نجاة عبد الرحمن تكتب: الخارج يُحرّض.. والداخل يُشوّه: من يكتب رواية التشكيك في الانتخابات؟
klyoum.com
مع اقتراب موعد الاستحقاقات التشريعية في مصر، تتكثف التحركات المشبوهة من عدة أطراف – داخلية وخارجية – لتشويه العملية الانتخابية وخلق مناخ من فقدان الثقة، سواء بين المواطنين، أو في أعين الرأي العام الدولي.
منصات المعارضة في الخارج، والمنظمات الدولية المرتبطة بها، دخلت في موجة تحريض مبكرة تُكرّر ما دأبت عليه في كل استحقاق سياسي. لكن هذه المرة، التحالف بين الخارج وبعض الداخل بات أكثر وضوحًا، وأشد وقاحة.
أولًا: خطاب التحريض الخارجي.. إعادة إنتاج الكراهية
منذ إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات الجدول الزمني للاستحقاق التشريعي، سارعت قنوات مثل الشرق، وطن، ومكملين إلى إطلاق سيل من الحملات:
التشكيك في شرعية الهيئة.
تسفيه الأحزاب المشاركة.
الترويج لفكرة "البرلمان المفروض مسبقًا".
تصوير المشاركة السياسية على أنها عبث أو انقياد.
كل هذا يُقدَّم بلغة ساخرة "خفيفة الظل"، لكنها في حقيقتها حرب نفسية مركزة، هدفها ضرب الثقة في أي مسار سياسي داخلي، لصالح وهم “البديل الثوري” الخارج من الاستوديوهات، لا من الواقع.
ثانيًا: المنظمات الحقوقية العابرة للحدود.. تقارير مفخخة
بعض المنظمات الدولية، رغم صمتها الرسمي حتى الآن، بدأت تعيد تدوير تقارير قديمة، وتستقي معلوماتها من منصات غير محايدة.
وكما يحدث في كل مرة، تستعد هذه الجهات لإصدار تقييمات سلبية بالتزامن مع الاقتراع، تعتمد على "شهادات" مصدرها حسابات معادية للدولة أو صفحات مجهولة.
والخطر الحقيقي أن هذه التقارير لا تُقرأ في العواصم وحدها، بل تُستخدم كورقة ضغط سياسية في ملفات لا علاقة لها بحقوق الإنسان من الأساس.
ثالثًا: المعارضة من الداخل.. الطعن من الظهر
المؤسف أن بعض من يدّعون الانتماء للتيار المدني داخل مصر يشاركون – بوعي أو دون وعي – في تشويه الانتخابات بشكل غير مباشر، وذلك من خلال:
التشكيك في القوائم قبل إعلانها.
الحديث عن "الصفقة الأمنية" وراء كل تحالف.
تقديم أنفسهم باعتبارهم "المُقصيين المظلومين".
لكن الواقع أن هؤلاء ليسوا ضحايا للمنظومة، بل جزء من أزمة الثقة التي يعمّقونها. الخصومة السياسية عند البعض تحوّلت إلى خصومة مع الدولة ذاتها. وفي لحظة فارقة كالتي نعيشها، لم يعد هذا خلافًا سياسيًا… بل خيانة للشرعية الوطنية.
رابعًا: الهدف النهائي.. صناعة برلمان فاقد للمصداقية
الربط بين الحملات الخارجية، والتقارير الحقوقية، والطعون الداخلية، يُظهر أن هناك محاولة ممنهجة لإفراغ البرلمان القادم من معناه، حتى قبل أن يبدأ.
ليس المطلوب إسقاط الانتخابات، بل إضعاف شرعيتها.
ليس المستهدف مرشحًا بعينه، بل فكرة التمثيل الشعبي ككل.
والأخطر، أن التشكيك المُستمر يُمهّد الطريق لخطاب الفوضى، عبر الترويج لفكرة أن "كل المسارات الرسمية فاشلة"، وبالتالي إعادة طرح سيناريو الهدم لا البناء.
خلاصة القول: بين النقد والهدم شعرة
نعم، هناك تحديات حقيقية في المشهد السياسي، ومساحات يجب أن تتسع للمنافسة والتنوع. لكن تحويل هذه التحديات إلى ذريعة لهدم كل شيء وتسليم الساحة لخطاب الخارج، ليس نقدًا موضوعيًا… بل طعن ممنهج.
الانتخابات ليست مجرد عملية إجرائية، بل عنوان لوحدة الدولة، وإن اختلفنا داخلها. أما الذين يحرّضون من الخارج، أو يحرّكون أذرعهم من الداخل، فهم لا يريدون ديمقراطية حقيقية، بل فراغًا سياسيًا يسمح لهم بالعودة على أنقاض وطن كامل.
حفظ الله مصر وشعبها.