تقرير بريطاني يكشف: كيف تستخدم إسرائيل الطائفية كسلاح في صراعها مع لبنان؟
klyoum.com
أخر اخبار مصر:
صحة الغربية تعلن أرقام الطوارئ بعد تعطل سنترال رمسيسفي تقرير تحليلي موسّع، كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن تفاصيل ما وصفته بـ"استراتيجية الطائفية السياسية" التي تتبناها إسرائيل في تعاملها مع لبنان، مقابل خطاب استراتيجي مختلف تمامًا تستخدمه تجاه إيران.
التقرير لا يكتفي بفضح هذه الاستراتيجية، بل يحلل أسباب نجاحها في الحالة اللبنانية وفشلها في الحالة الإيرانية، متسائلًا: من يغذي داخليًا تلك الديناميكيات التي تجعل لبنان هشًا أمام مثل هذا الخطاب؟
منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000، ثم حرب يوليو 2006، طورت القيادة الإسرائيلية خطابًا موجهًا للداخل والخارج يقول: "العدو ليس لبنان، بل حزب الله". بدا هذا التصريح، الظاهريًا، تفريقًا بين الدولة والتنظيم، لكنه عمليًا أداة لتفكيك شرعية الدولة اللبنانية، ووسيلة لتبرير ضرباتها العسكرية لمناطق مدنية تحت ذريعة الحرب على "تنظيم طائفي خارج عن سيطرة الدولة".
رؤساء وزراء ووزراء دفاع إسرائيليون، من إيهود أولمرت إلى أفيغدور ليبرمان، كرروا هذه المعادلة مرارًا. بل ذهب ليبرمان في 2017 إلى القول إن "الجيش اللبناني أصبح جزءًا من حزب الله"، مما يؤكد توجهًا لاعتبار لبنان جبهة مفتوحة، ولكن بدون الاعتراف الكامل بمسؤولية الدولة كضحية أو طرف قانوني في الحرب.
لماذا لبنان تحديدًا؟
تنجح هذه السردية في لبنان لسبب واضح: النظام الطائفي القائم على محاصصة سياسية ودينية هشة. هذا النظام يتيح تصوير الدولة ككيان غير قادر على اتخاذ القرار السيادي أو فرض سلطته على جميع مكوناته. وبالتالي، فإن مهاجمة مناطق مثل الضاحية الجنوبية، الجنوب، والبقاع لا تُصوّر كعدوان على دولة، بل كضرب لمواقع "شيعية"، ما يعزز السردية الإسرائيلية دوليًا.
اللافت أن إسرائيل تتفادى هذا الخطاب كليًا عندما تتعامل مع إيران، رغم أن الأخيرة أيضًا ذات طيف ديني ومذهبي واسع، لكنها تقدم نفسها — وتُدار — كدولة ذات مركز قرار موحد وجيش موحد ومؤسسات سيادية، مما يصعّب تسويق خطاب طائفي ضدها.
إيران: الخصم الموحد الذي لا يمكن تفكيكه طائفيًا
في مقابل تفكيك الدولة اللبنانية في الخطاب الإسرائيلي، تتعامل إسرائيل مع إيران بمنطق الصراع بين دولتين استراتيجيتين. تصريحات بنيامين نتنياهو، وآخرها في الأمم المتحدة في سبتمبر 2024، تؤكد أن إسرائيل تنظر إلى إيران كـ"دولة نووية محتملة"، وليس كتنظيم طائفي أو مجتمع منقسم.
ورجح تقرير الإندبندنت أن هذا الفارق يعود إلى غياب النظام الطائفي في الحكم الإيراني، واعتماد إيران على مؤسسات عسكرية وأمنية موحدة، مثل الحرس الثوري، مما يجبر إسرائيل على احترام الخصم ككيان سياسي لا يمكن تجزئته أو تصويره كـ"طائفة مارقة".
الداخل اللبناني: هشاشة سياسية تُنتج قابلية للاختراق
أخطر ما كشفه التقرير أن نجاح الخطاب الطائفي الإسرائيلي لا يعود إلى ذكاء استراتيجي فقط، بل إلى عوامل داخلية لبنانية. فالنظام القائم على تقاطع "الدولة – الطائفة – المقاومة" يخلق ضبابية في مركز القرار، ويترك فراغًا تستطيع إسرائيل النفاذ منه.
هذا النظام، وإن منح مرونة داخلية في فترات السلم، يتحول إلى نقطة ضعف كارثية عند نشوب الحرب، حيث يُعاد إنتاج الخطاب الطائفي داخليًا من قِبل فاعلين لبنانيين، مما يُضفي شرعية باطنية على السردية الإسرائيلية الخارجية.
خلص التقرير إلى أن الطائفية ليست فقط أداة إسرائيلية، بل نظام يعيد إنتاج نفسه داخليًا في لبنان، مما يجعل البلاد مهددة باستمرار بأن تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات، لا كدولة ذات سيادة. في المقابل، تفشل إسرائيل في استخدام هذه الورقة مع إيران، لأنها تواجه هناك دولة مركزية قادرة على فرض خطاب موحد وقاعدة صلبة للقرار السياسي والعسكري.