أكاديميون ومثقفون: الاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي ناجم عن تدني ثقافة الفرد والمجتمع

ذي قار/ حسين العامل

بحث اكاديميون ومثقفون من محافظة ذي قار تأثير مواقع التواصل الافتراضي على المجتمع العراقي، وفيما شددوا على اهمية تعزيز الامن السيبراني لمواجهة الصفحات الوهمية التي تستخدم لتضليل الرأي العام والتسقيط السياسي والاجتماعي، دعوا الى توظيف تقنيات التواصل الاجتماعي في رفع الوعي المجتمعي وبناء الانسان مع التركيز على طلبة المدارس.

يأتي ذلك خلال ندوة فكرية تحت عنوان (التواصل الافتراضي وتأثيره على المجتمع العراقي) اقامها اتحاد ادباء وكتاب ذي قار على قاعة المركز الثقافي في الناصرية وشارك فيها عدد من الأكاديميين والمثقفين.

وقال رئيس اتحاد ادباء وكتاب ذي قار علي الشيال لـ(المدى) انه 'من ضمن برامج اتحاد الادباء هو الانفتاح على المؤسسات العلمية والاكاديمية والثقافية وقد أقمنا الندوة بالتعاون مع نخبة من الأكاديميين في جامعة ذي قار لمناقشة قضايا اجتماعية تتعلق بآثار التواصل الافتراضي على المجتمع'، مؤكدا على اهمية 'وضع اسس علمية واكاديمية للعالم الافتراضي وتأثيره على الواقع الاجتماعي'.

وشدد الشيال على 'ضرورة تجسير العلاقة بين المؤسسات الثقافية والاكاديمية والمجتمع من خلال المبادرة بوضع الحلول العلمية للمشكلات الراهنة التي تواجه المجتمع'، داعيا 'جميع الأكاديميين للإسهام بالبرامج العلمية والثقافية التي يتبناها اتحاد الادباء في مجال الارتقاء بالمجتمع عبر طرح قضايا ملحة على طاولة البحث الاكاديمي واقتراح الحلول العلمية المناسبة لها'.

ويرى رئيس اتحاد ادباء ذي قار ان 'اختيار موضوعة التواصل الافتراضي جاءت من كونها قضية عصرية تدخل في صلب القضايا والعلاقات الاجتماعية وتنعكس آثارها بصورة مباشرة على بنية المجتمع العراقي والواقع المعاش'، لافتا الى ان 'الاستخدام الخاطئ للتواصل الالكتروني تسبب بكثير من المشاكل الاجتماعية واسهم وفاقم من آثار التفكك الاسري وهذا يستدعي وضع قواعد سليمة للاستخدام الامثل'.

ومضى الشيال قائلا ان 'كل ظاهرة جديدة ترافقها بعض السلبيات ودور المؤسسات الاكاديمية والمثقفين البحث عن حلول لها وتقويم الامر بما يخدم المجتمع'.

ومن جانبه قال الدكتور عدي شبيب من كلية الاداب جامعة ذي قار لـ(المدى) ان 'الندوة تناولت التأثيرات الايجابية والسلبية في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وقد تمثلت الايجابية منها بكونها قربت المسافات بين المجتمعات والافراد والمؤسسات ولاسيما بعد جائحة كورونا'، مشيرا الى 'اهمية التواصل الالكتروني في المجالات الاقتصادية والعلمية وبلورة الوعي المجتمعي ومواصلة التعليم'.

واضاف شبيب وهو احد الباحثين المشاركين بالندوة 'اما الجوانب السلبية فتتمثل في الاستغلال غير المناسب لتقنيات الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الافتراضي وهنا نحتاج الى تفعيل نظرية المراقبة والمعاقبة للفيلسوف ميشيل فوكو'، منوها الى 'اهمية المتابعة الاسرية لأفراد الاسرة من الاطفال وغير الراشدين ولاسيما ان هناك ميزة الكترونية وفرتها مواقع التواصل الاجتماعي تتمثل برقابة الوالدين'.

وشدد شبيب على 'اهمية الامن السيبراني لمواجهة الصفحات الوهمية التي تستخدم لتضليل الرأي العام واستغلال المواقع الالكترونية للتسقيط الشخصي والسياسي ولاسيما اثناء الانتخابات'، لافتا الى ان 'كل هذه الامور دعت اكاديميين في علم الاجتماع الى عقد ندوة لتسليط الضوء على جملة من القضايا التي تتعلق بالتواصل الافتراضي وآثارها على المجتمع'.

وبدوره، اشار الدكتور حبيب حرز علاوي خلال ادارته للندوة التي حضرتها (المدى) الى ان 'الافراط في استخدام التواصل الافتراضي يمكن ان يؤدي الى زيادة مخاطر الرهاب الاجتماعي ويقود الى زيادة الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية ويحول دون المشاركة بالمناسبات الاجتماعية ويحد من التعامل مع الآخرين بصورة مباشرة، كما يؤدي الى الكسل ونشر الاخبار والاشاعات الكاذبة'.

واضاف 'بالمقابل نرى ان توظيف مواقع التواصل الافتراضي بصورة صحيحة يمكن ان يعود بالنفع الاكبر على المجتمع اذ يمكن من خلالها اختصار الجهد والمال والوقت وتقريب المسافات وتبادل الآراء والافكار ناهيك عن الاستخدام في العملية التربوية وخلق منصة للتواصل مع الآخرين مهما بعدت المسافات بينهم'.

واسترسل علاوي 'كما يسهم التواصل الالكتروني بزيادة الوعي بالقضايا المجتمعية وتعزيز القوة الاقتصادية وفتح مجالات عمل اكبر تعزز القدرة الاقتصادية وتسهم بتقليص معدلات البطالة'.

محذرا علاوي من 'الاستخدام الخاطئ للتواصل الالكتروني من قبل شرائح وافراد يفتقرون الى الوعي الكامل بمخاطر الاستخدام السيئ وآثاره غير المحمودة على المجتمع'، مشيرا الى 'بروز مشاكل كبيرة من جراء ذلك انتبهت لها المؤسسات الحكومية بصورة متأخرة فاتخذت بعض الاجراءات بصددها ولاسيما في مجال الابتزاز الالكتروني'.

ويرى علاوي ان 'الحل الامثل لتدارك مشكلات التواصل الالكتروني يكمن برفع الوعي الاجتماعي وتبيان مخاطر الاستخدام السيئ'.

فيما يرى الدكتور محمد السهر من جامعة ذي قار ان 'أي عملية لتقييد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي هي فعل غير مجد مع وجود برامج الكترونية تتيح الاستخدام الالكتروني'، مبينا ان 'الاستخدام السيئ للتواصل الافتراضي ناجم من سوء ثقافة الفرد والمجتمع'.

واوضح د.السهر خلال مشاركته في الندوة أن 'الحل الامثل هو بتوظيف تقنيات التواصل الاجتماعي في رفع الوعي المجتمعي وبناء الانسان مع التركيز على المدارس'.

داعيا المؤسسات الحكومية الى استثمار البحوث العلمية والاكاديمية التي تطرحها الجامعات العراقية في وضع حلول للمشاكل الاجتماعية، منوها الى 'وجود آلاف البحوث العلمية في ادراج الجامعات لم تجر الاستفادة منها رغم ما يبذله الباحث الأكاديمي من جهود في هذا المجال'.