'. هيكي أضاف، 'تعازينا القلبية للضحايا وعوائلهم وللشعب العراقي الذي فجع بهذه المأساة، لترقد ارواح الضحايا بسلام'.
الى ذلك، أعرب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، عن تعازيه للحكومة والشعب العراقي بمصرع وإصابة العشرات في مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد.
وقال ظريف في تغريدة على موقع تويتر: 'أتقدم بأحر التعازي للعراق حكومة وشعبا ولذوي الضحايا، سائلا الله تعالى الرحمة والغفران للضحايا والشفاء العاجل للمصابين'.
