اخبار مصر

الرئيس نيوز

سياسة

زخم غير مسبوق لاستعادة الآثار المصرية المسلوبة: بين مطالبات الاسترداد والمقاومة الغربية

زخم غير مسبوق لاستعادة الآثار المصرية المسلوبة: بين مطالبات الاسترداد والمقاومة الغربية

klyoum.com

مثل افتتاح المتحف المصري الكبير (GEM) على هضبة الجيزة، نقطة انطلاق لحملة مصرية متجددة لاستعادة آثار نُهبت أو نُقلت إلى الخارج خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وعلى رأسها حجر رشيد وتمثال نفرتيتي.

المتحف الكبير يغيّر قواعد اللعبة

طرح افتتاح المتحف سؤالًا بسيطًا لكنه بالغ التأثير: إذا باتت لدى مصر بنية متحفية عالمية ومعايير حفظ وترميم متقدمة، فهل يظل احتفاظ المتاحف الغربية بقطع أثرية مصرية مبرّرًا؟ دعاة الإعادة، من بينهم علماء آثار وشخصيات عامة مثل زاهي حواس، يرون أن المتحف الجديد ينسف الحجة التقليدية التي طالما استخدمتها المؤسسات الغربية: "عدم قدرة مصر على الحفظ والعرض". الآن، تقف القاهرة أمام العالم وتقول بثقة: "ها هي قدرتنا؛ أعيدوا آثارنا"، وفقا لصحيفة ذا كوليكتور.

تمثال تحتمس يعود من هولندا: نموذج عملي للتعاون

في سياق هذا الزخم، أعلنت هولندا رسميًا إعادة تمثال حجري مصري نُهب خلال اضطرابات 2011–2012. التمثال، الذي يصوّر مسؤولًا رفيعًا في عهد الملك تحتمس الثالث (1479–1425 ق.م)، تم اكتشافه في معرض للفنون بمدينة ماستريخت عام 2022. رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته، ديك شوف، تعهّد بإعادته إلى القاهرة قبل نهاية العام، في خطوة اعتُبرت تجسيدًا عمليًا لاتفاقية اليونسكو لعام 1970، وتأكيدًا على أن التعاون الدولي يمكن أن يُنتج نتائج ملموسة.

بين الردّ الغربي والتحوّلات القضائية

ورغم أن تيارًا محافظًا في الغرب لا يزال يرفض فكرة الإعادة الشاملة، مستندًا إلى حجج تاريخية وثقافية — مثل اعتبار حجر رشيد وثيقة متعددة الطبقات ترتبط بالنهضة الأوروبية — فإن الميدان القضائي والدبلوماسي يسير في اتجاه مختلف. فقد نجحت مصر في استعادة قطع بارزة عبر إجراءات قانونية، منها رأس تمثال رمسيس الثاني من سويسرا، وتابوت خشبي من بلجيكا، وتماثيل من ألمانيا وفرنسا، بعد تحقيقات جنائية وتعاون أمني.

وأشارت صحيفة دايلي ميل إلى أن هذه الاستردادات لم تعد مجرد رموز وطنية، بل تحوّلت إلى ملفات قانونية تُدار عبر الإنتربول، المحاكم، والاتفاقيات الدولية. وهكذا تغيّر السؤال من "هل يجب الإعادة؟" إلى "كيف تُنفَّذ الإعادة؟"، ما يعكس نضجًا في أدوات المطالبة واحترافًا في إدارة الملف.

تحديات مستمرة وأسئلة معلّقة

ورغم هذا التقدّم، تبقى العقبات كبيرة. فبعض القطع انتقلت عبر صفقات شرعية أو كغنائم حرب قبل أن تتبلور قواعد القانون الدولي، ما يعقّد المطالبة القانونية. كما أن غياب سجل شامل ودقيق للقطع المنهوبة يُصعّب عملية التوثيق، فضلًا عن اختلاف قوانين الملكية الثقافية من بلد لآخر.

وفي قلب هذا الجدل، يبرز سؤال عملي: هل تُشكّل بعض القطع "قيمة عالمية للعلم" تبرّر بقاءها في متاحف دولية؟ المتاحف الغربية تردّ بأن تواجد القطع بها يسهل البحث والتبادل العلمي، بينما تردّ القاهرة بأن التعاون العلمي لا يعني الاحتفاظ بما سُلب، بل يمكن أن يتم عبر استعارات طويلة الأمد، أو معارض متنقلة، ومشروعات مشتركة — وهي نماذج تنظيمية محكمة بدأت بالفعل بين مصر وعدة عواصم أوروبية.

هل يعود حجر رشيد؟

يبدو المشهد اليوم مختلفا جذريًا عن السنوات الماضية، فهناك زخم سياسي وقانوني حقيقي لصالح استعادة التراث، مدعوم ببنية متحفية عالمية في الجيزة، ونتائج ملموسة على الأرض. لكن السؤال الأكبر يبقى: هل سيعود حجر رشيد إلى مصر؟ الإجابة ليست فنية فحسب، بل سياسية وتاريخية، تتطلب تواطؤًا قانونيًا ودبلوماسيًا ونقاشًا عامًا يعيد تعريف معنى "المعروض العالمي" مقابل "الحق الوطني" في الحفاظ على التاريخ.

*المصدر: الرئيس نيوز | alraeesnews.com
اخبار مصر على مدار الساعة