محذرًا من اتباع الهوى.. خطيب المسجد الحرام: هذه عقوبة مبارزة الله بالمعاصي

أكد الشيخ فيصل غزاوي، إمام وخطيب المسجد الحرام، أنه حري بكل عبد من عباد الله- عز وجل- أن يدعو ربه أن يجعل له ذكرا جميلا يذكر به بعد رحيله عن الحياة الدنيا، وأن يحرص على أن يقتدى به في الخير، مستشهدا بدعاء نبي الله إبراهيم (عليه السلام): {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} (الشعراء: 84).

وأشار 'غزاوي' خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، إلى قول الله تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} (يس: 12)، مبينا: ما قدموا من خير أو شر فعلوه في حياتهم، وآثارهم ما سنوا من سنةِ خير أو شر فاقتُدي بهم فيها بعد موتهم.

وشدد على أن كل إنسان مؤاخذ بجريرة عمله، ومحذرًا من اتباع الهوى وملازمة العصيان بقوله: فكم من مستهين بحرمات الله حلت به عقوبة الله وخزيه ونكاله، وكم من معافى مستترٍ بالمعاصي جاهَرَ وبارز الله بالخطايا، ففضحه الله وهتك ستره وأظهر عواره، وكم من مظلوم دعا على ظالمه فأهلكه الله وانتقم منه وأرداه.

وبيَّن ضرورة الحذر من الغفلة وذكر النقلة، مشيرا إلى قول ابن القيم- رحمه الله-: 'كَمْ مِن مُسْتَدْرَجٍ بِالنِّعَمِ وهو لا يَشْعُرُ، مَفْتُونٍ بِثَناءِ الجُهّالِ عَلَيْهِ، مَغْرُورٍ بِقَضاءِ اللَّهِ حَوائِجَهُ وسَتْرِهِ عَلَيْهِ! وأكْثَرُ الخَلْقِ عِنْدَهم أنَّ هَذِهِ الثَّلاثَةَ عَلامَةُ السَّعادَةِ والنَّجاحِ، ذَلِكَ مَبْلَغُهم مِنَ العِلْمِ'.

واستشهد إمام وخطيب المسجد الحرام بقول الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ فَسَنُیَسِّرُهُۥ لِلۡیُسۡرَىٰ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ فَسَنُیَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ} (الليل: 5-10)، موضحا أن في هذه الآيات دلالة على أن فعل الطاعة يقود إلى طاعة أخرى، والأمر نفسه ينطبق على فعل المعصية.

وأشار 'غزاوي' إلى أن الفرق كبير بين من يعمل خيرا فيطيب سعيه، ومن يعمل سوءًا فيخيب سعيه، مشيرا إلى أنه لما بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أهل بئر معونة القراء السبعين ليعلموهم عرضوا لهم، فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان، وأتى حَرَام بن مِلحان، خال أنس بن مالك، من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه، فقال حرام:(فزت ورب الكعبة)، وأنزَلَ اللهُ تعالَى في شأْنِ هؤلاء العظماء الذين قُتلوا قوله تعالى: {إنَّا قَد لَقِينا ربَّنا فرَضِيَ عنَّا وأرْضانا}، ثمَّ نُسِخَت تِلاوتُه.