حماس تدرس خطة ترامب بشأن غزة وسط خيارات صعبة
klyoum.com
في مواجهة خطة ترامب في ظل تصعيد إسرائيلي متجدد في غزة، تجد حركة "حماس" الفلسطينية نفسها بين المطرقة والسندان، أي أنها باتت على حافة هاوية سياسية وعسكرية.
وفي الأثناء، تدرس حماس خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، في ظل تصعيد إسرائيلي محموم يضيّق الخناق على القطاع.
وأشارت صحيفة "آراب ويكلي"، إلى أن الأزمة لا تكمن فقط في تفاصيل الخطة، بل في التوقيت والظروف التي فُرضت فيها، لتجعل خيارات الحركة لا تتعدى دائرة "المُرّ" و"الأكثر مرارة"، ونقلت رويترز عن مسؤول فلسطيني مطلع قوله إن "قبول الخطة كارثة، ورفضها كارثة أخرى".
الاستسلام المُضمر وشروط ترامب
الخطة الأمريكية، التي دعمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتطلب من حماس الرد عليها خلال "ثلاثة أو أربعة أيام"، لا تترك للحركة مجالًا للمناورة. فجوهر المقترح يتلخص في مطالبة حماس بـ إطلاق سراح الرهائن، والتجريد الكامل من السلاح، وإنهاء دورها في حكم غزة. هذا يعني، في التحليل السياسي العميق، أن حماس والفصائل المتحالفة معها مدعوة للاستسلام والخروج من المعادلة الفلسطينية.
وقد دفع هذا الواقع الصعب قيادة الحركة إلى مشاورات مكثفة مع الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك، وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة لشبكة سكاي نيوز أن حماس تسعى جاهدة لإدخال تعديلات جوهرية على بنود الخطة، لا سيما تلك المتعلقة بنزع السلاح وإبعاد الكوادر، فضلًا عن المطالبة بضمانات دولية لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي الكامل وعدم التعرض لقادتها بالاغتيال.
ويُظهر هذا المسعي أن "حماس" ترى أن الموافقة المشروطة هي الخيار الوحيد لتجنب سيناريو عسكري أشد فتكًا، رغم علمها بأن الخطة وُضعت وفقًا لـ"هندسة إسرائيلية" لتلبية المصالح الأمنية والسياسية لتل أبيب.
الانقسام الداخلي ومطرقة الحصار الإسرائيلي
تعكس المداولات الداخلية في حماس انقسامًا واضحًا. فهناك تيار يرى في الموافقة غير المشروطة مخرجًا لإنهاء الحرب وضمان وقف إطلاق النار برعاية ترامب.
وفي المقابل، يرفض تيار آخر التخلي عن السلاح أو تسليم أي فلسطيني، مؤيدًا اتفاقًا مشروطًا يحفظ لـ"المقاومة" دورها ويمنع شرعنة الاحتلال.
هذا الجدل الداخلي يتزامن مع تصعيد ميداني إسرائيلي لا يتوقف. فبينما يدرس القادة السياسيون في الدوحة مصير الخطة، تواصل المقاتلات والدبابات الإسرائيلية قصف الأحياء السكنية في مدينة غزة، مما أودى بحياة العشرات، وفقًا للسلطات الصحية المحلية.
ويصاحب ذلك قرارات إسرائيلية بإصدار أوامر جديدة بالتوجه جنوبًا، وإغلاق الطريق الساحلي أمام العائدين شمالًا، في خطوة وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنها "تضييق للطوق حول غزة"، مؤكدًا أن من يبقى في الشمال سيُعتبر "إرهابيًا".
هذه التحركات لا تهدف فقط إلى تحقيق مكاسب عسكرية، بل هي ضغط مباشر لاجبار "حماس" على القبول بالشروط.
خطة مشوهة: تناقضات نتنياهو وغياب الرؤية الفلسطينية
رغم أن الخطة وُلدت على يد ترامب، إلا أن غموضها وتناقضاتها تفضح هيمنة الأجندة الإسرائيلية. فنتنياهو، الذي أيد الخطة أمام ترامب، سارع لاحقًا إلى التأكيد على أنه لم يوافق على قيام دولة فلسطينية وأنه سيقاوم ذلك بالقوة.
هذا التناقض الجوهري، إلى جانب افتقار الخطة لجدول زمني واضح لانسحاب إسرائيل، يثير شكوك الوسطاء، بمن فيهم رئيس الوزراء القطري الذي طالب بـتوضيحات ومفاوضات حول نقاط خلافية، مشيرًا إلى أن الخطة تحتاج إلى أن تشارك فيها الأطر الوطنية الفلسطينية كافة، وليست حماس وحدها.
ويزيد التحليل الأكاديمي المشهد تعقيدًا؛ إذ يرى الخبراء، مثل جولي نورمان في مقال نشرته مجلة كونفرسيشن، أن الخطة تضع حماس أمام "أفضل عرض" قد تحصل عليه، فيما تشير تحليلات أخرى إلى أن الخطة تتجاهل تمامًا السلطة الفلسطينية التي تعاني أصلًا من ضعف وتآكل، ولا تقدم أي مسار حقيقي لبروز قيادة فلسطينية موحدة ومقبولة تستطيع إدارة غزة ما بعد الحرب.
وتجد "حماس" أنها لا تملك خيارات تخرج بها بانتصار سياسي يحفظ دورها ونفوذها. فإذا ما رفضت الخطة، فإنها ستتحمل مسؤولية استمرار "الإبادة" في ظل تصعيد إسرائيلي لا يرحم؛ وإذا ما قبلت، فإنها ستكون قد رضخت لشروط تفكيكها وتجريدها من أهم أوراق قوتها.
ولذلك، يبدو أن الموافقة المشروطة هي المسار الأكثر ترجيحًا، لكنه يمثل في نهاية المطاف استسلامًا تحت وطأة النيران والتجاهل الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني.