العمرة الصيفية... هل تغيرت أنماط السفر الديني في مصر؟
klyoum.com
أخر اخبار مصر:
مازدا 929 أوتوماتيك بـ 200 ألف جنيه.. صورمع ارتفاع الأسعار وتغير توقيت الحجز مصريون يفضلون أفواج الصيف لتقليل الكلفة واستغلال الإجازات
لم يكن إعلان بدء موسم العمرة في مصر خلال ذروة فصل الصيف حدثاً عابراً بالنسبة إلى محمود الشهاوي (26 سنة)، الذي سلم جوازي سفره وزوجته إلى إحدى الشركات السياحية، بمجرد صدور الضوابط الجديدة، لإنهاء الإجراءات والحصول على التأشيرة في أسرع وقت.
وحول اختياره أداء العمرة في هذا التوقيت، يقول الشهاوي إنه اعتاد السفر في رمضان أو خلال المولد النبوي في مواسم سابقة، لكنه فضل هذا العام الاستفادة من انطلاق الموسم خلال العطلة الصيفية، لتفادي الزحام وارتفاع الأسعار، آملاً أن تنطلق رحلته نهاية يوليو (تموز) الجاري.
ووفق ما أفاد به أصحاب شركات سياحية تقدم خدمات الحج والعمرة، وممثلون عن شعبة السياحة بالغرفة التجارية، ومواطنون يستعدون لأداء العمرة هذا الصيف "اندبندنت عربية"، فإن كثراً اختاروا الحجز في الأفواج الأولى من الموسم، استغلالاً لفترة الإجازة الصيفية قبل بدء الدراسة، وتوقعاً لانخفاض نسبي في الأسعار مقارنة بسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول).
ومع تسريع مصر إجراءات تنظيم موسم العمرة، يُتوقع أن يجتذب الموسم الصيفي أعداداً كبيرة من المصريين، خصوصاً مع انطلاق الأفواج الأولى خلال أسابيع قليلة.
ويتفق عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف التجارية، إيهاب عبدالعال، مع هذا التوجه، مشيراً إلى أن تسجيل الرحلات سيبدأ في النصف الثاني من الشهر الجاري أو مطلع أغسطس (آب) المقبل على أقصى تقدير، معتقداً أن يوليو وأغسطس يشهدان انخفاضاً نسبياً في كلفة الرحلات، قبل أن ترتفع تدريجاً خلال أشهر رجب وشعبان ورمضان.
وتوقع عبدالعال، في تصريحات تلفزيونية، أن يرتفع عدد المعتمرين هذا العام بنسبة تتراوح ما بين 10 و15 في المئة مقارنة بالعام الماضي، بسبب بدء الموسم مبكراً بشهر ونصف الشهر تقريباً، مشيراً إلى أن برامج الثلاث نجوم قد تصل إلى 40 ألف جنيه (808 دولارات أميركية) نتيجة ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، مع تفاوت الأسعار حسب مستوى الإقامة، بينما تجذب الفئة الاقتصادية نحو 80 في المئة من المعتمرين المصريين.
يقول الشهاوي، الذي يستعد لأداء العمرة للمرة الرابعة، "كنت سابقاً أتولى الترتيبات بنفسي، من حجز تذاكر الطيران والفنادق، وأتعامل فقط مع شركة لاستخراج التأشيرات، لكن الأمر اختلف هذا العام". مضيفاً "اخترت السفر هذا الصيف لاستغلال الإجازة وتفادي الزحام، خصوصاً أن زوجتي سترافقني، وأحاول تقليص النفقات. السفر في يوليو أقل كلفة من رمضان أو المولد النبوي".
وحول الأسباب التي جعلته متمسكاً بالعمرة الصيفية يقول "بدأت متابعة أسعار الطيران والفنادق منذ بداية يوليو، ووجدت أن الفترة التي تلي موسم الحج توفر خيارات أفضل بأسعار مناسبة، لكن ما زالت لديّ مخاوف من عدم التزام بعض الشركات بما تعلنه من تسهيلات في الإقامة أو وسائل النقل"، خاتماً حديثه بنبرة واثقة "على رغم حرارة الصيف، أستعد بما يلزم لتخفيف أثر الطقس، من كريمات واقية ومظلات. أتمنى أن تكون هذه العمرة الأفضل من جهة التوقيت والكلفة".
تواصلت "اندبندنت عربية" مع 10 شركات متخصصة في السياحة الدينية، أكدت جميعها بدء إعداد برامج العمرة لهذا العام. وعلى رغم تفاوت الأسعار بين شركة وأخرى، فضّل معظمها عدم إدراج تذاكر الطيران ضمن الكلفة الإجمالية، بينما حدد آخرون سعراً تقريبياً لها، واتفقت الشركات على أن الأسعار الحالية مرتفعة مقارنة بالأعوام السابقة، لكنها مرشحة للزيادة خلال الأشهر المقبلة.
وبحسب ما يؤكده صاحب إحدى الشركات السياحية المتخصصة في خدمات الحج والعمرة، مراد عمر، يشهد موسم العمرة هذا العام "إقبالاً غير مسبوق"، إذ ارتفعت الطلبات المقدمة له بصورة كبيرة، مما دفع شركته إلى جمع جوازات السفر من المتعاملين للحصول على التأشيرات، متوقعاً أن يشهد يوليو وأغسطس أعداداً فائقة من المعتمرين، استغلالاً للإجازة الصيفية قبل بدء العام الدراسي، في مقابل تأخر الإجراءات المعتاد في المواسم السابقة.
وحول مدى انجذاب المعتمرين لفترات الصيف أشار عمر إلى أن عدداً كبيراً من العملاء يتهافتون على استخراج التأشيرات حالياً، والصيف أصبح موسماً جاذباً لأداء العمرة، خلافاً لما كان عليه الأمر سابقاً في مصر. مضيفاً أن العمرة تمارس بشكل مستمر طوال العام منذ 2023، وكانت جميع الحجوزات الصيفية مكتملة في العام الماضي، وتوقع أن تبدأ أولى الرحلات أواخر يوليو هذا العام، وأن ينظم رحلات بمعدل رحلة كل 10 أيام تقريباً.
لم يغفل عمر الإشارة إلى الأزمات المتعلقة بنشاط السماسرة في مصر الذين يستغلون هذه المواسم بغرض الربح من دون مراعاة راحة المعتمرين، "السعودية تحاول معالجة هذه المشكلة عبر برنامج ’نسك‘، الذي يشترط تضمين التأشيرة برنامجاً متكاملاً يشمل السكن والمواصلات والبرامج المختلفة، ويلزم تنفيذه لمنع الحجوزات الوهمية وافتراش الطرق".
وجود هذا البرنامج، بحسب عمر، قلص من نشاط السماسرة، "شركتي حددت أسعار البرامج من دون تذاكر الطيران، إذ يبدأ البرنامج الاقتصادي بسعر 22500 جنيه (454 دولاراً أميركياً)، مقارنة بـ31 ألف جنيه (626 دولاراً أميركياً) شامل الطيران في العام الماضي، ومتوسط كلفة تذاكر الطيران قد يصل إلى نحو 15 ألف جنيه (303 دولارات أميركية)، مما يجعل إجمال كلفة العمرة نحو 37 ألف جنيه (748 دولاراً أميركياً)، مع وجود إقبال كبير خلال الصيف على رغم الزيادة في الأسعار"، كذلك أشار إلى أن بعض المعتمرين يلجأون إلى استخدام حيل منها رحلات طيران ترانزيت عبر مدن سعودية مثل الرياض أو القصيم لتقليل الكلف، وهو ما كان يمارسه السماسرة سابقاً.
واعتمدت مصر أواخر يونيو (حزيران) الماضي ضوابط جديدة لرحلات العمرة، تتيح للشركات السياحية توثيق عقود وكالة العمرة للموسم الجديد وفق الضوابط السعودية، بشرط خلو سجل الشركة من المخالفات أو الجزاءات. واشترطت الضوابط تسجيل خمسة مشرفين للسياحة الدينية في الأقل، بينهم ممثل قانوني، بدلاً من اثنين في المواسم السابقة، كذلك ألزمت وجود مشرف معتمد لكل 50 معتمراً، وتقديم تقرير العودة خلال 72 ساعة من نهاية الرحلة، للتأكد من مرافقة المشرف للمجموعة.
ينتقل عمر بحديثه إلى مشكلة رئيسة تكمن في توفير العملة، معتبراً أن وزارة السياحة من المفترض أن توفرها لجميع المعتمرين، لكنها تركت الأمر للسوق السوداء، مما يدفع كثراً إلى اللجوء للسوق الموازية للحصول على الريال السعودي. وذكر أن البنوك تضع شروطاً مثل ضرورة وجود حساب مصرفي، وهو شرط يصعب على كبار السن من البسطاء الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية تلبيته، معتقداً أن الحل يكمن في اعتماد التأشيرة وثيقة كافية للحصول على العملة السعودية، مما يحد من نشاط السوق السوداء.
وتخوف آخرون من استمرار نشاط السوق السوداء للعملة مع بدء الموسم، في ظل غياب رقابة حقيقية على السماسرة الذين يعملون وسطاء بين الشركات والمعتمرين، مؤكدين أن هذه الظاهرة تتكرر سنوياً من دون تدخل صارم، على رغم الإجراءات الجديدة التي أقرتها السعودية أخيراً للحد من التجاوزات.
بينما لا يجد مصطفى (اسم مستعار) حرجاً في كونه أحد الوسطاء الذين ينشطون في السوق السوداء، ويتربحون من قاصدي المسجد الحرام عبر استغلال المعتمرين والحجاج خلال المواسم النشطة. ويشرح لـ"اندبندنت عربية" أن السوق السوداء للعملة السعودية متوقفة حالياً، والسعر يتغير بحسب الطلب، إذ كلما زاد الإقبال على الريال ارتفعت نسبة الربح.
ويشير السمسار إلى أن آخر معاملات استفاد منها كانت خلال موسم الحج الأخير، إذ زاد سعر الريال في السوق الموازية على السعر الرسمي 75 قرشاً، مستهدفاً فئة لا يكفيها المبلغ المخصص داخل البنوك، موضحاً أن معظم من تعامل معهم طلبوا ما بين 1000 و1500 ريال، ولم يجدوا أمامهم سوى السوق السوداء، بينما يرجح أن يزيد الطلب على الريال السعودي خلال الأسابيع المقبلة، لأن كثراً لا يكتفون بما توفره البنوك.
ويؤكد الرئيس السابق لشعبة السياحة والطيران بالغرفة التجارية بالقاهرة، عماري عبدالعظيم، أن ضوابط العمرة تصدر للمرة الأولى في يوليو، مما يمنح الشركات فرصة أفضل للاستعداد والتنظيم المبكر، ويزيد من جاذبية الموسم، مضيفاً أن السعودية فتحت باب التأشيرات، فطالبت الشركات بإصدار الضوابط مبكراً، واستجابت وزارة السياحة لذلك.
ويلفت عبدالعظيم، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إلى أن موسم العمرة كان يبدأ سابقاً مع ذكرى المولد النبوي، لكنه هذا العام انطلق قبلها بشهر ونصف الشهر، مما يتيح لشريحة واسعة استغلال الصيف لأداء المناسك، مؤكداً أن عدداً من الشركات أنهى بالفعل عقود التوثيق مع الوزارة، وبدأ الإعلان عن الأسعار المبدئية، معتبراً أن تأخر بدء الموسم في الأعوام الماضية كان من أبرز الأخطاء التي جرى تصحيحها هذا العام، بقرار إطلاق العمرة خلال العطلة الصيفية، لكنه شدد على أن ذروة الموسم لا تزال في رمضان.
في حين يشدد عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة، باسل السيسي، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، على أن مصر تواكب للمرة الأولى السعودية في بدء موسم العمرة مبكراً، موضحاً أن التحرك المصري جاء بعد إعلان السعودية بنحو أسبوعين، مرجحاً أن يشهد الصيف إقبالاً من المصريين بسبب تزامنه مع فترة الإجازات، وهو ما دفع الغرفة إلى المطالبة مراراً ببدء الموسم مبكراً لاستغلال هذه الفترة.
ويضيف السيسي أن السياحة الدينية ترتبط بالإجازات بالدرجة الأولى، وللمرة الأولى يتوافق توقيت العمرة مع العطلات المصرية، بينما العوامل المناخية مثل الحرارة لا تؤثر في الرغبة في أداء المناسك، والصيف يمثل فرصة مناسبة للمعتمرين المصريين، وتنبهت الدولة إلى أن تعطيل تنظيم السفر لا يصح، لأنه يفتح أبواباً غير قانونية تحمل آثاراً سلبية عليها.
وتوضح شيماء، موظفة بإحدى الشركات السياحية، أن الشركة بدأت فرز تأكيدات الفنادق، والأسعار قد تبدأ من 21500 جنيه (434 دولاراً أميركياً) من دون تذكرة الطيران، وتتفاوت بحسب البرنامج، إذ تصل إلى 27 ألف جنيه (545 دولاراً أميركياً) للغرفة الرباعية من دون الطيران، بينما قد تبلغ قيمة التذكرة وحدها نحو 16 ألف جنيه (323 دولاراً أميركياً)، مشيرة إلى أن الشركة لا تزال تنتظر التأكيدات، مبدية عدم اقتناعها بأن تنطلق أولى الرحلات قبل مطلع أغسطس المقبل، ومؤكدة أن المصريين سينجذبون إلى العمرة الصيفية، خصوصاً أنها المرة الأولى التي يفتح فيها الموسم مبكراً، خلافاً للعادة التي كانت تليه فيها عطلة المدارس.
وفيما اعتبر عدد من أصحاب الشركات أن انطلاق الموسم مبكراً جعل العمرة الصيفية جاذبة لشريحة من المعتمرين المصريين، يرى حسين الحلواني، صاحب إحدى الشركات السياحية، أن الإقبال الأكبر لا يزال في الشتاء، إذ تسجل شركته خلاله أعلى عدد من المتعاملين. مضيفاً أن نسبة محدودة فقط تفضل السفر في الصيف قبل بدء العام الدراسي. وموضحاً أن غالبية عملائه من كبار السن والبسطاء، لا تعنيهم الإجازات أو مواعيد المدارس، مما يجعلهم أكثر عرضة للاستغلال بسبب ضعف الوعي، على حد وصفه.
ويضيف أن كثيراً من المصريين، خصوصاً في المدن الكبرى، باتوا يعتبرون العمرة بديلاً للمصيف، مع تجهيز المرافق السعودية بأنظمة تبريد، مما يسهم في جعل أداء المناسك بالصيف خياراً مقبولاً، ويشير إلى أن الضوابط صدرت مبكراً هذا العام، مما قد يساعد على تقليل الكلف مقارنة بالأشهر المقبلة.
وحول أبرز التحديات، يلفت إلى انتشار السماسرة من دون رقابة، وهو ما أدى إلى إرباك المعتمرين الذين لم يعودوا يميزون بين الوسيط وصاحب الشركة، بينما يحصل السمسار على مقابل من الطرفين. ويقول "لم نعلن برامجنا بعد، ننتظر أسعار الطيران، من المتوقع أن يصل سعر البرنامج إلى 35 ألف جنيه"، ويضيف، "كنت أتعامل مع سماسرة لأعوام، لكنني منذ 2016 توقفت تماماً، بسبب تلاعبات واتفاقات أضرت بالعملاء، بتقديم برامج مخالفة لما تضعها الشركة".