بعد قرارات ضريبية جريئة.. القاهرة على خريطة مراكز التكنولوجيا الأكثر جذبًا للشركات متعددة الجنسيات
klyoum.com
في خطوة وُصفت بأنها تحول استراتيجي في مسار الاقتصاد المصري، أعلنت الحكومة إعفاء صادرات المواهب التقنية عن بُعد من ضريبة القيمة المضافة، وهو ما وضع القاهرة رسميًا على خريطة المراكز الأكثر جذبًا للشركات متعددة الجنسيات. هذا القرار أنهى سنوات من الغموض التشريعي حول تعريف "تصدير الخدمات"، وفتح الباب أمام موجة جديدة من الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا، وفقًا لمجلة أفريكا لونش بيز.
وقالت المجلة في تقريرها: "على مدار سنوات طويلة، واجهت الشركات الناشئة والمكاتب المحلية العاملة في مجال البرمجيات وخدمات الدعم الفني تحديات ضريبية معقدة، إذ لم يكن هناك تعريف واضح لما يُعتبر "خدمة مصدّرة". هذا الغموض أدى إلى فرض ضرائب غير متوقعة على شركات كانت تعمل أساسًا لخدمة أسواق خارجية. ومع صدور القرار الجديد في ديسمبر 2025، تم إعفاء هذه الخدمات من ضريبة القيمة المضافة البالغة 14%، ما منح الشركات الناشئة متنفسًا ماليًا وفرصة للتوسع دون قيود بيروقراطية".
عامل جذب لافت للشركات متعددة الجنسيات
وصدر القرار في توقيت حساس، حيث تسعى مصر إلى استقطاب استثمارات أجنبية غير مسبوقة في قطاع التكنولوجيا. شركات عالمية كبرى بدأت بالفعل في دراسة نقل مراكزها التشغيلية أو إنشاء فرق عمل عن بُعد في القاهرة، مستفيدة من الحوافز الضريبية والكوادر البشرية المؤهلة. كما أن فتح المناطق الحرة أمام الشركات الناشئة الموجهة للتصدير مع إعفاءات كاملة من الضرائب والجمارك عزز من جاذبية السوق المصرية، لتصبح القاهرة منافسًا حقيقيًا لمراكز تقليدية مثل دبي وبنجالور.
هذه الخطوة توازي جهود أخرى مثل إنشاء مناطق اقتصادية رقمية وتجهيز بنية تحتية متطورة للاتصالات والإنترنت. الهدف هو تحويل مصر إلى مركز إقليمي لتصدير المواهب التقنية، خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي، تطوير البرمجيات، وخدمات الدعم عن بُعد. ومع وجود أكثر من تسعة آلاف متر مربع مخصص للشركات الناشئة في المناطق الحرة، تتشكل بيئة أعمال جديدة قادرة على منافسة مراكز التكنولوجيا العالمية.
الأبعاد الاقتصادية والسياسية
يعكس القرار الضريبي الجرئ رغبة القاهرة في تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن القطاعات التقليدية مثل السياحة والطاقة، والرهان على اقتصاد المعرفة كرافعة للنمو. كما أنه يرسل إشارة سياسية بأن مصر مستعدة لتكون لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد الرقمي العالمي، ما يمنحها أوراق قوة إضافية في علاقاتها مع الغرب والشركات متعددة الجنسيات. هذه السياسة تضع مصر في موقع متقدم ضمن الدول الساعية إلى بناء اقتصاد رقمي متكامل، وتفتح الباب أمام فرص عمل جديدة للشباب المصري في مجالات البرمجة، الأمن السيبراني، وتحليل البيانات.
التحديات المحتملة
رغم الإيجابيات، لا يخلو القرار من تحديات؛ إذ أن نجاحه يتوقف على قدرة الدولة على توفير بيئة أعمال شفافة، وضمان استقرار تشريعي طويل الأمد، إضافة إلى تطوير البنية التحتية الرقمية بشكل مستمر. كما أن المنافسة الإقليمية مع دول مثل الإمارات والهند تتطلب من القاهرة الاستثمار في التعليم التقني وتدريب الكوادر البشرية، لضمان بقاءها في صدارة المراكز الجاذبة للشركات العالمية.
ويؤكد التقرير أن القرار المصرى بشأن إعفاء صادرات المواهب التقنية من الضرائب ليس مجرد تعديل تشريعي، بل خطوة استراتيجية تضع مصر في قلب المنافسة العالمية على الكفاءات الرقمية. إذا نجحت القاهرة في استدامة هذه السياسات وتوفير بيئة أعمال شفافة، فإنها قد تتحول إلى وجهة أولى للشركات العالمية الباحثة عن مواهب تقنية في الشرق الأوسط وإفريقيا.