اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
20 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: يدفع تزامن الصيف اللاهب في العراق مع تصاعد بعض الجرائم البشعة إلى التفكير في ما هو أبعد من الظرف الآني، إلى السؤال الأكبر: هل يمكن للحرارة أن تكون عاملاً محفزًا للعنف؟ وهل المناخ عنصر مساعد في تشكيل السلوك الإجرامي؟
ويحاول الخبير القانوني علي التميمي أن يقارب هذه الفرضية من منظور علمي، مستندًا إلى دراسات أميركية ويابانية وفرنسية أكدت أن ارتفاع درجات الحرارة يرتبط بزيادة معدلات العنف، خصوصًا في المجتمعات التي تعاني تقلبات موسمية حادة. ويفتح هذا الاستنتاج نافذة لتحليل أعمق، لا يستثني أثر البيئة على الجهاز العصبي، ولا يتجاهل المعادلات النفسية والهرمونية التي قد تخلّفها الحرارة العالية على الأفراد.
ويكشف التميمي عن تجارب علمية مخبرية وضعت مجموعات بشرية في بيئات حرارية مختلفة، وخلصت إلى أن الأفراد في الغرف الساخنة أظهروا سلوكًا أكثر عدوانية. كما يشير إلى تأثير ارتفاع درجات الحرارة على هرموني 'السيروتونين' و'التستوستيرون'، وهما مسؤولان عن التوازن المزاجي والسلوك الانفعالي، مما يعني أن المناخ قد لا يكون بريئًا تمامًا من إشعال فتيل العنف.
ويعود بنا هذا التحليل إلى واقع العراق، حيث يشكل انقطاع الكهرباء المزمن، والتعرض المباشر للشمس، والضغط الاقتصادي والاجتماعي، بيئة مثالية لاشتعال الأعصاب. لكن التميمي لا يسقط في فخ التبسيط، بل يشدد على أن الحرارة ليست العامل الوحيد، بل قد تكون مجرّد محفز وسط منظومة أعقد من الفقر، والبطالة، وتفكك البنى الاجتماعية، وانتشار المخدرات.
ويظل هذا الربط بين الطقس والجريمة محفوفًا بالتحفظات المنهجية، فليس كل من يشعر بالحر يُقدم على القتل، وليس كل عنيف كان ضحية حرارة. لذلك، فإن المعادلة تبقى مفتوحة على عناصر متعددة، تتداخل فيها البيولوجيا مع السيكولوجيا، والمناخ مع الأخلاق، والفرد مع الدولة.
ويذكّر التميمي بأن القيم الدينية والاجتماعية في العراق لعبت دورًا تقويميًا مهمًا، مشيرًا إلى صور الصبر في رمضان القائظ، والمواقف التي تجسّد 'كظم الغيظ' في أقسى الظروف. وهو بذلك يراهن على قدرة الضمير الجمعي في مواجهة الانفعالات الطارئة، مهما كانت شديدة الوطأة.
About Post Author
زين
See author's posts