اخبار مصر

الرئيس نيوز

سياسة

مجلس المليارديرات.. وثيقة مسرّبة تكشف ملامح "وصاية رأسمالية" على غزة بعد الحرب

مجلس المليارديرات.. وثيقة مسرّبة تكشف ملامح "وصاية رأسمالية" على غزة بعد الحرب

klyoum.com

كشفت وثيقة مسرّبة، أعدّها معهد توني بلير للتغيير العالمي، عن خطة هيكلية لإدارة قطاع غزة ما بعد الحرب، وتضفي طابعًا دوليًا-رأسماليًا على عملية الحكم والإعمار.

وهذه المسودة، التي تم تسريبها لموقع "إيه بي سي" الإخباري تحت علامة "سري"، تشكل حجر الزاوية لجزء كبير من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام المكونة من 20 نقطة، التي أطلقها بالتنسيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وتكشف الوثيقة عن مقترح لإنشاء "سلطة انتقالية دولية لغزة" (GITA)، وهي كيان يتمتع بسلطة مطلقة، لكنه يثير قلقًا عميقًا بسبب تهميشه الصارخ للدور الفلسطيني وإعطائه الأولوية لـ"المصالح الرأسمالية" على حساب الاحتياجات الإنسانية والسياسية للسكان.

الهيكل الحاكم: سلطة فوقية مالية وسياسية

تُفصّل الوثيقة هيكلًا هرميًا يقترح إخضاع غزة لسلطة إشرافية دولية مؤقتة، وهو ما يطلق عليه ترامب في خطته "مجلس السلام":

1. المجلس الدولي: القيادة الاستراتيجية

تتولى سلطة "GITA" القيادة عبر مجلس دولي يضم ما بين سبعة إلى عشرة أعضاء، يتمتعون بـ "خبرة تنفيذية ومالية رائدة". هذا المجلس يمارس "السلطة الاستراتيجية والسياسية العليا" على القطاع.

وتُظهر الأسماء المقترحة في المسودة الميول الرأسمالية للخطة، حيث ذكرت أمثلة مثل الملياردير المصري نجيب ساويرس، والملياردير الأمريكي في الأسهم الخاصة مارك روان، إضافة إلى الحاخام آريه لايتستون، الرئيس التنفيذي لمعهد أبراهام أكورد للسلام، كشخصيات محتملة يمكن أن تجلس على هذا المجلس، علمًا بأن هؤلاء الأفراد لم يكونوا على علم بإدراج أسمائهم.

2. الإدارة التنفيذية والأمن الخاص

على رأس الهيكل الإداري، يتولى رئيس مجلس الإدارة دور "التنفيذي السياسي الأقدم"، ليقود عمليات السلطة التنفيذية بالكامل. ويُخصص في الوثيقة ميزانية ضخمة لتغطية تكاليف هذا الهيكل الإشرافي، حيث تُقدر ميزانية تشغيل سلطة GITA في السنوات الثلاث الأولى بنحو 388 مليون دولار أمريكي، يُخصص منها أكثر من 27 مليون دولار للمجلس الإشرافي وحده.

كما يشمل الهيكل المقترح إنشاء "قوة أمنية متخصصة" مكرسة لـ "حماية القيادة العليا لسلطة GITA"، مما يعكس هاجسًا أمنيًا متقدمًا لدى واضعي الخطة.

تهميش الفلسطينيين: الإشراف لـ"الخبراء" والخدمات لـ"المحليين"

تثير الوثيقة تساؤلات جدية حول مدى احترامها لشرعية القرار الفلسطيني، حيث تضع التمثيل الفلسطيني في أدنى المستويات الهرمية:

التمثيل الأقل: ينص المقترح على وجود ممثل فلسطيني واحد فقط في المجلس الدولي، ويشترط أن يكون "مؤهلًا"، مع الإشارة إلى أنه قد يأتي من قطاعي الأعمال أو الأمن، مما يغلب الاعتبارات الوظيفية على الشرعية التمثيلية.

إدارة الخدمات: في الجزء السفلي من المخطط الهرمي، تظهر "السلطة التنفيذية الفلسطينية" التي تُكلَّف بمهمة "تقديم الخدمات" البحتة. ويتم تعيين رئيسها التنفيذي من قبل المجلس الدولي، لتقتصر مسؤولياتها على إدارة الجوانب المدنية الحيوية كالرعاية الصحية، وإعادة إعمار البنية التحتية، وتشغيل النظام التعليمي، وإدارة "قوة الشرطة المدنية لغزة" التي تكون مسؤولة عن مهام حفظ الأمن اليومية.

قوة الاستقرار الدولية والهاجس الأمني

في الجانب الأمني، تقترح الوثيقة تشكيل "قوة تحقيق الاستقرار الدولية" (ISF)، وهي قوة تتولى مهمة حماية الحدود والتنسيق مع الأجهزة الأمنية، ويُناط بهذه القوة مسؤوليات واسعة، تشمل "ردع عودة الجماعات المسلحة"، وحماية عمليات الإغاثة، والقيام بمهام "مكافحة الإرهاب والاستجابة للتهديدات عالية المخاطر". وتجدر الإشارة إلى أن هذا الوصف يتطابق تقريبًا مع القوة الوارد ذكرها في خطة ترامب، رغم أن ترامب أصدر لاحقًا خريطة تظهر سيطرة إسرائيلية على حدود غزة.

الاقتصاد أولًا: هيئة لـ"العوائد المالية الحقيقية"

يُسلّط المقترح الضوء على التركيز الرأسمالي عبر إنشاء جسم مالي متخصص:

تُنشأ هيئة باسم "سلطة غزة لترويج الاستثمار والتنمية الاقتصادية" (GIPEDA)، وهي مُصممة لـ "توليد مشاريع قابلة للاستثمار بعوائد مالية حقيقية". وتتضمن مهامها الرئيسية جذب "رأس المال الخاص" وإدارة محافظ الاستثمار. هذا التركيز على "جني الأرباح" في وثيقة تتعلق بمنطقة منكوبة يُعزز المخاوف من أن الدافع وراء الإدارة الجديدة هو المصالح التجارية للدول المانحة والمستثمرين، وليس بالضرورة المصلحة العامة للسكان.

انتقادات لاذعة: "هذا سيُفشل الخطة"

واجهت الخطة انتقادات لاذعة من خبراء فلسطينيين يرون أنها محاولة لفرض وصاية خارجية تتجاهل الإجماع الفلسطيني، حيث أكد الخبراء أن هذه الخطة "ستفشل" لسبب بسيط، وهو أن "لا يمكن أن يكون هناك سلام مع الفلسطينيين دون وجود الفلسطينيين على الطاولة"، كما وصف الخبراء هذا المقترح بأنه مجرد "ألاعيب بالكلمات" تدعي إنهاء الحرب، لكنها تُنفذ "على حساب الرفاهية المستقبلية للشعب الفلسطيني".

وأشار عدد من المراقبين إلى أن هذا المشروع يمثل محاولة لمواصلة التوسع الإسرائيلي عبر أدوات جديدة، وأن الأشخاص الذين يجلسون حول طاولة المفاوضات "مدفوعون بمصالح رأس المال"، متسائلين عن غياب أي جهة تدافع عن المصالح الفلسطينية الحقيقية في هذا الترتيب.

وعلى الرغم من إشادة توني بلير بالخطة واصفًا إياها بأنها "جريئة وذكية" ويمكن أن تحقق الأمن لإسرائيل وتمنح سكان غزة "مستقبلًا أفضل"، فإن الوثيقة المسرّبة تظل إطارًا مؤقتًا لثلاث سنوات، دون تحديد واضح لمصير غزة بعد انقضاء هذه المدة أو آليات نقل السلطة إلى هيئة فلسطينية ذات سيادة، مما يُبقي مستقبل القطاع معلقًا على خيوط السياسة الدولية والمصالح المالية.

*المصدر: الرئيس نيوز | alraeesnews.com
اخبار مصر على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com