استضافة المونديال.. مكاسب تسعى قطر لتحقيقها

قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير  حول استضافة قطر لنهائيات كأس العالم لكرة القدم إنها تسعى على غرار بعض جيرانها الأقوياء في المنطقة لاستخدام الرياضة من أجل حصد المزيد من الاهتمام الدولي وتعزيز مكانتها العالمية.

وتقول الصحيفة إن دول الخليج الغنية بالموارد 'تسعى من خلال استضافة الأحداث الرياضية الدولية الكبرى، وشراء فرق كرة القدم ، وحتى إنشاء دوري للغولف (السعودية) إلى لفت الانتباه والحصول على المكانة وتحقيق التنوع الاقتصادي والمصداقية السياسية'.

وأوضحت الصحيفة أن 'الاستثمارات الرياضة بالنسبة للدول الخليجية، التي تواجه كل منها تحدياتها الداخلية والخارجية، تدخل على الأغلب ضمن استراتيجية لتقوية الهوية الوطنية، وإضفاء شرعية أكثر على قياداتها، وهي موجهة إلى الجماهير المحلية والإقليمية والأجنبية'.

وبدأت السعودية بطولة جديدة للغولف هذا العام تتنافس مع بي.جي.إيه. واستضافت أبوظبي، مباريات الدوري الأميركي للمحترفين قبل بداية الموسم الشهر الماضي.

كما اشترى أفراد الأسرة الحاكمة والهيئات الحكومية في الإمارات والسعودية وقطر فرقا لكرة القدم في الخارج، بما في ذلك استحواذ صندوق الثروة السيادي السعودي على نيوكاسل يونايتد العام الماضي.

وتشير الصحيفة إلى أنه 'عندما قدمت قطر عرضا لاستضافة كأس العالم منذ أكثر من عقد من الزمان، كان الهدف ببساطة هو أن يعرفها العالم، وبالنسبة للبلد الذي يبلغ عدد سكانه 3 ملايين نسمة، فإن البطولة تتويج لـ 12 عاما من التحضيرات وأكثر من 200 مليار دولار'.

ومع توقعها حضور أكثر من مليون زائر، فإن البطولة 'جزء من حملة أوسع للحكام القطريين لإخراج بلدهم الإسلامي المحافظ من الغموض إلى دائرة الضوء العالمية، وهي استراتيجية تمولها ثروة هائلة من الغاز الطبيعي'.

'تأمين الذات'

ويأمل المسؤولون في الدوحة أيضا أن ترسخ كأس العالم قطر 'كدولة متميزة يمكن أن تقف بمفردها إلى جانب جيرانها الأكبر، بما في ذلك  السعودية والإمارات'.

ويرى سيمون تشادويك، أستاذ الرياضة والاقتصاد الجيوسياسي في مدرسة سكيما لإدارة الأعمال، ومقرها باريس، 'إن السبب الرئيسي وراء استضافة المونديال هو أن يكون خطوة لقطر في سعيها لتأمين نفسها وإثبات شرعية وجودها'.

وفي نفس السياق، قال الأستاذ المشارك الزائر في جامعة جورجتاون قطر، دانييل رايش، إن 'جهود الدوحة لربط نفسها بالمجتمع الدولي مدفوعة جزئيا بنقاط الضعف في قطر والتي تشمل دفاعها عن وجودها'.

وتظهر هذه النقاط جلية بوجودها بين جارين قوين، هما إيران والسعودية، والتي تحافظ تلك الدولة التي لا يزيد عدد سكانها عن 400 ألف مواطن على علاقات ودية معهما.

وفي عام 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل مع الدوحة، متهمة إياها بدعم المتشددين الإسلاميين والإرهاب والتدخل في شؤونهم الداخلية، بينما نفت قطر تلك الاتهامات ليشتد الخلاف على مدى سنوات ويتحول إلى توتر واضح وبشكل متزايد قبل أن يتم حله إلى حد كبير العام الماضي. 

ومع ذلك، كانت تلك لحظة هامة لقطر، وتقول مشاعل النعيمي، المدير التنفيذي للمبادرات الاستراتيجية في 'مؤسسة قطر،' وهي منظمة تعليمية وتنمية اجتماعية مدعومة من الأسرة الحاكمة: 'ما يحفزني حقا هو أنني أشعر بأننا نبني الأمة'. 

وتؤكد النعيمي أنه على مدار الـ 12 عاما الماضية، شعرت أن 'كل شخص في البلاد كان يعمل من أجل كأس العالم وتوحيد السكان خلال وقت عصيب'.

من جانب آخر، يشعر بعض القطريين بعدم الارتياح تجاه الطوفان القادم، بما في ذلك احتمال وجود حشود مخمورة، ما جعل الكثير منهم يخطط للبقاء في المنزل أو السفر إلى الخارج لتجنب ذلك تماما. 

ورغم ذلك، يشعر آخرون بسعادة غامرة لاستضافة بلادهم للمونديال لأول مرة في الشرق الأوسط، خاصة مع توافد الزوار والمشجعين وهم يرتدون أزياءهم التقليدية ويتوزعون في أسواق وشوارع وحدائق البلاد.

وأوضح الشاب السعودي، عبد المجيد الحارثي، أنه يعتزم البقاء في الدوحة حتى انتهاء البطولة، حتى لو خرج منتخب بلاده من البطولة مبكرا.

وأضاف أنه يشعر بالفخر بعد أن اعتاد مشاهدة تلك الفعاليات العالمية عن بعد وهي تقام في أوروبا وأميركا. وتابع: 'لدى معظم الدول الغربية والأوروبية صورة سيئة عنا.. نريد تحسين الطريقة التي ينظرون بها إلينا، وتغيير وجهة نظرهم لاسيما بشكل أساسي نظرتهم عن الإسلام'.