كارثة إنسانية في غزة| الحصار يحصد الأرواح ويدفع نحو الإبادة.. وخبير يعلق
klyoum.com
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتعاظم الكارثة الإنسانية بشكل غير مسبوق، حيث يواجه السكان، وعلى رأسهم الأطفال، سياسة تجويع ممنهجة تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي، من خلال منع دخول المساعدات الإنسانية، واستهداف مراكز توزيع الأغذية، ورفض التوصل إلى وقف إطلاق نار.
وهذا الحصار الخانق أدى إلى استشهاد المئات نتيجة الجوع والحرمان من العلاج، في مشهد يختزل حجم المأساة التي يعيشها القطاع.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي خبير العلوم السياسية، إن يشهد قطاع غزة انقطاعا متعمدا في مختلف المرافق والخدمات الأساسية، ويشمل ذلك أيضا القطاع الطبي، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والعلاجات نتيجة الانهيار الكامل في النظام الصحي، في ظل الحصار الشامل المفروض على القطاع.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن بات المجتمع في غزة عاجزا أمام السياسات الإجرامية التي ينفذها الكيان المحتل، والذي لا يكترث بأي شكل من الأشكال بالقوانين الدولية أو المعايير الإنسانية، مكملا: "قد أدى هذا الوضع إلى تفاقم المجاعة، وانتشار الأمراض، ونقص حاد في الموارد والخدمات، وهو ما يبدو كجزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى جعل قطاع غزة بيئة غير صالحة للحياة، وبالتالي دفع السكان إلى مغادرته وتشجيع فكرة الهجرة الطوعية".
وتابع: "وفي داخل الكيان الإسرائيلي، تبرز احتجاجات واسعة من قبل العديد من الفئات، بما في ذلك جنود الاحتياط، والضباط، والأطباء، والمعلمين، الرافضين لاستمرار الحرب، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يواصل تنفيذ سياسات الإبادة الجماعية بحق سكان غزة، رغم كل الاعتراضات".
واختتم: "ويعكس هذا الموقف حجم التواطؤ الدولي، لا سيما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمتلك القدرة على وضع حد لهذه الحرب، إلا أن مصالحها السياسية لا تتوافق مع إنهائها، ما يفسر استمرار الدعم غير المشروط للعدوان".
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي فرض سياسة التجويع على سكان قطاع غزة، عبر منع إدخال المساعدات الغذائية والطبية، والتعنت في التوصل إلى أي هدنة إنسانية.
وقد أسفرت هذه السياسة الوحشية عن استشهاد ما لا يقل عن 70 فلسطينيا، كان آخرهم الطفلة رزان أبو زاهر، البالغة من العمر أربع سنوات، والتي فارقت الحياة بسبب مضاعفات سوء التغذية الحاد في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط القطاع.
وتعد رزان خامس ضحية للجوع خلال 48 ساعة فقط، وفق ما أفادت به مصادر إعلامية فلسطينية.
كما بلغ عدد الوفيات الناتجة عن نقص الغذاء والدواء حتى الآن نحو 620 مريضا، في وقت يستمر فيه الحصار في خنق القطاع وعزله عن أبسط مقومات الحياة.
وأكدت تقارير إعلامية أن حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو تمارس سياسة تجويع متعمدة تستهدف المدنيين، وفي مقدمتهم نحو مليون طفل يواجهون نقصا حادا في التغذية، في ظل عدم السماح بدخول الحليب، الفواكه، الأسماك، والمكملات الغذائية، وهو ما يهدد حياتهم بالخطر الفوري.
وفي السياق نفسه، حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة في قطاع غزة قد تضاعف خلال الفترة ما بين مارس ويونيو الماضي، نتيجة للحصار الإسرائيلي المستمر.
وأشارت إلى أن واحدا من كل عشرة أطفال يعاني من سوء تغذية حاد، ما يعكس حجم الكارثة الصحية.
وأفادت الوكالة، عبر وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»، بأنها أجرت نحو 74 ألف فحص طبي للأطفال خلال الفترة المذكورة، وكشفت عن تسجيل 5500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل، بالإضافة إلى 800 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم.
وطالبت «أونروا» برفع الحصار فورا والسماح بدخول المواد الغذائية والأدوية والاحتياجات الأساسية إلى قطاع غزة.
وفي هذا الإطار، قالت إيناس حمدان، مديرة مكتب الإعلام والتواصل في الوكالة بغزة، إن الأونروا لم تتلق أي مواد غذائية منذ أسابيع، لكنها تواصل تقديم الخدمات الأساسية، وتدير حاليا 5 مراكز صحية و25 نقطة طبية متنقلة، رغم تزايد حالات سوء التغذية بشكل ملحوظ.
وفي خطوة تعكس بوضوح استخدام التجويع كسلاح في الحرب، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن قصفه 42 تكية طعام و57 مركزا لتوزيع المساعدات والغذاء، في محاولة لتضييق الخناق على السكان ودفعهم نحو الموت البطيء.
وفي تصريح لوكالة الأنباء البريطانية "بي إيه ميديا"، قال المتحدث الإنساني سويني إن النظام الصحي في غزة بات على حافة الانهيار الكامل، معربا عن أسفه الشديد لرفض الحكومة البريطانية حتى مناقشة إمكانية إجلاء الأطفال المرضى من القطاع، ما يعني تركهم للموت دون أي رعاية طبية ممكنة.
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن القطاع يعيش حالة مجاعة فعلية، تتمثل في النقص الحاد في المواد الغذائية الأساسية، والتفشي السريع لسوء التغذية الحاد، وسط عجز تام في الإمكانيات الطبية لمعالجة الحالات المتزايدة.
وأكدت الوزارة أن استمرار هذه الكارثة الإنسانية سيؤدي إلى مزيد من الوفيات إذا لم يتم التدخل الدولي العاجل.