اخبار مصر

صدى البلد

سياسة

علي جمعة: عبادة بلا دعاء مسلوبة من الروح فلا تيأس واثبت على باب الله

علي جمعة: عبادة بلا دعاء مسلوبة من الروح فلا تيأس واثبت على باب الله

klyoum.com

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف خلال منشور جديد عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، كثير منا قد نسي الدعاء، والدعاء يقول فيه سيدنا رسول الله ﷺ: «الدعاء مخُّ العبادة»، ومخُّ الشيء أعلاه ومنتهاه، وإذا توقَّف المخ عن العمل فارق الإنسانُ الحياة؛ فعبادةٌ بلا دعاءٍ هي عبادةٌ مسلوبةٌ من الروح، ومن أعلى شيءٍ فيها، من رأسها، وهو الدعاء.

وفي حديثٍ آخر يقول سيدنا ﷺ: «الدعاء هو العبادة»؛ فيتقدَّم بنا خطوةً أخرى، فيُبيِّن أن الدعاء هو نفسُ العبادة وكلُّ العبادة، هو رأسُها وجسدُها، هو بدايتُها ونهايتُها، هو ذاتُها، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. فسوَّى بين الدعاء وبين العبادة.

وتابع: لكن رأينا كثيرًا من الناس كأنهم لم يعلموا أن الدعاء هو العبادة أو مخُّ العبادة؛ فترك كثيرٌ منهم الدعاء، مع أنَّ الدعاءَ في ذاته عبادةٌ استجاب الله أو لم يستجِب؛ فادعُ ربك، ولا تتعجَّل؛ يقول رسول الله ﷺ: «إن الله يستجيب للعبد ما لم يتعجَّل». قالوا: وما عجلته يا رسول الله؟ قال: «يقول: دعوتُ الله فلم يستجِبْ لي»، فيَدَعُ الدعاء.

وكأن هذا أمرٌ قد سرى فينا فتركْنا الدعاء، وكأننا نُلزِم الله بالإجابة، فتحوَّل الدعاءُ منَّا إلى طلب، بل إلى فرضِ رأي، والله سبحانه وتعالى لا يفرِضُ أحدٌ عليه رأيًا، وإذا كان الرأيُ نتداوله فيما بيننا، ونناقشه بنقصِ بشريَّتِنا؛ فإن الدعاء فيه التجاءٌ، وفيه خضوعٌ، وفيه توسلٌ، وفيه رجاءٌ، وفيه تضرع، حتى يكون عبادةً خالصة؛ فإذا استجاب الله فبمَنِّه وفضله علينا، وإذا أخَّر الاستجابةَ فبعلمه، وحُكمِه فينا، وحِكمته، وإذا ادَّخَرها لنا يوم القيامة فنِعْمَ المُدَّخَر، ونِعْمَ المُدَّخِر.

ستخسر كثيرًا إذا تركت الدعاء، وفي المقابل فإنك ستكسب كثيرًا إذا ما دعوت ربك، وتضرعتَ إليه.

صفات الدعاء المستجاب

وذكر ان من صفات الدعاء المستجاب الإلحاح؛ أَلِحَّ على ربك، وابكِ بين يديه، واغسِلْ نفسك من ذنوبك، وقصورِك، وتقصيرِك، وتواضَعْ لربك حتى يرفع من شأنك.

ولكي نَعلم أنَّ باب الدعاء لا يُغلق في وجه أحد، وأنَّ رحمة الله أوسع من ذنوب العباد، نتأمل في هذه القصة:

يُروى عن الحجاجِ بنِ يوسفَ الثقفي –وكان جبَّارًا في الأرض سفَّاكًا للدماء، والله لا يحبُّ سفكَ الدماءِ، ولا يحبُّ التجبُّر في الأرض–  أنَّ هذا الرجلَ وفَّقه الله من ناحيةٍ أخرى أن يُتمَّ القرآنَ كلَّ أسبوع، فسبَّع القرآن؛ فكان يقرأ القرآنَ مرةً كل أسبوع، أربعَ مراتٍ في الشهر، وفَّقه الله في هذا، لكنه جبَّارٌ سفَّاكٌ للدماء، حتى تحدَّث الناس أن الله لا يغفر للحجاج؛ فسمع بهذا فناجى ربَّه، وكأنه يعرف كيف يكلِّم ربَّه، فقال عند موته: «اللهم اغفر لي، فإن الناس يقولون: إنك لا تغفر لي».

إنه لا ييأس من رحمة الله، ولا يستعظم ذنبًا في قبالةِ غفران الله، ويطلب من الله سبحانه وتعالى –بعد ما فعل في المسلمين–  أن يغفر له، والله كريم: «اللهم اغفر لي، فإن الناس يقولون: إنك لا تغفر لي»؛ كأنه يتوسل إلى ربِّه ضدَّ الناس، والله غفورٌ رحيم.

فإذا كان هذا شأنَ الحجاج؛ فما بالك وأنت لم تسفك دمًا؟ 

فلا تترك باب الدعاء أبدًا، ولا تيأس من رحمة ربِّك، واثبت على بابه سائلًا، باكيًا، راجيًا.

واختتم منشوره بهذا الدعاء قائلا: اللهم أيقِظ قلوبنا لذكرِك، وافتح لنا أبوابَ الدعاء، ولا تَرُدَّنا عن بابك خائبين.

*المصدر: صدى البلد | elbalad.news
اخبار مصر على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com