مصافحة شرم الشيخ.. صفحة جديدة بين ترامب وعباس بعد سنوات من القطيعة
klyoum.com
أخر اخبار مصر:
رئيس اليمن الأسبق يكشف ملابسات استقالة الشعبي في يونيو 1969قمة شرم الشيخ تكشف تحوّلًا في المزاج الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية
في مشهد لافت اختصر سنوات من التوتر السياسي، تبادل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفلسطيني محمود عباس مصافحة ودية وطويلة خلال قمة شرم الشيخ، التي جمعت أكثر من خمسٍ وعشرين زعيمًا عالميًا، في مسعى لإنهاء الحرب في غزة.
ووصفت صحيفة نيويورك تايمز اللحظة بأنها "من أبرز المشاهد العامة في القمة"، معتبرةً أنها تحمل رسائل رمزية قوية نحو تجاوز مرحلة الجفاء السياسي بين واشنطن ورام الله.
من القطيعة إلى المصافحة
التقارب المفاجئ بين ترامب وعباس جاء بعد مرحلة من الفتور الحاد في العلاقات الثنائية، إذ كان الرئيس الفلسطيني قد مُنع مؤخرًا من دخول الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما اضطره لإلقاء كلمته عبر الفيديو. كما غاب عن مؤتمر دولي نظمته فرنسا والسعودية لبحث آفاق الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وبررت وزارة الخارجية الأمريكية حينها القرار بـ"أسباب أمنية"، متهمة السلطة الفلسطينية بأنها "تقوّض فرص السلام" عبر تحركاتها القانونية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الدولية، ومساعيها للحصول على اعتراف أحادي بالدولة الفلسطينية.
لكن خلال القمة، بدا أن صفحة جديدة تُفتح. فحين أشار ترامب إلى عباس في خطابه قائلًا: "من الجيد أن تكون معنا"، دوّى تصفيق القاعة، في مشهد عكسته لغة الجسد المتبادلة بين الزعيمين، إذ ربت ترامب على يد عباس مبتسمًا، ثم رفع إبهامه علامة على الرضا.
وساطة خلف الكواليس
هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل سبقته تحركات غير رسمية ساهمت في تليين الأجواء بين الطرفين. فقد لعب مسعد بولس، رجل الأعمال اللبناني الأمريكي وحمو ابنة ترامب، إلى جانب بشارة بحبح، أحد الناشطين الفلسطينيين الأمريكيين المؤيدين لترامب، دورًا في إيصال رسالة شخصية من عباس إلى الرئيس الأمريكي في يوليو الماضي.
عبّر عباس في الرسالة عن إدانته لمحاولة اغتيال ترامب التي وقعت حينها، مؤكّدًا رفضه للعنف وداعيًا إلى فتح قنوات حوار جديدة. وردّ ترامب بخط يده قائلًا: "كل شيء سيكون على ما يرام."
تلك اللفتة الإنسانية فتحت الباب أمام تواصل أوسع، تُوّج باللقاء المباشر في شرم الشيخ.
خطة سلام جديدة برؤية قديمة
وفي كلمته أمام القمة، طرح ترامب خطة سلام من عشرين نقطة لإنهاء النزاع في غزة، تضمنت دعوة السلطة الفلسطينية إلى إجراء إصلاحات شاملة قبل أن يُسمح لها بلعب دور في إدارة القطاع.
الخطة لم تتضمن اعترافًا بدولة فلسطينية مستقلة، لكنها أشارت إلى أن "الظروف قد تنضج لاحقًا لتمكين الفلسطينيين من تقرير مصيرهم" - وهو ما اعتبره مراقبون تحولًا تدريجيًا في الخطاب الأمريكي، وإن ظل مشروطًا بمحددات الأمن الإسرائيلي ورؤية واشنطن للمنطقة.
لحظة سياسية فاصلة
ورغم غياب الاتفاقات الملموسة، فإن قمة شرم الشيخ بدت وكأنها نقطة انطلاق لمسار أكثر هدوءًا وواقعية في مقاربة القضية الفلسطينية، خاصة مع تصاعد الدعم الأوروبي لمطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما أكدت رئيسة وزراء إيطاليا خلال القمة.
في هذا السياق، يسعى محمود عباس إلى إعادة بناء الجسور مع واشنطن، بعد سنوات من القطيعة التي أعقبت اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ووقف المساعدات عن وكالة الأونروا.
وتكشف التحركات الأخيرة عن رغبة فلسطينية في استثمار الزخم الدولي المتنامي الداعم للاعتراف بالدولة الفلسطينية، والعودة إلى طاولة التفاهمات السياسية، حتى مع أطراف كانت تُعدّ سابقًا خصومًا مباشرين.
بدا واضحًا أن القيادة الفلسطينية تُدرك أن الانخراط في العملية السياسية، بدل المقاطعة، بات الخيار الأكثر واقعية في ضوء التغيرات الإقليمية والتحالفات الجديدة.
وفي المقابل، تسعى إدارة ترامب إلى إعادة صياغة دورها في الشرق الأوسط عبر بوابة غزة، في محاولة لتحقيق اختراق سياسي يوازن بين المصالح الأمريكية والاعتبارات الإسرائيلية، ويمهّد لمرحلة ما بعد الحرب.
وفق خبراء، تمثل مصافحة شرم الشيخ أكثر من مجرد لحظة بروتوكولية؛ إنها إشارة إلى بداية مسار جديد يعيد رسم العلاقات بين واشنطن ورام الله، ويمنح التسوية السياسية في الشرق الأوسط فرصة أخرى بعد سنوات من الانسداد والجمود.