د. جمال القلبوبي يكتب: كيف تكون اقتصاديات العرب قرب انتهاء عصر البترول 2050
klyoum.com
تصريح جديد غريب يخرج من البيت الأبيض وسط سيل التصريحات الإعلامية أو على منصات السيوشيال ميديا ولكن هذا التصريح يحمل تصورا غريبا عما يخص الواقع والمستقبل للأوطان في الخليج العربي، حيث صرح ترامب ان الولايات المتحدة أصبحت أكبر المنتجين من النفط والغاز الطبيعي وأنها ليست في احتياج جذري الي البترول والغاز من الشرق الأوسط " ويقصد هنا وبالتحديد الدول العربية “ , وهنا اريد ان اسرد التفاصيل التي تتواجد عليها الاقتصاديات لدول الخليج العربي والتي يستهدفها بوضوح التصريح لترامب حيث ان التمثيل النسبي لعائدات النفط والغاز الطبيعي في اقتصادات تلك الدول تتوزع نسبها في الناتج المحلي والموازنة العامة والصادرات وسوف نقييهم من ناحية الموارد والبدائل الاقتصادية الأخرى ومدي التنوع لدي اقتصاد كل دولة بعيدا عن اعتماداتها الريعية.
فمثلا المملكة العربية السعودية حيث نسبة إيرادات الدولة من عوائد النفط تصل الي حوالي 70% وتمثل الصادرات النفطية 60% من إجمالي الصادرات وحوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي, ولدي الاقتصاد السعودي مشروع قومي للتوسعات العقارية شاملة مشروعات للسياحة مثل نيوم والعلا وكذلك صناعية في مناطق الجبيل وينبع بالإضافة الي منظور اقتصادي جديد في للخامات والمعادن والسعي الي إقامة مشروع تعديني قومي "معادن" بالإضافة الي التوسع في منهجية السياحة الدينية وكذلك الخدمات المالية المتمثلة في الصندوق السيادي السعودي للاستثمار بمختلف المجالات للطاقة والصناعة والاستثمار الدولي وقد يحتاج الاقتصاد السعودي التسريع في الوتيرة الزمنية للتحول من الاقتصاد الريع النفطي إلى اقتصاد غير نفطي متزن لدية مقومات لتقليل فجوة الاعتماد علي النفط قبل الوصول إلى 2050.
وفي الإمارات العربية المتحدة تظل وتيرة الاقتصاد الغير نفطي المختلط والنوعي عاملا استراتيجيا لدي الحكومة هناك حيث أن الاعتماد علي عوائد النفط أقل من 30% من الناتج المحلي الإجمالي ونسبتها في الإيرادات العامة ما بين 25-30% وتختلف نسب الإيرادات في إمارة أبو ظبي أكثر من ذلك قليلا حيث تصل الي 40-45% , ولدي الإمارات بدائل وموارد أخرى كثيرة حيث أنه لديها عوائد التجارة والعقارات والسياحة والطيران والخدمات المالية بالإضافة الي الصناديق السيادية الاستثمارية في كثير من دول العالم سواء إدارة وتشغيل الموانئ أو الاستثمارات في الطاقة المختلفة البترول الطاقة المتجددة أو المشروعات السياحية الترفيهية في دول الشرق الأوسط واستصلاح أراضي للزراعات وتمويلات للسدود في افريقيا وتمويلات للبنوك الدولية والشركات النفطية الامريكية والأوروبية, وقد يكون الاقتصاد الإماراتي قد تحول تماما إلى الاقتصاد المتزن والغير نفطي ولدية المقدرة علي الاستمرارية إذا ما سمحت المظلة الأمريكية للاستمارات الامارتية في الانتشار دوليا والتي تستدعي .
وفي قطر يعتمد اقتصادها علي الغاز الطبيعي أساسيا ونسبة من انتاج النفط بمتوسط نص مليون برميل يومي بينما الغاز يصل الإنتاج اليومي حوالي 6 مليار قدم مكعب ويساهم كلاهما بسبة 60% من الإيرادات للموازنة العامة وبتمثيل 55% من الناتج المحلي الجمالي ويمثل 80% من حجم الصادرات القطرية , وتعتبر صناعة الغاز المسال وتصديرها ذات تأثير مباشر وتتحكم في قدرات الاقتصاد القطري من ناحية الايجاب أو السلب ولذلك يعتبر الاقتصاد القطري نفطيا وشديد الارتباط بحالة أسواق النفط عالميا ويمثل مستوي التقييم حوالي 80% نفطيا وحوالي 20% غير نفطي وتعتبر البدائل الاقتصادية التي ركزت علي قطر كانت في صندوقها السيادي للاستثمار والذي وصل إلى أرصدة بحوالي 6 ترليون دولار معظمها في الاستثمارات العقارية في أوروبا وخاصه بريطانيا وشراكات مع ايكسون موبيل وشيفرون للنفط وكذلك سلسلة القنوات الإعلامية مثال الجزيرة والعربي والرياضية بيني واستثمار نادي باريس سان جيرمان . ولذا سيكون هذا الاقتصاد في مرحليه الصراع من أجل الذهاب والتحول والتحوط للوصول الي اقتصاد غير نفطي وتغيير البدائل في موارده الي طرق اخري اكثر استقرار من الاعلام والعقارات الأجنبية.
ويظهر التأثير المباشر لأي تقلبات في أسعار النفط عالميا علي الاقتصاد الكويتي والذي يصنف انه نفطي مرتبط والذي تعتمد إيراداته العامة علي مبيعات النفط بنسبة تصل الي حوالي 93% و الصادرات بنسبة 95% والبدائل الأخرى الغير نفطية ممثلة في استثمارات قديمة ومحدودة للصندوق السيادي الكويتي للاستثمار الذي يشمل مساهمات في بعض البنوك العالمية وسندات للخزانة الامريكية واسهم في بعض شركات الأوراق المالية والتكنولوجية في أمريكا , وتعد خطورة انتاج النفط واستمراره والفترة الزمنية التي قد تشمل بدائل للنفط أو نقصه أو نضوبه مؤثر مباشرة سلبي في استقرار الاقتصاد.
وتعد اقتصادات الدول لكل من البحرين والعراق وسلطنة عمان وليبيا والجزائر نفطية حيث إن عوائد وصادرات النفط لديها تمثل اكسير الاقتصاد في الموارد العامة التي تعود في استمرارية احتياجاتها حيث تتراوح نسبها ما بين 97 الي 100% ولذا فان تلك الدول في مراحل متأخرة لسرعه ملاحقة التحول الجذري لاقتصادها من نفطي الي غير نفطي ولدية البدائل، لان بعض هذه الدول غير مستقرة امنيا كالعراق وليبيا بل تبيع نفطها من أجل جلب الغذاء والدواء والسلاح والبعض الأخر من الدول لديها بدائل غير نفطية محدودة ولا ترقي الي تقييم إيجابي في حالة تعرض النفط الي النفص او الانتهاء مثال البحرين وسلطنة عمان والجزائر ومتوقع التأثر لهذه الاقتصاديات اللي أصبحت تحتاج الي إمكانيات ووقت كي تكون لها بدائل تأمن اقتصا ديتها .
ويعتبر الاقتصاد المصري الأكثر تنويعا في مصادرة المختلفة حيث يمثل النفط والغاز شريحة واردات حوالي 15% من الإيرادات العامة بينما البدائل للاقتصاد الغير نفطي تصل الي حوالي 85% وهي بدائل متعددة تشمل مشروعات الطاقة المتجددة والمحطة النووية والسدود وملفات متقدمة للهيدروجين الأخضر والتنوع في إيرادات السياحة والصادرات الزراعية وايرادات قناة السويس والصناعات التحويلية والتحويلات للعاملين بالخارج والتوسع في تمركزيه استقبال وتصنيع الغاز الطبيعي من دول شرق وشمال البحر المتوسط وكذلك عمليات الربط الكهربائي الآسيوي والأوربي ما يجعل هذا الاقتصاد الذي يسعي إلى الصعود في الـ 10 سنوات القادمة كي يكون الاقتصاد الغير نفطي الذي يعتمد علي مزيج الطاقة وينوع في الصناعات والزراعات التي تبني اقتصاد مستقر بينما الاقتصاديات الأخرى الغير نفطية مثال الأردن والمغرب وتونس والسودان لابد ان تتبناها الدول النفطية الآن كي تستثمر فيها بما لديها من مميزات اقتصادية زراعيه وحيوانية وبشرية واعدة قد تجلب لها مصادر لدولها وتنفع أيضا تلك الدول بتأمين اقتصادها.
إن التكامل الاقتصادي العربي سيكون السبيل الأمن لكل دول الاقتصاديات العربية النفطية حيث أن هذا التكامل سيوجه نصيب من تلك الصناديق السيادية العربية نحو بقية الدول العربية الأخرى والتي ليس لديها نفط حاليا والتي ستكون الأرض التي تبني فيها الزراعات والثروة الحيوانية والصناعات التعدينية والتكميلية والتكنولوجية التي ستكون تامين مستقبلي لاقتصاديات دول الكويت وعمان وقطر والامارات والسعودية بل ستكون السبيل لدول العراق وليبيا عند انتهاء عصر النفط وإلى تكملة قادمة.