الحيوانات المفترسة والنادرة في مصر... تجارة لها أنياب
klyoum.com
أخر اخبار مصر:
حازم إمام: رحيلي عن الزمالك كان بسبب تهميشي من فيريراالقائمة تشمل طيوراً جارحة وأسوداً وضباعاً وثعالب وتماسيح وقروداً وتزدهر عبر التهريب على الحدود وفي الأسواق الشعبية ومحال بيع الطيور ومواقع التواصل وأرباحها تقدر بالمليارات
لم يعد سماع نبأ في التلفزيون أو قراءة خبر في صحيفة أو عبر منصات التواصل الاجتماعي عن العثور على تمساح نيللي أو شبل صغير أو نمر يتجول أمام المارة بمنطقة سكنية، أو تربية أفعى أو صقر أو عقرب أو ثعبان سام داخل منزل، أمر يثير الدهشة والاستغراب، بل بدا الأمر مألوفاً، لا سيما مع تكرار تلك الوقائع خلال الفترات السابقة.
ولعل أبرز ما يدلل على ذلك ما وقع أخيراً بعدما عثر على تمساح نيللي طوله 100 سنتيمتر يتجول أمام أحد العقارات السكنية بحي حدائق الأهرام (غرب القاهرة)، بعد أن ألقاه صاحبه بالشارع عقب فشله في رعايته ليقرر التخلص منه، حتى تمكنت الجهات المختصة من السيطرة عليه، لمنع تعريض حياة المواطنين للخطر.
الواقعة السالفة الذكر أعادت للأذهان سلسلة جرائم ارتكبت ضد الحيوانات البرية والمهددة بالانقراض على مدى السنوات القليلة الماضية، ففي فبراير (شباط) الماضي أحدث حيوان نافق من نوع "إيجوانا" حالة من الذعر بين سكان مدينة بورفؤاد بمحافظة بورسعيد، وفي أغسطس (آب) الماضي أعلنت وزارة البيئة العثور على عدد من الحيوانات المهددة بالانقراض تنوعت ما بين ثعالب وعقارب وثعابين وصقر حوام وطاووس وبجعة ونسانيس وورل وسحالي داخل إحدى الكافتيريات بالإسكندرية، وفي مارس (آذار) العام الماضي أثيرت ضجة واسعة بعد العثور على شبل يتجول أمام منطقة الفلل بالتجمع الأول.
وفي ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، عثر على حيوان الورل النيلي داخل قطعة أرض فضاء بشارع أحمد عرابي في البراحيل بمحافظة الجيزة، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تمكنت وزارة البيئة من إنقاذ 20 حيواناً من خمسة أنواع مختلفة مهددة بالانقراض في مصر، تشمل عقبان وحدأة مصرية وتماسيح نيلية وصقور جراد وحوام وغيرها كثير.
تكرار تلك الوقائع الغريبة والمثيرة، فتح الباب أمام تساؤلات عدة، حول كيفية وصول تلك الحيوانات المفترسة والخطرة والمهددة بالانقراض بسهولة إلى أيدى المصريين وتجمعاتهم السكنية؟ وما الاشتراطات اللازمة لاقتناء تلك الحيوانات لتفادي أخطارها المحتملة؟ ومن وراء الاتجار غير الشرعي لهذه الحيوانات؟ ومن أين يحصل محترفو تلك التجارة على الحيوانات؟ وهل القانون رادع للمخالفين في تلك الحالات؟
"اندبندنت عربية" حاولت تتبع خيوط ومسارات تلك القضية في محاولة للكشف عن خبايا عالم الاتجار في الحيوانات والطيور البرية المفترسة والمهددة بالانقراض، ومسارات حركة التداول في عمليات البيع والشراء لتلك الأنواع.
في مشهد اعتاده زوار سوق الجمعة الشعبي بالسيدة عائشة، يصطف عدد كبير من باعة الحيوانات، بجوار بعضهم بعضاً في ممرات جانبية بالسوق لعرض بضاعتهم على الزبائن الوافدين من مختلف محافظات الجمهورية للبحث عما يرغبون في اقتنائه.
بنظرات لا تخلو من الخوف والريبة، يقف الشاب العشريني محمد يوسف (اسم مستعار)، أحد تجار تلك المهنة، مرتدياً جلبابه ويدقق النظر في كل من حوله، يجاوره أشكال مختلفة من الحيوانات والطيور بعضها أليف، وآخر مفترس ونادر ومهدد بالانقراض، ويلتف حوله أعداد كبيرة من الزبائن، إما بغرض الشراء أو التفاوض على بيع حيوانات مفترسة في مقابل دفع "عربون" مالي. ومثله كبقية التجار في السوق الشعبية، يحدد يوسف تسعيرة مختلفة لكل حيوان بحسب نوعيته وقيمته وحجمه.
اللافت أن هذا المشهد لا يقتصر على سوق السيدة عائشة فقط، بل يمتد إلى عدد من الأسواق الشعبية في بعض المحافظات ومحال طيور الزينة والمزارع غير المرخصة، التي تركز نشاطها على بيع الحيوانات والطيور المفترسة والمهددة بالانقراض بالمخالفة للقوانين والاتفاقات الدولية المنصوص عليها في هذا الإطار.
"اندبندنت عربية" تواصلت مع مسؤول حكومي رسمي، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، على دراية بطبيعة تلك القضية وأساليب الاتجار فيها. الذي أكد أنه يحظر نهائياً الاتجار في أي مفترسات وسامات أو اقتنائها لتربيتها في المنزل، كونها تشكل "مصدر خطورة على حياة الإنسان ومن حوله"، مشيراً إلى أن تربية الحيوانات البرية لا سيما الخطرة تتطلب شروطاً وإجراءات محددة في التعامل معها وضمان عدم هربها، وأماكن إيواء مناسبة ومتخصصين على دراية بطبيعة تلك الحيوانات وتغذيتها بكميات كافية وخصائص سلوكياتها وتوفير الرعاية البيطرية لها وتحصينها ضد الأمراض، إضافة إلى الأوراق الثبوتية وسجلات التاريخ الطبي الخاص بها وتقارير متابعة من اللجان بصورة دورية.
وفق المصدر، فإن الحيوانات المفترسة تعني كل أشكال الحيوانات والطيور التي تتغذى على اللحوم، ولها أنياب ومخالب، مثل العقارب والثعابين السامة والتماسيح والصقور والبوم وغيرها، كاشفاً عن أن تلك الأنواع من الحيوانات تصل إلى أيدى العامة من المواطنين "عبر الاتجار غير الشرعي"، إما بتداولها في الأسواق الشعبية مثل "السيدة عائشة" بالقاهرة و"الحمام" بالإسكندرية أو عبر إخفائها في مخازن لتفريغ الحيوانات في أثناء التكاثر، ثم الاستفادة من عمليات بيعها بكلفة عالية أو تأتي مهربة من الخارج مثل: الطيور الجوارح والأسود والشمبانزى والقرود، أو عبر المنصات الإلكترونية، منوهاً أن تلك التجارة غير الشرعية أصبحت مهنة تدر أرباحاً طائلة على القائمين عليها.
وفي اعتقاد المصدر فإنه على رغم وجود تشريعات قانونية وإجراءات رقابية وحملات تفتيشية مستمرة لمواجهة تلك القضية فإنها لا تزال موجودة ورائجة وتخضع لحركة التداول في السوق العالمية، فإذا ارتفع معدل التهريب انتعشت تلك التجارة، وإذا انخفض تراجعت، مشيراً إلى أن قانون البيئة رقم 9 لعام 2009 ورقم 4 لعام 1994 واللوائح التنفيذية المرتبطة بهما، إضافة إلى القانون رقم 29 لعام 2023، المعني بتنظيم حيازة الحيوانات الخطرة، تحظر الاتجار غير الشرعي في تلك الحيوانات إلا وفق ضوابط واشتراطات خاصة، وتتنوع العقوبات ما بين غرامات أو حبس بحسب نوع الجريمة.
وأقرت المادة (16) من القانون رقم 29 لعام 2023، أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ترتب على ذلك تعريض الممتلكات أو الأرواح للخطر".
ويعزو المصدر خلال حديثه، رواج تلك التجارة غير الشرعية إلى تزايد الطلب والإقبال عليها، أما بغرض التفاخر باقتنائها أو استغلالها في كسب أرباح على منصات التواصل الاجتماعي، كاشفاً عن أن كثيراً من عصابات الاتجار في تلك المهنة لا ينفقون مبالغ كبيرة نظير التحصل عليها، فقد يحصلون على التماسيح النيلية، على سبيل المثال، من أحد الصيادين بمبالغ زهيدة، ويربحون في مقابل بيعها لأثرياء خارج البلاد بمبالغ مالية طائلة، موضحاً أن وزارتي البيئة والزراعة وكذلك إدارة المسطحات المائية والجهات الشرطية منوط بها مراقبة عمليات الاتجار في تلك الحيوانات ومنع بيع أو نقل أو تداول أو عرض الحيوانات والثدييات والزواحف المهددة بالانقراض، إضافة إلى اتفاق "سايتس" الدولية المنظمة لحماية أنواع الحيوانات والنباتات البرية من خطر الانقراض، التي حددت مستويات الخطورة في شأنها، وحددت الأنواع المحظور تداولها وفقاً لجداول محددة، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود المجتمعية لمجابهة تلك العصابات وعمليات الاتجار خارج إطار القانون.
وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2022 أطلقت وزارة البيئة المصرية، خطاً ساخناً لمواجهة الاتجار غير المشروع الذي يهدد الحياة البرية والتنوع البيولوجي للحفاظ على الطيور والحيوانات النادرة والمعرضة للانقراض، لا سيما عقب رصد الوزارة عملية بيع أنواع من الحيوانات البرية بأسعار مرتفعة عبر الإنترنت، منها أشبال الأسود والضباع والثعالب والنسانيس، وأنواع مختلفة من القرود والببغاوات والسحالى والتماسيح، وأيضاً الصقور وبعض طيور برية.
"أرباح تلك التجارة المحظورة تقدر بالمليارات"، هكذا يصف رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان بكلية الطب البيطري بجامعة عين شمس الدكتور عاطف محمد كامل حجم الاتجار غير الشرعي فيها، مشيراً إلى أن تلك التجارة تزدهر عبر عمليات التهريب على الحدود وفي الأسواق الشعبية بالمحافظات التي يرتادها أعداد هائلة من المصريين، وفي مقار بيع طيور الزينة التي تمارس عمليات الاتجار في بيع "النسناس والببغانات والسلاحف" من دون أوراق ثبوتية أو فحص لشهادات التطعيمات لمعرفة ما إذا كان محصنة من عدمه.
ويحذر كامل وزارة البيئة والهيئة العامة للخدمات البيطرية من تلك الثغرات، كونها حيوانات مجهولة المصدر ومهددة بالانقراض، فضلاً عن إمكان نقل الأمراض والأوبئة كون أن بعض الحيوانات، لا سيما المهربة من الخارج تأتي من دون تحصينات، فتنقل الأمراض إلى الأشخاص العاديين، لذلك يتطلب الأمر جهوداً صارمة لمراقبة تلك الحيوانات وضبط المتلاعبين والتأكد من سلامة الإجراءات والأوراق الثبوتية بصفة دورية، مشيراً إلى أن أي حيوان يجري مصادرته يجري التحفظ عليه في حديقة الحيوان على الفور.
وفي رأي كامل، الذي يشغل أيضاً منصب المستشار العلمي بمنظمة "يونسكو" وعضو اللجنة العلمية في منظمة السايتس الدولية، فإن كل التقارير العلمية الأخيرة الصادرة عن "السايتس" أثبتت أن الاتجار غير الشرعي في الحيوانات البرية يستحوذ على المرتبة الثانية بعد تجارة المخدرات وقبل تجارة السلاح، مؤكداً أن تلك التجارة على رغم القيود العديدة عليها في مصر فإنها "لا تزال منتشرة ولم تنته".
ويوضح الخبير البيئي أن تلك التجارة تنمو وتزدهر وتلقى رواجاً كبيراً داخل البلدان الأفريقية وكذلك الصين التي تعتمد على جلب نوعيات معينة، مثل عظام الحيوانات المفترسة أو سن الفيل العاج أو مكونات النمور والقطط البرية، وتقوم بطحنها لاستخدامها في الطب الطبيعي وعلاج بعض الأمراض وهناك إقبال عليها، لافتاً إلى أنه "في أواخر فترة الثمانينيات أنشئ مكتب للحياة البرية داخل مطار القاهرة لضبط أية عمليات تهريب وكشف عن أي ثغرات ينفذ منها الخارجين عن القانون".
ويبين رئيس قسم الحياة البرية أن الاتجار في تلك الحيوانات نوعان، الأول خارج الإطار الرسمي ومحظور قانوناً، والآخر يندرج داخل المنظومة وتحت أعين الجهات الرسمية مثلما يحدث في منطقة "أبو رواش" بالجيزة التي تشتهر بتلك التجارة، لكنها تخضع لمراقبة ومراجعة دورية ومستمرة من لجنة السايتس في الهيئة العامة للخدمات البيطرية، فلا تتم عمليات شراء أو بيع أو تداول أو تصدير أو استيراد للحيوانات البرية إلا من خلال تلك اللجنة، التي تؤدي دورها بمراجعة كل الأوراق وإرسال لجان للتفتيش ومعرفة أماكن إيوائها وكيفية استيرادها والموقف الوبائي لتلك البلدان، مشيراً إلى أن القانون المصري يحظر نهائياً تصدير الحيوانات البرية المصرية للخارج، نظراً إلى تناقص أعدادها ورغبة في الحفاظ عليها.
وألزم الدستور المصري في نص مادته (45) بالحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر، والرفق بالحيوان، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون.
وفي تقدير كامل، فإن الحياة البرية في مصر تواجه حالياً عديداً من الأخطار التي تهدد استمرارها، نتيجة الصيد الجائر والاتجار غير المشروع الذي يعد خطراً على عديد من الأنواع، منوهاً بأن مصر على سبيل المثال تضم 93 نوعاً من الثدييات، بما في ذلك الغزلان والثعالب وثعالب الفنك ويوجد نحو 20 نوعاً مهدداً بالانقراض، كما تعتبر ممراً مهماً لهجرة الطيور المهاجرة، وموطناً لأكثر من 500 نوع من الطيور، سواء المقيمة أم المهاجرة، بخاصة على سواحل البحر الأحمر والمتوسط.
يتعجب رئيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان من عدم وجود إحصاء دقيق للحيوانات والطيور المهددة بالانقراض في مصر، موضحاً أنه ينبغي على وزارة البيئة المصرية أن تقوم بعمل إحصاء شامل ودقيق بأعداد تلك الحيوانات، ورصد مكافآت خاصة للباحثين في الجامعات المصرية للتنقل بين الصحاري والمحافظات المختلفة لمعرفة أماكن تمركزها وحالتها الصحية، ورصد كل الأنواع البرية ما بين "الثعالب الحمراء والكبش الأروي والبربري شيب والماعز الجبلي والقطط البرية والغزلان والصقور والضباع والثعالب الفنك، وغيرها من الأنواع".
وفي رأي كامل أن استمرار قرارات حظر التصدير لتلك الحيوانات هو القرار الأنسب حتى الآن في ظل عدم معرفة أعدادها وبيانات تفصيلية هنا، مردفاً "نخشى أن يفتح التصدير ونقضى بأيدينا على كنوز نادرة، ويكون الأمر أشبه بخراب ديار"، مشدداً على ضرورة تشديد الرقابة على الحدود ومنافذ التهريب والأسواق الشعبية والمزارع والقرى السياحية لسد الثغرات على المخالفين.
وألزمت المادة 28 من قانون البيئة أنه "يحظر بأية طريقة القيام بصيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والكائنات الحية المائية أو حيازتها أو نقلها أو تصديرها أو استيرادها أو الاتجار فيها حية أو ميتة كلها أو أجزائها أو مشتقاتها أو القيام بأعمال من شأنها تدمير الموائل الطبيعية لها، أو تغيير خواصها الطبيعية أو موائلها أو إتلاف أوكارها أو إعدام بيضها أو نتاجها".
يؤيده الرأي أستاذ المحميات الطبيعية وعميد معهد البيئة السابق الدكتور عمر تمام، موضحاً أنه ينبغي عدم التحايل على قرار حظر التصدير للحيوانات البرية مثلما حدث في وقائع عديدة في الفترة السابقة، مشيراً إلى أن الحياة البرية في مصر تضررت كثيراً، بسبب الإفراط في عمليات التصدير في فترات سابقة، مما قضى على عديد من الأنواع، لافتاً إلى أنه تقدم بشكاوى عديدة في فترات سابقة لوقف تصدير كل الفقاريات آكلات الحشرات كونها تحمي البيئة من الحشرات الاستوائية، وكذلك حظر تصدير الضفادع، مستشهداً "سبق وانسحبت من لجنة السايتس قبل أربع سنوات اعتراضاً على قرار اللجنة بتصدير أي حيوان زاحف في الأشهر (أبريل ومايو ويونيو) تحديداً، كونها حوامل للبيض في هذه الأشهر، وبالتالي تكون فرصة مناسبة للإكثار والتزايد والحفاظ على التنوع البيولوجي من أي خلل ولكن جرى تنفيذ القرار".
يضيف تمام، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن بعضاً يرى أن تصدير تلك الحيوانات بمثابة فرصة ذهبية لجلب العملة الصعبة، وهو قرار كارثي، لأنه يقضى على أنواع نادرة تمثل قيمة وثروة مهمة لإحداث التوازن البيئي، مقترحاً ضرورة قيام وزارتي البيئة والزراعة بالاشتراك مع الهيئة العامة للخدمات البيطرية على تشجيع الشباب على تربية تلك الأنواع النادرة من الطيور والزواحف والحيوانات وعمليات الإكثار والتزايد منها وإعادتها مرة أخرى لبيئتها الطبيعية ثم تصدير المولود منها للخارج، للاستفادة من العوائد المادية منها، مثلما يحدث في دولة الصين التي تعتمد على تلك التجارة مصدراً رئيساً في الصناعات الصغيرة مثل: استخدام التماسيح لتصنيع "الجلود والجواكيت"، شريطة تذليل المعوقات أمامهم وإزالة القيود البيروقراطية.
وفي رأي الناشطة في مجال البيئة وحقوق الحيوان دينا ذو الفقار، فإن تعزيز الحياة البرية في مصر والقضاء على جرائم الاتجار غير الشرعي في الحيوانات والطيور النادرة، يتطلب محددات رئيسة عدة، أبرزها "تغيير الثقافة المجتمعية وتنمية الوعي لدى المواطنين في مختلف المراحل العمرية بأهمية تلك القضية، وتضافر الجهود المؤسسية ممثلة في الوزارات والإدارات الرسمية المعنية بهذا الملف مع جهات الدولة الشرطية والمجتمع المدني، لتشديد الرقابة على شبكات الإجرام العاملة في مجال الاتجار غير القانوني ومجابهة عمليات الصيد الجائر أو تربية الكائنات البرية من دون موافقة الجهات المختصة، علاوة على إجراء حملات دورية مستمرة على الأسواق الشعبية في المحافظات، والتفتيش على الأسواق وأماكن بيع الحيوانات البرية والمزارع والقرى السياحية والمشاريع المرخص لها بإكثارها".
وفي يناير (كانون الثاني) 2020، تعالت صيحات البرلمانية المصرية داليا يوسف للمطالبة بضرورة الحد من تلك الجرائم، موضحة أن مصر يوجد بها 1952 نوعاً من الحيوانات، منها 153 نوعاً مدرج تحت خطر الانقراض ضمن القائمة الإجمالية الأولية للحيوانات، مطالبة بضرورة التنسيق مع وزارة الداخلية لتنظيم عديد من الحملات المفاجئة للتصدي لعمليات الاتجار غير المشروع بالحياة البرية ووضع استراتيجية للمحافظة على الحيوانات المهددة بالانقراض في مصر، وخلق بيئات صناعية لزيادة أعدادها.
وطالبت ذو الفقار، خلال حديثها لـ"اندبندنت عربية"، بضرورة قيام وزارتي التربية والتعليم والثقافة بدورهما في تهيئة النشء منذ الصغر على احترام تلك الكائنات ومعرفة مدى قيمتها وأهميتها في الحفاظ على التوازن البيئي، إلى جانب قيام المؤسسات الإعلامية بدورها في عمل حملات توعية مستمرة بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي لمنع حدوث أي خلل بيئي.