خطة ترامب لوقف الحرب في غزة.. مشروع لتصفية القضية الفلسطينية وتكريس المكاسب الإسرائيلية تحت غطاء السلام
klyoum.com
تثير الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب الدائرة في غزة عاصفة من الجدل على الساحتين الإقليمية والدولية، لما تحمله من ملامح مثيرة للانقسام بين من يصفها بكونها محاولة لإعادة فتح مسار دبلوماسي يفضي إلى تهدئة، وبين من يعتبرها تكريساً لسياسة الانحياز الأمريكي التقليدي تجاه إسرائيل.
فالخطة، التي روج لها تحت لافتة “السلام” و”إنهاء النزاع”، تضم بنوداً واشتراطات صادمة في نظر كثير من المراقبين، إذ تغفل المطالب الفلسطينية، وتتجاهل الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
ويرى خبراء القانون والعلاقات الدولية أنه ليس سوى امتداد لنهج أمريكي طويل يقوم على فرض حلول تضمن لإسرائيل مكاسب ميدانية وسياسية، مقابل إضعاف الموقف الفلسطيني وتعميق حالة الانقسام.
وفي الوقت نفسه، يعكس توقيت الإعلان عن الخطة محاولة لاستثمار المشهد المأزوم في غزة وإعادة صياغة التوازنات الإقليمية بما يتسق مع المصالح الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء.
أكد الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي في تصريحات لـ"صدى البلد" أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعلنة لوقف الحرب في غزة تمثل مشروعا متكاملا لتصفية القضية الفلسطينية وتكريس المكاسب الإسرائيلية تحت غطاء دبلوماسي زائف.
وأوضح الدكتور مهران إن الفحص القانوني الدقيق لبنود الخطة يكشف بوضوح أنها تخدم المصالح الإسرائيلية بنسبة مائة بالمائة دون أي اعتبار حقيقي للحقوق الفلسطينية المشروعة.
وبين أن الخطة تتجاهل بشكل كامل قرارات الشرعية الدولية ولا تتضمن أي إشارة لإنهاء الاحتلال أو قيام دولة فلسطينية مستقلة أو حق العودة أو أي من الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
وأضاف أن البنود المتعلقة بنزع السلاح من غزة وفرض حكومة تكنوقراطية غير سياسية وخروج قيادات حماس من القطاع كلها تهدف لتحقيق ما فشلت إسرائيل في تحقيقه عسكريا على مدى أكثر من عام من العدوان الوحشي.
ولفت مهران إلى أن هذه الشروط تنتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واختيار قيادته السياسية وفقا للقانون الدولي.
وحذر أستاذ القانون من أن الخطة تفتقر تماما للضمانات الدولية الملزمة التي تكفل تنفيذها بشكل عادل مؤكدا أن غياب آليات الرقابة الدولية والجداول الزمنية المحددة والعقوبات على عدم الالتزام يجعلها عرضة للتلاعب الإسرائيلي.
كما أشار إلى أن التجربة التاريخية تؤكد أن إسرائيل لا تلتزم بأي اتفاقيات دولية دون ضغط حقيقي وآليات إنفاذ صارمة.
وأكد أن الخطة تعكس الانحياز الأمريكي التاريخي لإسرائيل وتكشف عجز واشنطن عن لعب دور الوسيط النزيه، لافتا إلى أن الدعم الأمريكي العسكري والسياسي والمالي المطلق لإسرائيل طوال فترة العدوان يجعل من المستحيل اعتبار أي مقترح أمريكي محايدا أو عادلا.
وحول قدرة الخطة على تحقيق نتائج ملموسة أكد الدكتور مهران أنها محكومة بالفشل لأنها تتجاهل الأسباب الجذرية للصراع وتحاول فرض حلول أمنية مؤقتة بدلا من معالجة القضايا السياسية والقانونية الأساسية، مؤكدا أن أي خطة لا تتضمن إنهاء الاحتلال ومحاسبة إسرائيل على جرائمها واحترام حقوق الشعب الفلسطيني ستكون مجرد هدنة مؤقتة تمهد لجولات عنف قادمة.
ونوه إلي أن السلام الحقيقي يتطلب عدالة حقيقية وليس استسلاما فلسطينيا لمطالب إسرائيلية مؤكدا أن الشعب الفلسطيني يستحق أفضل من هذه الخطة المجحفة.