المخابرات الإيرانية تحذر واشنطن وتل أبيب من استهداف خامنئي

في تطور جديد يعكس عمق التوترات بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، حذّرت وزارة الاستخبارات الإيرانية من محاولات خارجية تستهدف المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، وتسعى إلى زعزعة استقرار البلاد.

وصرّح وزير الاستخبارات إسماعيل خطيب بأن 'العدو يسعى إلى استهداف المرشد، أحيانًا بمحاولات اغتيال وأحيانًا بهجمات عدائية'، مؤكدًا أن هذه المخططات تأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى ضرب وحدة النظام الإيراني وإضعاف رمزيته.

ورغم أن المسؤول الإيراني لم يحدد حادثة بعينها، إلا أن هذه التصريحات تكتسب أهمية خاصة لأنها نادرة في الخطاب الرسمي الإيراني، خصوصًا قبل اندلاع الحرب التي استمرت اثني عشر يومًا بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي، والتي شهدت استهدافًا مباشرًا لقيادات عسكرية وعلماء نوويين إيرانيين.

ويُنظر إلى هذه التحذيرات على أنها جزء من حملة دعائية تهدف إلى تعزيز صورة النظام في مواجهة 'المؤامرات الخارجية'، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن مخاوف حقيقية من إمكانية تعرض خامنئي لمحاولات اغتيال أو هجمات منظمة، وفقًا لمجلة يورآسيا ريفيو.

وخلال الحرب، كثّفت إسرائيل ضرباتها ضد مواقع حساسة داخل إيران، بما في ذلك منشآت نووية ومراكز أبحاث عسكرية، فيما انضمت الولايات المتحدة لاحقًا إلى العمليات عبر استهداف ثلاثة مواقع نووية رئيسية. هذه التطورات دفعت القيادة الإيرانية إلى التحذير من أن الهدف النهائي لهذه الهجمات هو إضعاف المرشد، الذي يُعتبر 'الركيزة الأساسية' للنظام السياسي في البلاد.

وشدّد خطيب على أن 'من يعمل في هذا الاتجاه، عن قصد أو غير قصد، هو عميل متسلل للعدو'، في إشارة مباشرة إلى واشنطن وتل أبيب. وفي خضم هذه الأحداث، تداولت تقارير إعلامية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفض خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي خشية أن يؤدي ذلك إلى تصعيد غير مسبوق بين الطرفين، بينما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مثل هذه العملية 'ستنهي الصراع' بدلًا من أن تفاقمه.

هذه التصريحات المتناقضة بين واشنطن وتل أبيب تعكس اختلافًا في تقدير الموقف، لكنها في الوقت ذاته تؤكد أن فكرة استهداف خامنئي كانت مطروحة على الطاولة خلال الحرب الأخيرة.

من جانبه، أشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في نوفمبر الماضي إلى أنه كان يخشى أن يتعرض المرشد الأعلى لمكروه خلال الحرب، مؤكدًا أن وفاته المحتملة كانت ستؤدي إلى تفكك داخلي خطير في إيران.

وأضاف في تصريحات بثتها وسائل الإعلام الرسمية: 'لم أخف على نفسي، بل كنت أخشى أن يحدث شيء للمرشد وأن ندخل في صراع داخلي'. هذه المخاوف تعكس إدراك القيادة الإيرانية لحجم الدور الذي يلعبه خامنئي في الحفاظ على تماسك النظام، إذ يُنظر إليه باعتباره 'محور الوحدة' الذي يربط بين مختلف مؤسسات الدولة.

وبحسب محللين، فإن أي تهديد لحياة المرشد قد يفتح الباب أمام صراعات داخلية على السلطة، ويضعف قدرة إيران على مواجهة الضغوط الخارجية. وذلك وفقًا لموقع ميدل إيست مونيتور اللندني.

تولى خامنئي منصب المرشد الأعلى عام 1989 بعد وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني، ومنذ ذلك الحين أصبح الشخصية الأكثر نفوذًا في البلاد، حيث يسيطر على القرارات الاستراتيجية المتعلقة بالسياسة الخارجية والبرنامج النووي والعلاقات العسكرية.

ويبلغ خامنئي اليوم 86 عامًا، ورغم تقدمه في السن، فإنه لا يزال يمثل رمزًا أساسيًا للنظام الإيراني، ما يجعل استهدافه من قبل خصوم إيران أمرًا بالغ الحساسية.

الولايات المتحدة وإسرائيل، بحسب المسؤولين الإيرانيين، لم تتوقفا عن التهديد بقتله أو إضعاف سلطته، وهو ما يفسر الحملة الإعلامية الأخيرة التي تسعى إلى تصويره كهدف رئيسي للمؤامرات الخارجية.

وفي السياق ذاته، برزت تقارير عن أن المحكمة الجنائية الدولية قد تدرس توجيه اتهامات ضد رئيس وزراء سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب العمليات العسكرية التي استهدفت شخصيات ومواقع إيرانية خلال الحرب.

وفي تصريحات نقلتها وكالة بلومبرج عن دبلوماسيين إسرائيليين، قيل إن اغتيال المرشد الأعلى 'لن يؤدي إلى تفاقم الصراع، بل سينهيه'، وهو ما يعكس رؤية إسرائيلية ترى في خامنئي العقبة الكبرى أمام إنهاء المواجهة المستمرة بين الطرفين.

هذه التصريحات أثارت جدلًا واسعًا، خصوصًا بعد أن وصف ترامب خامنئي بأنه 'هدف سهل'، لكنه أكد أن الولايات المتحدة 'لن تقتله، على الأقل في الوقت الحالي'.

ورجحت مجلة يورآسيا ريفيو أن هذه التصريحات والاتهامات المتبادلة بين الأطراف المختلفة لا تأتي بمعزل عن سياق الصراع الإقليمي الأوسع، حيث تسعى إسرائيل والولايات المتحدة إلى تقويض النفوذ الإيراني في المنطقة، بينما تحاول طهران تصوير نفسها كضحية لمؤامرات خارجية تستهدف قيادتها العليا.

في المقابل، يرى مراقبون أن هذه الاتهامات قد تكون جزءًا من استراتيجية داخلية تهدف إلى تعزيز شرعية النظام الإيراني في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية المتزايدة، خصوصًا وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية في الداخل.