الواجبات المنزلية .. إرث حضاري منذ العصور القديمة
klyoum.com
أخر اخبار مصر:
زيزو يتلقى مسكنات للمشاركته أمام شبيبة القبائلارتبطت الواجبات المنزلية في أذهان الطلاب بالعقاب والتسويف، حيث تشكل الواجبات المنزلية عبئًا ثقيلاً على أوقات ما بعد المدرسة، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن هذه الممارسة التعليمية ليست حديثة العهد، بل لها جذورٌ ضاربة في أعماق التاريخ الإنساني.
وفي فيديو تم نُشره على قناة "Tibees" على يوتيوب، تكشف توبي هندي، الكاتبة العلمية الشهير، عن أصول الواجبات المدرسية، مستعرضة ألواحًا طينية تعود إلى أكثر من 4000 عام، هذه الألواح التي خُطّت في بلاد بابل القديمة، تحتوي على تمارين حسابية نقشها طلاب تلك الفترة، ما يُثبت أن حل الواجبات كان جزءًا من الحياة اليومية للمتعلمين منذ ذلك الزمن السحيق.
ما يميز تلك الواجبات البابلية ليس فقط قِدمها، بل التقنية المعتمدة فيها، فعلى عكس النظام العشري الذي نستخدمه اليوم، استخدم البابليون النظام الستيني، أي المعتمد على الرقم 60، وهو ما يُعد أكثر تعقيدًا في ظاهره، لكنه فعال للغاية، خصوصًا في عمليات القسمة.
وفي الفيديو الذي نشرته على اليوتيوب، تعيد توبي هندي تنفيذ بعض هذه التمارين على ألواح مماثلة، مُظهرةً براعة وذكاء تلك الحضارة في تعليم المهارات الحسابية.
الطلاب الذين نفّذوا تلك الواجبات لم يكونوا منخرطين في أنظمة مدرسية حكومية كما نعرفها اليوم، بل تعلّموا في مدارس تُعرف باسم "إدوبا"، والتي نشأت في حوالي الألفية الرابعة قبل الميلاد في سهول بابل، كانت هذه المدارس جزءًا من بنية المجتمع، وغالبًا ما وُجدت داخل البيوت الخاصة، وهدفت إلى إعداد النخبة المثقفة القادرة على تسيير شؤون المملكة.
كانت مهارات مثل القراءة والكتابة والحساب تُكتسب لضمان فعالية الجهاز الإداري للدولة، فبعد تخرجهم أصبح هؤلاء الطلاب محترفين، يدوّنون العقود والقوانين والسجلات وكل ما تحتاجه الإمبراطورية من وثائق رسمية، وهكذا، لم تكن الواجبات المدرسية آنذاك وسيلة لفهم المادة فقط، بل كانت حجر الزاوية لضمان استمرارية الحكم وتنظيم شؤون البلاد، ما يمنحها بعدًا وظيفيًا يتجاوز التعلم الأكاديمي البحت.
رغم أن الواجبات المنزلية بدأت كضرورة لضمان إدارة دقيقة للدولة، إلا أنها اليوم أصبحت محل جدل واسع، خاصة في بعض المدارس الغربية التي تتجه نحو تقليصها أو إلغائها، وبالرغم من ذلك فإن تأمل جذورها القديمة يذكّرنا بأنها لم تكن دائمًا مصدرًا للشكوى، بل كانت وسيلة لبناء حضارات وتنظيم ممالك.