جيش الاحتلال الإسرائيلي يواجه أزمة تجنيد غير مسبوقة
klyoum.com
أخر اخبار مصر:
وزير الخارجية: نطالب بضرورة التوصل إلى هدنة شاملة في السودانيواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي أزمة تجنيد غير مسبوقة، بعدما كشفت تقارير صحفية إسرائيلية عن تراجع حاد في إقبال الشباب على الالتحاق بالخدمة العسكرية، ولا سيما في الوحدات القتالية.
وبحسب تايمز أوف إسرائيل، فإن وحدات النخبة مثل جولاني والمظليين سجلت انخفاضًا واضحًا في نسب المتقدمين، مقابل ارتفاع متسارع في طلبات الإعفاء لأسباب نفسية واجتماعية، في وقت لا تزال فيه العمليات في غزة مستمرة وتقتضي كثافة بشرية عالية.
أزمة تتفاقم
ووفقًا لصحيفة هآرتس، تراجعت نسبة المتقدمين للخدمة إلى أدنى مستوى منذ سنوات، بالتزامن مع ارتفاع معدلات الانسحاب المبكر.
وتشير الأرقام إلى أن نحو ثلث المجندين الجدد يطالبون بإعادة توزيعهم بعيدًا عن الوحدات القتالية، فيما ارتفعت طلبات الإعفاء النفسي بنحو 20% مقارنة بالعام الماضي.
وترى الصحيفة أن هذه المؤشرات تعكس حالة إرهاق مجتمعي واضحة نتيجة طول أمد الحرب، وتزايد الخسائر البشرية، وتصاعد الضغوط الداخلية على المجتمع الإسرائيلي.
تحولات اجتماعية تعيد تعريف العلاقة مع الجيش
العوامل الاجتماعية تمثل أحد محركات الأزمة. فبحسب فايننشال تايمز، تغيّرت أولويات الشباب الإسرائيلي باتجاه التعليم العالي وقطاعات التكنولوجيا والابتكار، على حساب الانخراط في الخدمة العسكرية الشاقة والممتدة.
كما أن التوتر بين التيار العلماني والمتدين يزيد تعقيد المشهد، إذ يشعر قطاع واسع من الشباب العلمانيين بالرفض لفكرة إلزامهم بالخدمة مقابل منح إعفاءات واسعة لطلاب المدارس الدينية (الحريديم)، ما يخلق شعورًا متزايدًا بـ"اللاعدالة" داخل المجتمع.
الاقتصاد يضغط
البعد الاقتصادي يساهم بدوره في تعميق الأزمة. فارتفاع تكاليف المعيشة في مدن كبرى مثل تل أبيب والقدس يجعل سنوات الخدمة العسكرية عائقًا أمام دخول سوق العمل.
وتشير تقارير هآرتس إلى أن بعض العائلات باتت تدفع أبناءها نحو التعليم أو السفر كوسيلة لتجنب الخدمة، معتبرة أن المستقبل المهني والمالي أولوية تفوق الالتزام العسكري.
كما أن الفجوة الواسعة بين رواتب الجنود والفرص في القطاع التكنولوجي تجعل الخدمة أقل جاذبية، خصوصًا لدى الفئات الشابة ذات الكفاءات العالية.
من الناحية الثقافية، فقد الجيش جزءًا كبيرًا من صورته التاريخية كـ"بوتقة صهر" للمجتمع الإسرائيلي.
وتشير تايمز أوف إسرائيل إلى أن النظرة السائدة لدى قطاعات من الشباب تغيّرت، إذ بات الجيش يُرى كامتداد للحكومة وأداة سياسية أكثر منه مؤسسة وطنية جامعة.
كما أن الانتقادات المتصاعدة لعملياته في غزة والضفة الغربية أسهمت في انقسامات أعمق داخل المجتمع، ما جعل الانتماء إلى المؤسسة العسكرية أقل ارتباطًا بالهوية الوطنية وأكثر خضوعًا للجدل السياسي.
انعكاسات مباشرة على الجاهزية العسكرية
تراجع الحافز لدى الشباب لا يقتصر على الأعداد، بل يطال الجودة والانضباط وجاهزية الوحدات القتالية.
وبحسب هآرتس، فإن الجيش بدأ يعتمد بشكل متزايد على قوات الاحتياط لسد النقص، وهو خيار يثير مخاوف حول قدرة الجيش على الاستمرارية في حال اتسع نطاق التهديدات الإقليمية، سواء في غزة أو على الحدود الشمالية مع لبنان.
محاولات معالجة تواجه معضلة أعمق
جيش الاحتلال، وفقًا لتقارير فايننشال تايمز، بدأ في دراسة إجراءات لتعزيز التجنيد، تشمل زيادة الحوافز المالية وتوسيع برامج الدعم النفسي وإطلاق حملات دعائية لتحسين صورته.
لكن هذه الجهود تصطدم بجذور الأزمة الأكثر عمقًا، والمتعلقة بانعدام الثقة بين المجتمع والمؤسسة العسكرية، وتفاقم الانقسامات السياسية التي تشهدها إسرائيل خلال السنوات الأخيرة.
وتخلص تايمز أوف إسرائيل إلى أن ما يجري يتجاوز أزمة تجنيد تقليدية، ليعكس تحولات بنيوية داخل المجتمع الإسرائيلي. فالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تتضافر لتضع الجيش أمام اختبار تاريخي: كيف يحافظ على جاهزيته في ظل تراجع الدعم الشعبي وتآكل القدرة على اجتذاب الأجيال الجديدة؟
وإذا استمر هذا المنحنى التراجعي، فإن جيش الاحتلال سيواجه معضلة استراتيجية تهدد قدرته على إدارة الصراعات المتصاعدة في الإقليم، ما قد ينعكس على بنيته الداخلية وعلى موقعه داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه.