شراء الوعي الأمريكي بملايين الدولارات.. إسرائيل تدفع للمؤثرين 7000 دولار لكل منشور
klyoum.com
في تطور مثير للقلق يكشف عن عمق وحجم الحرب النفسية في العصر الرقمي، انفجرت في أكتوبر 2025 تفاصيل مذهلة حول حملة إسرائيلية منظمة لـشراء وتوجيه الرأي العام الأمريكي عبر منصات التواصل الاجتماعي. لم يعد الحديث يدور حول الدعاية التقليدية، بل عن عملية تجنيد مُمَنهَجة للمؤثرين، يُشاع أن بعضهم يتلقى مبالغ تصل إلى 7000 دولار مقابل كل منشور يدعم السرد الإسرائيلي. هذه التقارير، التي استندت إلى وثائق وإفصاحات قانونية، ترسم صورة مقلقة لتدخل أجنبي سافر يهدف إلى إفساد النقاش الديمقراطي الأمريكي وتغيير توجهاته.
غرفة عمليات رقمية بميزانية 900 ألف دولار
الشبكة المُشار إليها هي عملية معقدة تتجاوز مجرد بضعة منشورات عابرة. تشير المصادر المتخصصة، مثل IMEMC News وموقع Responsible Statecraft، إلى أن الحملة تعمل بميزانية ضخمة تناهز 900،000 دولار، مُخصصة لتوظيف وإدارة أكثر من عشرة مؤثرين أمريكيين بارزين. هذه العملية ليست وليدة اللحظة، بل هي جهد استراتيجي يتم تنفيذه بالتنسيق مع كيانات مثل Bridges Partners LLC وHavas Media Group Germany، مما يضفي عليها طابع الاحترافية والتنظيم الدقيق.
الخطر هنا يكمن في التمويه؛ فبدلًا من الإعلانات الحكومية الواضحة، يتم تمرير الدعاية الإسرائيلية عبر أصوات تبدو أمريكية وأصيلة وموثوقة. هذا يمثل استغلالًا مباشرًا لـثقة الجمهور في المؤثرين الذين يتابعونهم، محولًا هؤلاء الأفراد إلى "وكلاء" يتقاضون أجورهم من حكومة أجنبية لغرض وحيد هو التلاعب بوعي مواطنيهم.
تأكيد قانوني للتدخل: دور قانون FARA
ما يرفع هذه التقارير من مجرد مزاعم إلى مستوى الفضيحة هو الأساس القانوني لها. كشفت الوثائق عن تسجيل مستشار رقمي أمريكي بارز، هو براد بارسكيل، رسميًا كـوكيل أجنبي لصالح إسرائيل بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA) في أوائل 2025.
يفرض قانون FARA على الأفراد الذين يمارسون أنشطة ضغط أو دعاية نيابة عن حكومات أجنبية التسجيل والإفصاح عن علاقاتهم وعقودهم. تسجيل بارسكيل يمثل اعترافًا قانونيًا بوجود حملة دعاية منظمة وممولة تستهدف الرأي العام الأمريكي. مهمته تشمل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوليد رسائل مؤيدة لإسرائيل، مما يضيف بعدًا تكنولوجيًا خطيرًا لعملية التضليل، ويسهل إنتاج كميات هائلة من المحتوى المصطنع بدقة عالية واستهداف فعال. هذا الإفصاح يثبت أن العملية ليست تكهنات، بل حقيقة مسجلة وموثقة لدى السلطات الأمريكية.
الأخلاق المفقودة في ساحة المعركة الرقمية
هذه الممارسات تثير أسئلة وجودية حول أخلاقيات الدبلوماسية الرقمية وتأثيرها على الديمقراطية. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان صريحًا في نيويورك، واصفًا منصات مثل تيك توك، ومنصة إكس بأنها "المعارك الأهم لصياغة الرأي العالمي". هذا اعتراف بأن الجبهة لم تعد عسكرية أو دبلوماسية تقليدية، بل تحولت إلى حرب معلوماتية تُخاض على شاشات الهواتف.
من الناحية الأخلاقية، فإن الإخفاق المتعمد في الكشف عن أن المحتوى هو "إعلان مدفوع الأجر من قبل حكومة أجنبية" هو خداع للناخب الأمريكي. إنه يمثل تلاعبًا يهدف إلى ترسيخ رواية معينة دون تحمل مسؤولية الدعاية الرسمية، مما يقوض قدرة المواطن على اتخاذ قرار مستنير بناءً على مصادر معلومات شفافة.
تكمن المفارقة الكبرى في قوة الحقيقة في وجه ملايين الدولارات، ففي ذروة جهود هذه الشبكة الدعائية التي تديرها الدولة اليهودية، كشفت استطلاعات الرأي عن مفارقة مدوية، تشير إلى أن حملة الـ 900 ألف دولار قد تكون فشلًا ذريعًا.
وفي المقابل، أظهر استطلاع نيويورك تايمز/سينا كوليدج في سبتمبر 2025 تحولًا تاريخيًا في المزاج الأمريكي:
انخفاض دعم إسرائيل إلى 34%، بينما ارتفع دعم الفلسطينيين إلى 35%.
68% من الناخبين تحت سن 30 يعارضون تقديم أي مساعدات إضافية لإسرائيل.
اعتقاد 40% من الشباب بأن إسرائيل تستهدف المدنيين عمدًا.
هذه الأرقام تظهر أن قوة الحقائق على الأرض، والمحتوى الأصيل الذي يوثق الأحداث، فاقت بكثير التأثير المرجو من شبكة المؤثرين المدفوعة. الرأي العام، وخاصة الجيل الشاب، أصبح أكثر حصانة ضد الدعاية المنظمة وأكثر ميلًا للتعاطف مع الروايات الموثقة ذاتيًا من منطقة الصراع. هذه المقاومة الشعبية هي بصيص أمل في وجه الاستراتيجيات الهادفة إلى غسل الأدمغة رقميًا.
دعوة لتعزيز الشفافية ومواجهة التضليل
تعتبر هذه الفضيحة جرس إنذار للمشرعين الأمريكيين حول ضرورة تحديث قوانين الشفافية لتتناسب مع العصر الرقمي. لا يكفي تسجيل الوكيل الأجنبي؛ يجب فرض إلزام صريح على المؤثرين بالكشف الواضح عن التمويل الأجنبي للمحتوى ضمن سياق المنشور نفسه.
وتكشف هذه القضية عن حجم الإصرار على شراء الوعي الأمريكي. وبينما تظهر الأرقام تحولًا في المزاج الشعبي، فإن التحدي يظل قائمًا في مواجهة التضليل المستمر الذي تتفنن به الحكومات الأجنبية في محاولة لتشويه الحقائق وتشكيل السياسة الداخلية للولايات المتحدة.