اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
20 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: مع كل موسم انتخابي، تعود 'كومبارس السياسة' إلى الواجهة. مرشحون يظهرون فجأة بلا ماضٍ سياسي أو جماهيري، ويختفون سريعًا بعد إعلان النتائج. لا يملكون برامج، ولا مشاريع، ولا حتى وجوهًا مألوفة.. لكنهم يملأون القوائم ويتصدّرون اللافتات.
مشهدٌ يتكرّر، ويثير الشكوك حول وظيفة الانتخابات وجدواها، إذا ما تحولت إلى ساحة مزدحمة بالمرشحين الصوريين الذين يُستخدمون أدواتً لتلميع القوائم الكبيرة، أو لتشتيت أصوات الناخبين.
ومن تحت الطاولة، تُدار تحالفات غريبة بين أحزاب نافذة ومرشحين بلا انتماء، حيث تُجهَّز 'الحشوات الانتخابية' لاستكمال العدد القانوني أو لاحتلال خانة دعائية دون نيّة حقيقية في تمثيل الناس أو خدمة الجمهور.
وتُركَّز الأموال والإعلانات على 'المرشحين الحقيقيين' داخل القائمة، في حين يُستعمل الباقون كورقة تجميلية تتيح للكتل الكبرى لعبتها المفضلة: تضخيم عدد المرشحين لاستقطاب أكبر قدر من الأصوات عبر خطاب مبعثر وشعارات بلا روح.
وتضخّم عدد المرشحين لا يُعبّر دائمًا عن صحّة ديمقراطية أو اتساع في التمثيل الشعبي، بل قد يكون غطاءً لحالة من الفوضى المقصودة فيما وتلجأ الكتل الكبيرة إلى ترشيح أعداد ضخمة لتشتيت الأصوات واستنزاف حظوظ المستقلين والوجوه الجديدة.
وتُستخدم بعض الترشيحات كأدوات تكتيكية لا علاقة لها بالبرامج أو القواعد الجماهيرية، بل بتوسيع الحصة الانتخابية للحزب.
وتؤدي هذه الظاهرة إلى تمييع المشهد الانتخابي، وتُفقد الناخب القدرة على التمييز بين المرشح الحقيقي و'الكومبارس السياسي'.
ووفقًا لإحصاءات مفوضية الانتخابات، فإن عدد المرشحين لانتخابات 2025 بلغ 7926 مرشحًا، في رقم يُعد من الأعلى منذ أول اقتراع بعد 2003. وتصدرت بغداد القائمة بـ2353 مرشحًا، تلتها نينوى بـ1072، ثم ذي قار بـ580 مرشحًا. أرقام مهولة تكشف، من جهة، تعطّشًا للمشاركة السياسية، ومن جهة أخرى، فوضى الترشح التي تسمح بتضخيم الساحة الانتخابية دون ضمانات حقيقية للنزاهة أو التمثيل الواقعي.
وتتداول صفحات محلية على منصة X (تويتر سابقًا) تدوينات تُعبّر عن الإحباط من ظاهرة 'المرشح الديكور'، وكتب حساب يُدعى @iraqispeak: 'أغلب الأسماء مجرد حشوات انتخابية.. لا عندهم مشروع ولا نية خدمة.. مجرد صورة في بروشور حزبي'. وعلّق آخر قائلاً: 'انتخاباتنا تتحوّل من أمل إلى مسرحية.. كومبارس بالآلاف وبطل واحد يُتفق عليه مسبقًا'.
ويُعدّ المال السياسي اليوم الأداة الأخطر في صياغة نتائج الانتخابات، إذ لا يُستخدم فقط لشراء الأصوات الفردية، بل لشراء الولاءات الجماعية والمؤسساتية.
وتستثمر الأحزاب النافذة هذا المال للسيطرة على الساحة الإعلامية، عبر تمويل القنوات والمنصات الدعائية التي تروّج لمرشحيها وتهمّش المستقلين. ويُستخدم أيضًا لاختراق البُنى الاجتماعية، من خلال تقديم الأموال والهدايا لرؤساء العشائر لضمان أصوات مناطق بأكملها.
وتحوّلت بعض الزعامات التقليدية إلى وسطاء انتخابيين، يعقدون صفقات مغلقة تضمن الولاء مقابل المكاسب.
ويُهدد هذا التوظيف الواسع للمال السياسي نزاهة العملية الديمقراطية، ويُنتج برلمانات تُمثّل رأس المال لا إرادة الشعب.
ويخشى مراقبون من أن يتحوّل البرلمان المقبل إلى نسخة أكثر صورية من سابقه، حيث تختفي الأصوات الحرة وسط ضجيج الأعداد، ويُحتكر القرار من قِبل حفنة مدعومة بالمال والإعلام والتحالفات العمياء.
About Post Author
زين
See author's posts