اخبار مصر

الرئيس نيوز

منوعات

با-شيري.. رحلة مومياء مصرية من الأقصر إلى بريطانيا عبر 23 قرنًا من التاريخ

با-شيري.. رحلة مومياء مصرية من الأقصر إلى بريطانيا عبر 23 قرنًا من التاريخ

klyoum.com

في خطوة علمية وثقافية لافتة، قام طلاب من جامعة لينكولن البريطانية بالمشاركة في مشروع ترميم مومياء مصرية قديمة تعرف باسم با-شيري، والذي يعود تاريخه إلى حوالي 2300 سنة خلال العصر البطلمي في مصر. وقد تم إرسال المومياء من متحف ديربي لإجراء أعمال صيانة ضرورية، بعد أن خضعت في القرن التاسع عشر لتدخلات تسببت في تفكيك أجزاء من جسدها وأعيد ترتيب العظام بطريقة غير تقليدية آنذاك، الأمر الذي كشف لاحقًا عن تاريخها المعقد من خلال الأشعة السينية والتقنيات الحديثة، وفقا لموقع جامعة لينكولن على الويب.

وتُعد المومياء با-شيري مثالًا على المستوى الاجتماعي الرفيع في الأقصر القديمة، حسب ما تشير إليه زخارفه الدقيقة وغطاء وجهه المذهّب. إلا أن تاريخه يعكس أيضًا تأثير الفضول الفيكتوري على المومياوات المصرية، حيث كان من الشائع خلال القرن التاسع عشر أن يتم فتح المومياوات وفحصها علميًا، مما أدى إلى إزالة أجزاء من الرأس والحوض وأجزاء من الأطراف وإعادة ترتيب بعض العظام داخل التجويف الصدري، ثم إعادة تغليف المومياء بطريقة أخفت هذه التدخلات حتى كشفت الفحوص الحديثة حالتها الحقيقية.

وعمل الطلاب، بإشراف فني متخصص، على الحفاظ على المومياء وتاريخها، معتمدين على نهج التدخل الأدنى الذي يركز على تثبيت المناطق التالفة مع الاحتفاظ بالأدلة على مسارها غير التقليدي بعد الوفاة.

تشمل الأعمال الترميمية معالجة الطلاء المتقشر وتنظيف الأسطح الهشة باستخدام تقنيات بالغة الدقة واستبدال الدعائم القديمة تحت غطاء الوجه بمواد أكثر أمانًا وديمومة. ويتيح هذا الأسلوب الحفاظ على المومياء كما هي، مع احترام كل من السياق الأصلي للمومياء والتاريخ الطويل الذي أعقبها من خروجها من مصر قبل أكثر من مئة عام.

كما قدم المشروع فرصة فريدة للطلاب للانغماس في تحديات الترميم الواقعية، واكتساب خبرة مباشرة في دراسة المواد القديمة مثل الصبغات الزرقاء والصفراء والأحمر، وفهم كيفية تأثير ممارسات الفيكتوريين على سلامة المومياوات. ويكشف العمل عن جوانب دقيقة من الحرفية القديمة، مثل استخدام الغراء الحيواني أثناء إعادة التجميع في القرن التاسع عشر، ما يساهم في تعزيز فهم أعمق لتقنيات صناعة المومياوات وأساليب الحفاظ عليها عبر العصور.

وعكس المشروع أيضًا التعاون الدولي في مجال الحفاظ على التراث الثقافي، إذ ساهم في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب وأتاح للطلاب تجربة تعليمية عملية وتطبيقية نادرة في مجال الآثار. ومن المتوقع أن تُعرض المومياء بعد الترميم في متحف ديربي جنبًا إلى جنب مع مومياء أخرى، لتسليط الضوء على حياة المصريين القدماء، وكيفية وصول آثارهم إلى المتاحف الحديثة، مع التشجيع على التفكير في كيفية رعاية الرفات البشرية والقدماء الذين تم الحفاظ على أجسادهم بطريقة كريمة ومسؤولة.

ويمثل هذا المشروع نموذجًا حيًا لكيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة والتعليم في صون التراث الثقافي، ليس فقط لإعادة تقديم المومياء بحالتها الأصلية، بل لإظهار رحلة تاريخية معقدة تمتد عبر القرون، ليبقى تاريخ با-شيري حيا ويستمر في إلهام الباحثين والزوار على حد سواء، ويؤكد أهمية الحفاظ على التراث البشري والمادي كجسر يربط الماضي بالحاضر ويعزز الوعي الثقافي بالتراث العالمي.

*المصدر: الرئيس نيوز | alraeesnews.com
اخبار مصر على مدار الساعة