الإفتاء تفند شبهات الصلاة في مساجد الأضرحة وتوضح حكم قراءة القرآن عند الدفن
klyoum.com
تلقت دار الإفتاء المصرية استفسارًا مفصلًا من أحد المواطنين يسأل فيه عن موقف الشرع من بعض الشباب الذين يتجنبون الصلاة في المسجد الذي توجد به أضرحة لصالحين، ويقومون بأداء صلاة الجنازة عند القبر بعد الدفن، كما يعترضون على قراءة القرآن أثناء مراسم الدفن، ويطالبون الناس بالوقوف في صفوف والاكتفاء بقول: “استغفروا لأخيكم فإنه الآن يُسأل”.
وطلب السائل فتوى رسمية لمواجهة ما وصفه بانتشار هذه الأفكار في قريته والقرى المجاورة، خاصة فيما يتعلق بهدم الأضرحة والصلاة على الميت عند القبر.
وقد أوضحت دار الإفتاء، بالاستناد إلى الأدلة الشرعية، أن الادعاء بعدم جواز صلاة الجنازة أو غيرها من الصلوات في المساجد التي تحتوي على أضرحة هو قول باطل لا أصل له، مؤكدة أن الصلاة في هذه المساجد ثابتة بالقرآن والسنة وإجماع الأمة وعمل الصحابة ، فذكر القرآن الكريم اتخاذ مسجد عند قبور أصحاب الكهف، وبيّن المفسرون أن هذا دليل على جواز بناء المساجد عند قبور الصالحين.
كما استشهدت بوقائع من السيرة النبوية، مثل بناء مسجد على قبر أبي بصير بحضور عدد كبير من الصحابة دون اعتراض، وبحديث النبي الذي يذكر أن في مسجد الخيف قبور سبعين نبيًا، إضافة إلى دفن سيدنا إسماعيل وهاجر رضي الله عنها بالحِجر، وإقرار النبي لذلك دون نهي.
وأكدت الدار أن الصحابة أجمعوا على جواز الصلاة في المساجد التي تضم قبورًا، مستشهدة بواقعة دفن النبي في حجرة السيدة عائشة المتصلة بالمسجد، ثم دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في المكان نفسه دون مخالفة من أحد.
وبينت أن القول بخصوصية ذلك للنبي لا دليل عليه، خاصة أن السيدة عائشة كانت تصلي في الحجرة نفسها قبل توسيع المسجد.
كما تناولت الدار توضيح معنى حديث: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، مؤكدة أن المقصود به السجود للقبور وتعظيمها على وجه العبادة، لا مجرد وجود قبر داخل مسجد أو الصلاة بجواره، وهو ما يقرره كبار المحققين من العلماء.
وبناءً على هذه الأدلة، أكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة في المساجد التي تحتوي على أضرحة صلاة صحيحة وجائزة بل ومستحبة، وأن القول بتحريمها افتراء لا يعتد به.
كما شددت على أن ترك صلاة الجنازة والامتناع عن المشاركة فيها بحجة وجود ضريح يعد مخالفة شرعية صريحة، لأن صلاة الجنازة فرض كفاية، وقد رغّب الشرع في أدائها واتباع الجنائز حتى دفنها.
وأشارت الدار إلى أن إقامة جماعة أخرى خارج المسجد أو عند القبر بدعوى عدم جواز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر هو فعل محرم؛ لما فيه من تفريق جماعة المسلمين والاعتداء على الإمام الراتب، ولأنه يقوم على قول بلا علم يخالف نصوص الشرع التي تأمر بالاجتماع وتحذر من التشتت.
واختتمت دار الإفتاء بذكر الأدلة القرآنية والنبوية التي تحض على لزوم الجماعة، من بينها قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، وكلام النبي المتكرر في التحذير من الفرقة والاختلاف بين المسلمين.