اخبار مصر

الرئيس نيوز

سياسة

هل تخطط واشنطن لتأسيس قاعدة أمريكية في غلاف غزة؟

هل تخطط واشنطن لتأسيس قاعدة أمريكية في غلاف غزة؟

klyoum.com

يدرس الجيش الأمريكي إنشاء قاعدة عسكرية مؤقتة قرب قطاع غزة، قادرة على استيعاب نحو 10 آلاف شخص، وذلك في إطار مساعيه لتشكيل قوة استقرار دولية تضم جنودًا من دول أخرى لمراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

البحرية الأمريكية طلبت من مجموعة شركات مؤهلة مسبقًا تقديم تقديرات تكلفة لبناء "قاعدة عسكرية مؤقتة مكتفية ذاتيًا، قادرة على دعم 10 آلاف فرد، وتوفير 10 آلاف قدم مربع من المساحات المكتبية لمدة 12 شهرًا"، وفقًا لوثيقة رسمية أُرسلت إلى المقاولين واطلعت عليها بلومبرج.

تفاصيل المشروع

القاعدة المقترحة ستكون مؤقتة ومكتفية ذاتيًا، أي أنها ستضم مرافق تشغيلية وخدمية تسمح لها بالعمل بشكل مستقل لمدة عام كامل. الهدف الأساسي هو توفير مقر آمن وفعال للقوة الدولية التي ستُكلّف بمراقبة الالتزام بالهدنة، وضمان عدم انهيار التفاهمات الأمنية التي تم التوصل إليها بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة وتركيا.

طبيعة القوة الدولية

المشروع لا يعني نشر قوات أمريكية مباشرة داخل غزة، بل إنشاء قاعدة قادرة على استضافة قوات متعددة الجنسيات. هذه القوة ستضم وحدات من دول وسيطة مثل مصر وربما تركيا وقطر، وستكون مهمتها الأساسية الإشراف على التهدئة، مراقبة الأنفاق، وضمان عدم عودة الفصائل المسلحة إلى المواجهة.

أهداف القاعدة

القاعدة ستُستخدم كمنصة لإدارة خطة ما بعد الحرب، بما يشمل تنسيق المساعدات الإنسانية، مراقبة الأنشطة العسكرية، وضمان استمرار وقف إطلاق النار. كما ستُعتبر نقطة ارتكاز للوجود الأمريكي في المنطقة، بما يعزز نفوذ واشنطن في ملف غزة ويمنحها دورًا مباشرًا في صياغة مستقبل القطاع.

السياق السياسي

هذا التطور يأتي بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025. القاعدة المقترحة تُعد جزءًا من المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام، التي تتضمن نزع سلاح حماس، تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية، ونشر قوة دولية لضمان الأمن. لكن المشروع يثير جدلًا واسعًا، إذ يرى منتقدون أنه قد يُكرّس وجودًا عسكريًا دائمًا على حدود غزة، ويحوّل القطاع إلى منطقة تحت وصاية دولية بدلًا من أن يكون خطوة نحو الاستقلال الفلسطيني.

ردود الفعل الدولية

رحبت إسرائيل بالفكرة باعتبارها ضمانة إضافية لأمنها، مؤكدة أن وجود قوة دولية سيخفف من عبء المراقبة المباشرة على جيش الاحتلال الإسرائيلي، أما حركة حماس، فرفضت أي وجود عسكري أجنبي، معتبرة أن ذلك انتهاك للسيادة الفلسطينية، وأكدت أن أي قوة دولية ستُعامل كقوة احتلال، وقالت بلومبرج إن قوى إقليمية عديدة أبدت تحفظًا على المشروع، لكنها في الوقت نفسه تدرك أن واشنطن تسعى إلى تثبيت نفوذها عبر أدوات عسكرية.

وحذر مراقبون دوليون من أن القاعدة قد تصبح رمزًا لتكريس الاحتلال بدلًا من إنهائه، إذا لم تُربط بخطة سياسية واضحة تمنح الفلسطينيين حقوقهم.

انعكاسات إقليمية

وجود قاعدة أمريكية بهذا الحجم قرب غزة سيؤثر على التوازنات الإقليمية. مصر، التي لعبت دورًا محوريًا في الوساطة، قد تجد نفسها أمام تحدي جديد يتمثل في تقاسم النفوذ مع واشنطن. تركيا وقطر، اللتان شاركتا في جهود الوساطة، قد تنظران إلى المشروع كفرصة لتعزيز دورهما عبر المشاركة في القوة الدولية. أما إسرائيل، فستعتبر القاعدة ضمانة إضافية لأمنها، لكنها قد تواجه انتقادات داخلية من اليمين المتطرف الذي يرفض أي وجود أجنبي على حدود الدولة.

البعد الإنساني

وأوضحت صحيفة تورنتو ستار الكندية أن القاعدة ستُستخدم أيضًا لتنسيق المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى المدنيين في غزة، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة. لكن منظمات حقوقية حذرت من أن عسكرة المساعدات قد تُضعف الثقة بين السكان المحليين والقوة الدولية، وتجعل من الصعب فصل العمل الإنساني عن الأجندات السياسية والعسكرية.

تحليل استراتيجي

من منظور استراتيجي، يُظهر المشروع رغبة واشنطن في تثبيت وجودها العسكري والسياسي في المنطقة، ليس فقط لحماية إسرائيل، بل أيضًا لضمان أن أي ترتيبات مستقبلية في غزة تمر عبرها. هذا يعكس إدراك الإدارة الأمريكية أن الملف الفلسطيني لم يعد مجرد قضية محلية، بل أصبح جزءًا من معادلة الأمن الإقليمي والدولي. القاعدة، إذا أُنشئت، ستُعيد رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط، حيث ستصبح واشنطن لاعبًا مباشرًا في إدارة غزة، وهو ما قد يثير مخاوف من تهميش الدور العربي، خاصة المصري.

ويرجح الخبراء أن القاعدة الأمريكية المقترحة قرب غزة هي أداة سياسية واستراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد في القطاع بعد الحرب، وأن نجاحها أو فشلها سيعتمد على مدى قبول الأطراف المحلية والإقليمية بها، وعلى قدرتها في تحقيق التوازن بين الأمن والسيادة والحقوق الإنسانية.

*المصدر: الرئيس نيوز | alraeesnews.com
اخبار مصر على مدار الساعة