ترامب يضحد شائعة الإطاحة برئيس المباحث الفيدرالية بصورة واحدة
klyoum.com
نفى البيت الأبيض بصورة قاطعة ما تم تداوله خلال الأيام الماضية حول نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل، مؤكدًا أن الأخير “يقوم بعمل رائع”. الشائعة، التي انتشرت عبر تقارير إعلامية استندت إلى مصادر مجهلة، دفعت الإدارة الأمريكية إلى تحرك سريع وحاسم لإعادة ضبط السرد السياسي والإعلامي، وهو ما ظهر جليًا في نبرة النفي القاطعة والصورة الرسمية التي جمعت ترامب بباتيل داخل المكتب البيضاوي، وفق ما أوردته صحيفة ميامي هيرالد الأمريكية.
وجاءت تقارير إعلامية عديدة لتزعم أن كبار مساعدي ترامب يدرسون إقالة باتيل بسبب “الضجيج الإعلامي” المرافق لعمله، وأشارت إلى حالة “استياء” داخل البيت الأبيض من العناوين السلبية المرتبطة بأدائه. غير أن الإدارة لم تترك مساحة للتأويل؛ إذ سارعت إلى نفي هذه المزاعم بشكل مباشر، مؤكدة أن العلاقة بين ترامب وباتيل أكثر انسجامًا مما يحاول البعض تصويره. وبدل الاكتفاء بتصريح أو توضيح مقتضب، لجأ البيت الأبيض إلى خطوة رمزية قوية: نشر صورة تجمع الرئيس بمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي داخل المكتب البيضاوي في اللحظة نفسها التي انتشرت فيها الشائعة، في رسالة مفادها أن الفريق الأمني يعمل بتناغم كامل.
وحملت الصورة دلالات سياسية تتجاوز النفي التقليدي؛ فقد أرادت الإدارة التأكيد على وحدة الفريق الأمني ورفض أي تشكيك في ولاء أو كفاءة أحد أقرب المقربين للرئيس. ترامب، المعروف باستخدامه المستمر للرسائل الرمزية، تعمّد هذه المرة إظهار الودّ في الصورة من خلال الابتسامة والمصافحة والأجواء العملية داخل المكتب البيضاوي، كدليل بصري لا يقبل الجدل. وترافق ذلك مع تصريحات مباشرة من الرئيس أكد فيها أن باتيل “يقوم بعمل رائع”، مضيفًا أن فكرة إقالته “غير منطقية”.
وعكست الطريقة التي تعامل بها البيت الأبيض رسائل سياسية متعددة.
الرسالة الأولى كانت موجهة للداخل الأمريكي: التأكيد أن العلاقة بين الإدارة وأجهزة الأمن مستقرة رغم الجدل المستمر حول ملفات التحقيقات.
الرسالة الثانية تتعلق بإدارة الشائعات؛ إذ اختارت الإدارة أسلوب “النفي السريع” المدعوم بلقطة رسمية لإغلاق الباب أمام أي تأويلات.
أما الرسالة الثالثة فتتمثل في إبراز ولاء ترامب لمساعديه، في إطار صورة “الفريق الموحد” التي يسعى الرئيس لتعزيزها خاصة في هذه المرحلة السياسية الحساسة.
وفي خلفية المشهد، رأى بعض المراقبين أن البيت الأبيض أدرك حساسيات تتعلق بأي تغيير في الفريق الأمني، إذ إن مجرد الحديث عن إقالة مسؤول بهذا المستوى قد يُفسر على أنه مؤشر ضعف أو انقسام داخلي. لذلك جاء الرد بصورة مغايرة للمألوف، تعتمد على الحضور البصري المباشر بدل البيانات المطولة. وبالفعل، سرعان ما تحولت الصورة إلى محور النقاش، بينما تراجع الاهتمام بالتقرير الذي أثار الشائعة من الأساس.
ويرى الخبراء أن ترامب استخدم مرة أخرى أسلوب “الدليل المرئي” الذي اعتمد عليه كثيرًا خلال سنواته السابقة، سواء في السياسة الخارجية أو الملفات الأمنية. فكما استخدم صورًا مماثلة لنفي خلافات مع بعض المسؤولين أو لتأكيد مواقف معينة، لجأ اليوم إلى الأداة نفسها لإعادة صياغة السرد حول باتيل، الذي يُعد من الشخصيات الأكثر قربًا لدائرته الأمنية.
وتبرز أيضًا دلالة مرتبطة بحساسية منصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي. فأي حديث عن تغييره قد يفتح الباب أمام تكهنات واسعة بشأن توجهات الإدارة أو مصير تحقيقات داخلية مهمة. لذلك يأتي دعم ترامب العلني لباتيل كرسالة استقرار موجهة للمؤسسات الأمنية والرأي العام، مفادها أن البيت الأبيض لا يتجه نحو أي تغييرات دراماتيكية في هذا الملف.
وتكشف طريقة تعامل ترامب مع الشائعة استراتيجية متماسكة قائمة على عدة عناصر بما في ذلك نفي مباشر، ودعم لفظي قوي، ثم صورة محسوبة لإغلاق النقاش. ورغم بساطة الأسلوب، إلا أنه يظل فعالًا في إدارة السرد الإعلامي داخل المشهد السياسي الأمريكي، خاصة في بيئة تتداول الأخبار بسرعة وتتعامل مع الصور بوصفها أدلة لا تقبل التشكيك.
وهكذا، يبدو أن البيت الأبيض اختار مواجهة الشائعة منذ لحظتها الأولى، مقدّمًا نموذجًا جديدًا لكيفية استخدام الصورة لصنع الاستقرار السياسي.