ملامح خطة ترامب للسلام ومقامرات نتنياهو الفاشلة
klyoum.com
أخر اخبار مصر:
البورصة تعلن موعد توزيع كوبون مصر للألومنيومفتحت الخطة الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة نافذة نادرة من الأمل الحذر في أحد أحلك فصول تاريخ الشرق الأوسط المعاصر.
بعد قرابة عامين من القصف المتواصل، وتجويع مدن بكاملها، وتهجير جماعي لآلاف العائلات، بات أهل غزة يلتمسون أي مخرج من كابوس لا يرحم.
وعلى الورق، قد تفتح مقترحات ترامب مسارًا لإنهاء المعاناة — لكن مصير هذا المسار يرتبط بعنق الزجاجة ذاتها التي عطّلت مئات المبادرات السابقة: مقامرة بنيامين نتنياهو المستمرة وتجاهل إسرائيل للقانون الدولي، وفقًا لموقع يورآسيا ريفيو.
ومبدئيًا تبدو عناصر الخطة مشجعة: وقف لإطلاق النار، فتح ممرات إنسانية، وإحياء الدفع نحو حل الدولتين — الإطار الوحيد الذي حمل عبر عقود إمكانية سلام عادل ومستدام. إلا أن ما يفتقده الاقتراح هو العنصر الأهم الذي علمتنا به التجارب: ضمانات ملزمة وعلنية للتنفيذ.
لا واشنطن ولا المجتمع الدولي قدما آليات قاهرة تُجبر إسرائيل على الامتثال، وهذا فراغ قاتل أمام سجل نتنياهو الطويل في تحويل مبادرات السلام إلى غطاء سياسي بينما يكيّف الواقع على الأرض لصالح توسيع الاحتلال وتصعيد العنف.
وتكشّفت مقامرة نتنياهو منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ بجلاء. فهو أولا قد راهن على أن حربًا لا نهاية لها ستخنق الأصوات الناقدة، ووهم ثانيا أن الحرب من الممكن أن تحميه من قضايا الفساد، وثالثا قد تحقق طموحًا صهيونيًا متطرفًا يتمثل في تفريغ غزة من أهلها عبر الرعب واليأس.
النتيجة؟ فشل ذريع. غزة صامدة، مشوهة الجسد لكن صامدة. الفلسطينيون راسخون في أرضهم كما كانوا في ١٩٤٨ و٢٠٠٨ و٢٠١٤ والآن في ٢٠٢٥. بدلًا من الانتصار، قدّم نتنياهو حصيلة من الموت الجماعي، والمجاعة، وتآكل السند الأخلاقي للاحتلال الإسرائيلي على الساحة الدولية.
ولا يمكن اعتبار الكارثة الإنسانية في غزة ضررًا جانبيًا؛ إنها سياسةٌ مقصودة في كثير من مظاهرها. أطفال يُجوعون، مستشفيات تُقصف، وعائلات تُدفن تحت ركام المدن — هذه ليست نتائج عشوائية للعمل العسكري، بل هي ثمرة استراتيجية عقابية جماعية، وجرم بموجب القانون الدولي. العالم بات يتحدث بصوت أعلى عن مصطلحات مثل «إبادة جماعية» عندما يتابع علنًا حجم المعاناة والقتل الذي يمارس.
ومع ذلك، فإن رمي خطة ترامب جانبًا ببساطة سيكون بمثابة ظلم لمن يئنون تحت وطأة القصف والجوع. لأمهات يغليِّن أعشابًا كي يقدّمن طعامًا زهيدًا لأطفالهن، ولأطباء يضطرون لبتر أطراف دون بنج، ولرضّع يموتون من سوء التغذية، قد يكون أي مقترح — ولو معيب — نافذة ضيقة للنجاة. الدعم الحذر للخطة، مقرونًا بضغط دولي متواصل، قد يفعل المستحيل لفتح هذه النوافذ وإيصال المساعدات.
المشهد الدولي يتحرك. على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي مؤتمر رعاية سعودية ـ فرنسية لحل الدولتين، بدأت بوادر الاعتراف بالدولة الفلسطينية تتحرك على السكة. القطار «المتحرك» للاعتراف يتسارع، ما يترك نتنياهو أكثر عزلة. في هذا الإطار، يمكن لخطة ترامب، إذا استُخدمت بحكمة، أن تعيد مركزية ملف فلسطين على جدول الأعمال الدولي وتسرّع عملية المساءلة عن الجرائم.
لكن لنكن واقعين: الخطة لن تثمر إن تعامل معها العالم كرمزية دبلوماسية جديدة تُهمش سريعًا أمام مراوغات نتنياهو. لا بد من تنفيذ فعلي، آليات مراقبة، وعقوبات واضحة لمن يخالف. من دون ذلك، ستنضم الخطة إلى ركام المبادرات المهجورة. أما إن تضافرت الضغوط الدولية ومواقف عربية حازمة، فقد تصبح هذه الوثيقة بداية نهاية مقامرة بنيامين نتنياهو المدمرة.
واختتم الموقع المتخصص في الشؤون الجيوسياسية مقاله بالتأكيد على أن نتنياهو راهن على ثلاثة أوهام: أن الفلسطينيين سيستسلمون، وأن الأنظمة العربية ستبقى عاجزة، وأن المجتمع الدولي سيتغاضى. ثبت خطأه. الفلسطينيون باقون، والغضب العربي متحد، والعالم يراقب بعين صارمة أكثر من أي وقت مضى. خطة ترامب، رغم عيوبها، قد تُحوّل هذه المعطيات إلى فرصة سياسية.
ورجح أن التاريخ من الممكن أن يسجل هذه الحرب ليس فقط كبداية انهيار مشروع نتنياهو، بل كلحظة انعطاف اتخذ فيها المجتمع الدولي قرار المحاسبة. الطريق الأمثل لبناء هذا التحول يبدأ بوقف إطلاق النار، وفتح وصول إنساني غير مقيد، وتبادلات للأسرى، وإطار جدي وموثوق لتحقيق سيادة فلسطينية قابلة للتطبيق، باعتبار أن خطة ترامب يمكن أن تكون هذا الإطار — بشرط أن يمتلك العالم أخيرًا الجرأة لمطالبة إسرائيل بالمساءلة والالتزام.