لولا دا سيلفا: نرفض الخضوع لأوامر من ترامب والرسوم الجمركية ابتزاز أمريكي
klyoum.com
أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الصادرات البرازيلية، بدءًا من 1 أغسطس 2025، موجة من الغضب في البرازيل، واعتبر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا هذه الخطوة بمثابة "ابتزاز اقتصادي غير مقبول".
في خطاب متلفز ألقاه أمس الخميس الموافق 17 يوليو 2025، أكد لولا أن "البرازيل لن تتلقى أوامر من أجنبي، ولن تسمح بأن تُعامل كدولة تابعة"، مشددًا على سيادة بلاده وحقها في حماية مصالحها الاقتصادية والسياسية.
وأوضح أن هذه الرسوم تهدف إلى الضغط على البرازيل بسبب محاكمة الرئيس السابق جايير بولسونارو بتهمة محاولة انقلاب، إلى جانب مزاعم ترامب بأن البرازيل تمارس "ممارسات تجارية غير عادلة" ضد الشركات الأمريكية، وفقا لرويترز.
وخلال خطاب أمام نشطاء طلاب يساريين في ولاية جوياس يوم 16 يوليو 2025، أكد لولا أن "البرازيل دولة حوار، وليست دولة مواجهة"، لكنه أضاف أن "السيادة الوطنية خط أحمر لا يمكن التفريط فيه".
وأشار إلى أن الشعب البرازيلي هو "المالك الوحيد للبرازيل"، منددًا ببعض السياسيين المحليين، خاصة أنصار بولسونارو، الذين أيدوا تهديدات ترامب، واصفًا إياهم بـ"الخونة للوطن".
كما دعا إلى وحدة وطنية لمواجهة ما وصفه بـ"العدوان الاقتصادي"، مشيرًا إلى أن البرازيل ستستخدم كل الأدوات القانونية المتاحة، بما في ذلك اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية وقانون المعاملة بالمثل الذي أقره الكونجرس البرازيلي مؤخرًا للرد على السياسات التجارية العدوانية، وفقا لصحيفة فولها دي ساو باولو.
من جهة أخرى، أعرب وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا عن انفتاح لولا على الحوار مع ترامب لتجنب تصعيد الأزمة، مشيرًا إلى أن الرئيس البرازيلي مستعد للتفاوض لحل الخلاف التجاري بطريقة تحافظ على مصالح البلدين.
ومع ذلك، أكد فييرا أن البرازيل لن تقبل أي شروط تُفرض عليها تحت التهديد، مشددًا على أن أي حوار يجب أن يُبنى على الاحترام المتبادل. وفي سياق متصل، أشار لولا إلى أن البرازيل ستواصل فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأمريكية، متهمًا إياها بنشر الأخبار الكاذبة والترويج للعنف تحت ذريعة حرية التعبير، وهو ما اعتبره استمرارًا لسياسة البرازيل في حماية مصالحها الرقمية والثقافية، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.
تأتي هذه التصريحات في ظل توترات متصاعدة بين الولايات المتحدة والبرازيل، حيث ترى الأخيرة أن الرسوم الجمركية المقترحة تهدف إلى تقويض اقتصادها، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعة التي تعتمد بشكل كبير على التصدير إلى السوق الأمريكية.
وفي هذا السياق، أكد خبراء اقتصاديون برازيليون أن الرسوم قد تؤثر سلبًا على الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة تصل إلى 1.5% سنويًا إذا تم تنفيذها، مما دفع الحكومة إلى تسريع خططها لتنويع الأسواق التصديرية، مع التركيز على تعزيز العلاقات التجارية مع دول مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وفقا لبلومبرج.
على الصعيد السياسي الداخلي، استغل لولا هذه الأزمة لتعزيز صورته كمدافع عن السيادة الوطنية، خاصة بعد التحديات السياسية التي واجهها في السنوات الأخيرة بسبب الانقسامات السياسية الحادة في البرازيل.
وفي خطوة رمزية، أعلن لولا عن إطلاق مبادرة وطنية لدعم الصناعات المحلية تحت شعar "صنع في البرازيل"، بهدف تقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية.
كما دعا إلى عقد قمة طارئة لدول "ميركوسور" (السوق الجنوبية المشتركة) لمناقشة الرد المشترك على السياسات التجارية الأمريكية، مشيرًا إلى أن الوحدة الإقليمية هي السبيل لمواجهة الضغوط الخارجية.
إضافة إلى ذلك، أشار لولا إلى أن البرازيل ستعمل على تعزيز تحالفاتها مع دول الجنوب العالمي، بما في ذلك دول مجموعة بريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا)، لمواجهة الهيمنة الاقتصادية الأمريكية.
وفي هذا السياق، أكد أن بلاده ستواصل دعم التجارة الحرة العادلة، مع رفض أي محاولات لفرض عقوبات أو شروط اقتصادية تحت ذريعة السياسة.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تسعى فيه البرازيل إلى تعزيز دورها كقوة إقليمية وعالمية، مع التركيز على حماية اقتصادها من التقلبات الناجمة عن السياسات التجارية الأمريكية.
وبهذا، يعكس موقف لولا تصميم البرازيل على حماية مصالحها الوطنية في مواجهة الضغوط الخارجية، مع الحفاظ على نهج دبلوماسي يجمع بين الحوار والمواجهة القانونية.
ومع استمرار التوترات، يبقى السؤال حول كيفية تطور العلاقات بين البرازيل والولايات المتحدة في ظل هذه الأزمة التجارية، خاصة مع اقتراب موعد تنفيذ الرسوم الجمركية المقترحة.