دخول أذربيجان يُحوّل مجموعة آسيا الوسطى من C5 إلى C6 ويعزز ثقلها الجيوسياسي
klyoum.com
أعلن رؤساء دول آسيا الوسطى خلال الاجتماع التشاوري السابع للقيادة أن جمهورية أذربيجان ستنضم رسميًا إلى مجموعة الدول الخمس في المنطقة، المعروفة سابقًا باسم C5، لتصبح المجموعة الجديدة “C6”.
تضم هذه المجموعة كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، تركمانستان، أوزبكستان، وأذربيجان، ما يعزز ثقلها الاقتصادي والجيوسياسي في أوراسيا ويمنحها وزنًا أكبر في التوازنات الدولية، وفقًا لمجلة يورآسيا ريفيو.
وتشكل أذربيجان جسرًا استراتيجيًا بفضل موقعها على بحر قزوين وكونها محورًا أساسيًا في طريق “الممر الأوسط” للنقل الدولي عبر بحر قزوين، وهو الممر الذي يربط الصين وأوروبا مرورًا بآسيا الوسطى والقوقاز.
هذا الموقع يمنح الدول الأعضاء وصولًا مباشرًا إلى الأسواق الأوروبية والتركية دون الاعتماد على روسيا أو إيران، ويضيف نحو تسعة وسبعين مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة، ليصبح ثالث أكبر اقتصاد بعد كازاخستان وأوزبكستان.
كما يزيد عدد السكان بأكثر من عشرة ملايين نسمة، ما يعزز الوزن الديمغرافي والسياسي للمجموعة ويمنحها قدرة أكبر على التفاوض مع القوى الكبرى.
وتمثل المصالح المشتركة في مجال الطاقة والبنية التحتية أحد أهم دوافع التحالف الموسع. تمتلك أذربيجان شبكات واسعة من خطوط النفط والغاز، بما في ذلك خط أنابيب باكو–تبليسي–جيهان وخط جنوب القوقاز للغاز، ما يكمل صادرات الطاقة لدول آسيا الوسطى ويزيد من قدرتها التفاوضية في الأسواق العالمية.
وتستفيد تركمانستان، صاحبة خامس أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، من فرص تصدير موسعة إلى أوروبا وتركيا عبر هذه الشبكات، ما يقلل من اعتمادها على السوق الصينية ويمنحها مرونة أكبر في إدارة مواردها.
علاوة على ذلك، يسهم الانضمام في تعزيز التوازن الجيوسياسي للمنطقة.
فبعد تسوية النزاع بين أذربيجان وأرمينيا واستعادة سيادة باكو على كامل أراضيها، يمكن لمشاركة أذربيجان في C6 أن تساعد آسيا الوسطى على تنويع شراكاتها وتقليل الاعتماد على قوة خارجية واحدة، سواء كانت روسيا أو الصين أو الغرب.
كما أن المجموعة تحتفظ بعلاقات جيدة مع الصين، وقد تلقت في النصف الأول من عام ٢٠٢٥ نحو خمسة وعشرين مليار دولار من استثمارات ومشروعات البنية التحتية ضمن مبادرة الحزام والطريق، وهو ما يعزز مكانتها كمحور رئيسي في التجارة العالمية.
وإلى جانب الفوائد الاقتصادية والاستراتيجية، يعزز الانضمام الروابط الثقافية والسياسية بين الدول الناطقة بالتركية. إذ تساهم أذربيجان في تعميق الهوية التركستانية المشتركة، وتقوي التنسيق الثقافي والدبلوماسي مع تركيا، دون أن يتدخل “الأخ الأكبر” التركي في شؤون الدول الأخرى.
هذا البعد الثقافي يمنح المجموعة قوة ناعمة إضافية، ويعزز من قدرتها على بناء هوية إقليمية متماسكة في مواجهة الضغوط الخارجية.
كما يمنح توسيع المجموعة إلى C6 قوة أكبر في المفاوضات مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين، ويتيح فرصة لإعادة النظر في تنظيم شؤونها داخليًا، ربما عبر إنشاء جمعية رسمية للدول الأوروآسيوية.
لكن انضمام أذربيجان يحمل تحديات واضحة. أولها هو تشويش الهوية الأصلية للمجموعة، إذ تقع أذربيجان في جنوب القوقاز وتُصنَّف غالبًا ضمن أوروبا الشرقية، ما قد يتطلب إعادة تسمية المجموعة لتعكس التوسع الجغرافي والثقافي.
كما يمكن أن يخلق وجود أذربيجان توترًا مع القوى الكبرى، خصوصًا في ظل علاقاتها الوثيقة مع تركيا واستخدامها للممرات الغربية، بالإضافة إلى علاقاتها الأمنية مع إسرائيل، ما قد يثير توترًا مع إيران ويعقد التوازن الإقليمي.
وتضاف إلى ذلك تعقيدات القرار المؤسسي، إذ ستحتاج C6 لمواءمة أولويات أذربيجان مع الدول الخمس الأصلية، خاصة في مجالات النقل والطاقة والسياسة الخارجية.
كما يمكن أن تؤدي المنافسة التقليدية بين كازاخستان وأوزبكستان على القيادة الإقليمية إلى صراعات داخلية جديدة داخل المجموعة، وهو ما يتطلب آليات فعالة للتنسيق وتوزيع الأدوار.
ويمكن لمجموعة C6 أن تتطور في ثلاثة مسارات رئيسية: الأول هو تحالف النقل والبنية التحتية، كتوحيد للممرات التجارية والسكك الحديدية والموانئ لتقليل الاعتماد على روسيا؛ الثاني كتكتل ثقافي وسياسي تركي، يعزز الهوية المشتركة والتنسيق في المجالات الثقافية والتعليمية والدبلوماسية؛ والثالث كتكتل جيوسياسي لتحقيق التوازن الاستراتيجي بين القوى الكبرى، مع التركيز على الأمن والقدرة التفاوضية الجماعية.
يظل التركيز على الفوائد الاقتصادية والممرات اللوجستية هو الأساس لتعزيز قوة C6، بحيث تعزز هذه الخطوة من استقلالية الدول الأعضاء واستقرارها الإقليمي، مع مراعاة التحديات الدبلوماسية والجيوسياسية المترتبة على ضم أذربيجان.
وإذا نجحت المجموعة في إدارة هذه التحديات بمرونة، فإنها ستتحول إلى قوة إقليمية قادرة على التأثير في مسار التوازنات الدولية، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الأوراسي.