سيناريوهان محتملان.. هل يحبط الفيتو الروسي مشروع القرار الأميركي بشأن غزة؟
klyoum.com
بينما يترقب العالم تصويت مجلس الأمن اليوم الاثنين، على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خريطة الطريق الأميركية التي طرحها الرئيس دونالد ترامب بشأن غزة، يظهر شبح استخدام حق النقض (الفيتو) من روسيا التي وزعت مشروع قرار مضاد يدعو الأمم المتحدة إلى تقديم اقتراحات بشأن إنشاء قوة الاستقرار الدولية، ويحذف الإشارة إلى مجلس السلام بقيادة ترامب.
لكن مراقبون يرون احتمالية التنسيق بين الدولتين الكبرتين لعدم إجهاض فكرة القرار، إذ أن هناك سيناريوهان بشأنهما، إذ من الممكن أن تفاوض روسيا على سحب قرارها في اللحظات الأخيرة في مقابل الحصول على مكاسب من ناحية أخرى وتحديدا فيما له صلة بالملف الروسي الأوكراني، أو أنها تسحب القرار نتيجة التنسيق مع المجموعة العربية في مجلس الأمن.
ويمكن لروسيا استخدام حق النقض لتعطيل المصادقة على مشروع القرار الأميركي. ويوحي مشروعها المضاد بأنها غير راضية على النص الأميركي، وبالتالي احتمال حصول مواجهة دبلوماسية يمكن أن تؤدي إلى جمود سياسي حيال غزة. وكذلك أبلغت الصين، التي تتمتع بحق النقض أيضًا، عددًا من الدبلوماسيين أن موقفها يتمشى مع روسيا. وتوقع دبلوماسي إقرار الخطة الأميركية بما لا يقل عن الأصوات التسعة اللازمة لذلك، مع احتمال امتناع روسيا والصين عن التصويت بدلًا من استخدام الفيتو.
وردًا على هذه الخطوة الروسية، أصدرت البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة بيانًا أفادت فيه أن محاولات زرع الفتنة الآن - في الوقت الذي يخضع فيه الاتفاق على هذا القرار لمفاوضات ناشطة - لها عواقب وخيمة وملموسة ويمكن تجنبها تمامًا على الفلسطينيين في غزة.
وصرح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن خطة ترامب لوقف النار هي أفضل طريق للسلام في الشرق الأوسط، وأن مشروع القرار الأميركي سيمكن الجهود من المضي إلى الأمام.
وكتب المندوب الأميركي الدائم لدى الأمم المتحدة مايك والتز مقالة في صحيفة واشنطن بوست شدد فيها على أن معارضة مشروع القرار الأميركي أمام مجلس الأمن ستعني الانحياز لاستمرار حكم (حماس) أو العودة إلى الحرب مع إسرائيل، محذرًا من أن المنطقة لا تحتمل جولة جديدة من النزاع.
وشرح تفاصيل الخطة والدور الدولي، وفقًا لرؤية ترامب التي ترغب في تفويض من مجلس الأمن لإنشاء قوة الاستقرار الدولية بصلاحيات تشمل استخدام كل الوسائل اللازمة لضمان الأمن. وقال إن مجلس السلام هدفه دعم لجنة تكنوقراطية فلسطينية تتولى إدارة الخدمات المدنية في غزة خلال المرحلة الانتقالية، معتبرًا أن هذه المقاربة ستفتح أخيرًا الطريق أمام الفلسطينيين لتقرير مصيرهم بعيدًا عن قبضة (حماس).
ودعت البعثة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة إلى العمل معًا من أجل تنفيذ خطة ترامب. وإذ أيدت مشروع القرار الأميركي، شددت على أن الوقت حان للتركيز على مسار ذي صدقية للسلام العادل والدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، استنادًا إلى حل الدولتين.
وتحركت الدبلوماسية الأميركية في اتجاهات عدة تمهيدًا للتصويت على مشروع القرار الذي يجري العمل عليه منذ أسابيع، آملة في أن يكون منطلقًا للشروع في تطبيق المرحلة الثانية من الخطة الأميركية المؤلفة من 20 بندًا، بعد تشريعها بقرار من مجلس الأمن وجعلها بمثابة قانون دولي يشكل غطاء لقوة الاستقرار الدولية ومجلس السلام.
وشهدت المفاوضات على مشروع القرار مراحل متوترة بين الدول الـ15 الأعضاء، ومنها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي تحظى بحق النقض (الفيتو): الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.
وخلال المفاوضات، طلبت روسيا وفرنسا والجزائر إضافة لغة واضحة تدعم قيام الدولة الفلسطينية، وطلبت الصين إزالة خطة ترامب بأكملها من النص. وشدد عدد من الأعضاء على وجوب تحديد دور السلطة الفلسطينية في الحكم الانتقالي لغزة.
ويشير المشروع الأميركي في إحدى فقراته إلى أنه بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بإخلاص، وإحراز تقدم في إعادة تنمية غزة، قد تتهيأ الظروف في النهاية لمسار موثوق نحو تقرير المصير والدولة الفلسطينية. ستُنشئ الولايات المتحدة حوارًا بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر.
وحددت رئاسة مجلس الأمن الساعة 5:00 عصر الاثنين بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (الواحدة صباحًا الثلاثاء بتوقيت الرياض) موعدًا لجلسة التصويت.
وينص مشروع القرار الأميركي المؤلف من 11 فقرة عاملة في أحدث صيغة على المصادقة على الخطة الشاملة لإنهاء حرب غزة التي أعلنها الرئيس ترامب.
ويرحب بإنشاء مجلس السلام كإدارة انتقالية لديها شخصية قانونية دولية لوضع إطار عمل، وتنسيق التمويل، لإعادة تطوير غزة وفقًا للخطة الشاملة، وبطريقة تتسق مع المبادئ القانونية الدولية ذات الصلة، إلى حين إنجاز السلطة الفلسطينية برنامج الإصلاح بشكل مُرضٍ، كما هو محدد في اقتراحات متعددة، ومنها خطة السلام المقدمة من الرئيس ترامب عام 2020 والاقتراح السعودي - الفرنسي.
وإذ يشدد على أهمية الاستئناف الكامل للمساعدات الإنسانية، يحدد طبيعة الكيانات التي ستنشأ في غزة وتفاصيلها وطبيعتها الانتقالية.
وتنص الفقرة السابعة على «العمل مع مجلس السلام لإنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة في غزة تنشر تحت قيادة موحدة مقبولة من مجلس السلام بمساهمة قوات من الدول المشاركة، بالتشاور والتعاون الوثيقين مع مصر وإسرائيل. ويشمل تفويض القوة الإشراف على الحدود وتوفير الأمن ونزع السلاح من القطاع.
أما مشروع القرار الروسي المؤلف من سبع فقرات فيتضمن الترحيب بالمبادرة التي أدت إلى وقف النار في غزة، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين. ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقديم تقرير عاجل إلى مجلس الأمن، يتضمن خيارات نشر قوة دولية لتثبيت الاستقرار في قطاع غزة.
وإذ يرفض أي محاولة للتغيير الديموغرافي أو الإقليمي في غزة، بما في ذلك أي إجراءات من شأنها تقليص مساحة القطاع، يؤكد التزامه الثابت رؤية حل الدولتين حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنبًا إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مع التشديد على أهمية وحدة قطاع غزة والضفة الغربية وتواصلهما الإقليمي تحت حكم السلطة الفلسطينية.
وأعلنت البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة، في بيان، أنها اتخذت هذه الخطوة لأن مجلس الأمن يجب أن يُمنح دورًا شرعيًا والأدوات اللازمة لضمان المساءلة والرقابة، مضيفة أن قرارات المجلس يفترض أن تعيد التأكيد على القرارات الأساسية أولًا وقبل كل شيء حل الدولتين للتسوية الإسرائيلية - الفلسطينية. وأعلنت أن تلك الأحكام غير موجودة في مسوّدة الولايات المتحدة؛ لذا عممت نصها الخاص الذي يهدف إلى تعديل المفهوم الأميركي وجعله متوافقًا مع القرارات السابقة للمجلس.
وأضافت أن وثيقتنا لا تتعارض مع المبادرة الأميركية. بل على العكس، فهي تشير إلى الجهود الدؤوبة التي بذلها الوسطاء - الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا - والتي لولاها لما كان وقف النار الذي طال انتظاره والإفراج عن الرهائن والمعتقلين ممكنًا.