احتجاجات في شوارع البحرين.. وفاة "سجين سياسي" بالكورونا يشعل الغضب

لليوم الثاني على التوالي، شهدت البحرين احتجاجات في أماكن متفرقة من البلاد، في أعقاب وفاة سجين سياسي متأثرا بفيروس كورونا.

وبحسب تقارير وكالات الأنباء، فقد خرج المئات من المواطنين في احتجاجات يومي الأربعاء والخميس، بعد وفاة السجين حسين بركات، 48 عاما، جراء إصابته بكوفيد-19 وهو ما أقرته الحكومة البحرينية.

وتركزت الاحتجاجات في قرية الديه بالقرب من العاصمة المنامة، حيث قطع المتظاهرون الطريق وأشعلوا النار في إطارات السيارات، ما أدى إلى وقوع اشتباكات مع قوات الأمن، التي حاولت فض المظاهرات.

وخلال الاحتجاجات، رفع المتظاهرون صورة بركات، وحمّلوا مسؤولية قتله لملك البحرين، حمد بن عيسى، كما رددوا هتافات مناهضة له.

وفي مارس الماضي، شهدت شوارع البحرين بوادر حركة احتجاجية للإفراج عن مسجونين سياسيين لإنقاذهم من تفشي وباء كورونا، ووصلت هذه الحركة لذروتها في أبريل. 

وتفرض البحرين قيودا على التجمعات بعد ارتفاع الإصابات بكوفيد-19 لمستويات قياسية الشهر الماضي، حيث تمنع التجمعات العامة بصفة نهائية للحد من تفشي الوباء.

ويقول مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، سيد أحمد الوداعي، إنه مع ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كورونا تراجعت حركة الاحتجاجات في الشوارع، المطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين، لكن وفاة حسين بركات أعادت الاحتجاجات للشارع مرة أخرى. 

وكان بركات قد أٌلقي القبض عليه في عام 2015 ضمن 138 آخرين في قضية 'كتائب ذو الفقار' المتهمة 'بتنفيذ جرائم إرهابية في البحرين' على حسب وصف الداخلية آنذاك.

وصدر حكم بسجنه مدى الحياة كما تم إسقاط الجنسية عنه. وفي يناير 2014 اعتقل ابنه علي، وعمره 16 عاما، وتم الحكم عليه بالسجن 22 عامًا، مرّت منها ثمان سنوات، وقد تم إخراجه بعد أن تم وضع قيد إلكتروني في قدمه، لكي يحضر جنازة أبيه، ويعود بعدها للسجن.

اتهامات متبادلة 

بحسب ناشطين، أصيب بركات بفيروس كورونا في السجن ورفضت الحكومة نقله إلى المستشفى إلا بعد أن تدهورت صحته'. وأكد ناشطون أن بركات عانى قبل وفاته من نقص شديد في الأوكسجين وحمّلوا وزارة الداخلية مسؤولية وفاته.

وذكر الوداعي أنه تحدث مع سجين سياسي كان متواجدا مع حسين بركات في سجن 'جو' المركزي، إضافة إلى شهود عيان آخرين، أكدوا له أن معاناة حسين بسبب مضاعفات فيروس كورونا، وأنه لو تلقى العلاج مبكرا كان يمكن إنقاذ حياته.

وحمّل الوداعي المقيم في لندن، الحكومة البحرينية، مسؤولية وفاة حسين لفشلها في تقديم الرعاية الطبية له، مشيرا إلى أنه كان يمكن إنقاذ حياته إذا استجابت الحكومة لمطالبات أهالي المعتقلين والمنظمات الدولية وأطلقت سراح المسجونين السياسين.

ومن جانبها، أكدت وزارة الداخلية البحرينية أن بركات توفي جراء إصابته بفيروس كورونا رغم تلقيه جرعتين من اللقاح في شهري فبراير ومارس.

وقالت الوزارة في بيان: 'بعد أن تم اكتشاف إصابته، تم تحويله بتاريخ 29 مايو 2021 إلى مجمع السلمانية الطبي، حيث قرر الفريق الطبي المعالج، وضعه على جهاز التنفس الاصطناعي ورفع كفاءة الجهاز لأعلى مستوي، وظلت حالته الصحية غير مستقرة حتى فارق الحياة نتيجة مضاعفات إصابته بفيروس كورونا، وقد تم إخطار النيابة العامة'.

وأضاف البيان: 'الملف الطبي للمذكور يشير إلى أنه كان يتلقى رعاية صحية متكاملة ويحصل على أدويته بشكل منتظم، وحصل على 15 مراجعة طبية اعتيادية بعيادة مركز الإصلاح والتأهيل، منذ مطلع العام الجاري، بالإضافة إلى تلقيه خدمة الاتصال المرئي والهاتفي وفق ما يحدده قانون مؤسسة الاصلاح والتأهيل ولائحته التنفيذية'.

واتهم الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان، فيصل فولاذ، المحتجين بإشراك الأطفال في مظاهراتهم، وعدم ارتداء الكمامات أو الالتزام بالتباعد الاجتماعي، واصفا إياها بأنها 'محدودة'.

وقال فولاذ في تصريحات لموقع 'الحرة' إن 'الشرطة البحرينية لم تقمع هذه الاحتجاجات مثلما فعلت الكثير من الدول بفض المظاهرات أثناء حظر كورونا'.

بدوره، أكد علي الدرازي، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، التابعة للحكومة، أن المؤسسة تواصلت مع الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل، المسؤولة عن إدارة السجن، للتعرف على إجراءات وملابسات وفاة بركات.

وأوضح في بيان نشرته المؤسسة على حسابها على موقع 'تويتر' أنه تم نقله إلى المستشفى فور إصابته بفيروس كورونا، مشيرا إلى أنه كان يتلقى رعاية صحية متكاملة ويحصل على أدويته بشكل منتظم، إلا أن حالته ظلت غير مستقرة حتى وفاته.

تفشي كورونا بين المسجونين

في أواخر مارس الماضي، قالت السلطات البحرينية إنها اكتشفت عددا من حالات الإصابة بفيروس كورونا في أحد السجون، وتم عزل المصابين وأصبحت حالتهم مستقرة.

وذكرت إدارة السجون أنه تم اكتشاف ثلاث إصابات. وأضافت أنه تم عزل المخالطين لهم وإجراء عمليات تطهير وتعقيم.

ومع ظهور فيروس كورونا مطلع العام الماضي، طالبت المنظمات الدولية، الحكومة، بالإفراج عن المسجونين السياسين، خوفا من تفشي العدوى بينهم بسبب تردي الأوضاع داخل هذه السجون.

وتزايدت هذه المطالبات مع زيادة تفشي الوباء في البلاد. حيث شهدت البحرين خلال الأسابيع الماضية ارتفاعا كبيرا في حالات الإصابة والوفاة بفيروس كورونا بالرغم من ارتفاع عدد الأشخاص الذين حصلوا على جرعتين من لقاح كورونا.

وبحسب البيانات الحكومية، فإن أغلب المطعمين حصلوا على لقاح سينوفارم الصيني.

وفي أبريل الماضي، أفرجت السلطات البحرينية عن عشرات السجناء بينهم نشطاء سياسيون، وذلك بعد تظاهرات طالبت بإطلاق سراحهم على خلفية مخاوف مرتبطة بتفشي فيروس كورونا في السجن.

وأشار الوداعي إلى تردي الأوضاع في سجن جو المركزي، والانتشار الواسع لفيروس كورونا بين المصابين، وقال إن عدد المصابين بلغ داخل السجن أكثر من 150 مصابا.

في المقابل، قال فولاذ إنه 'ليس هناك تفشي كورونا بالسجون وليست الأمور كارثية مثل ما يصورها الإعلام الإيراني عن البحرين ويسكت عن سجونه وضحايا الكورونا بها وعدم توافر لقاحات في إيران'. وتابع: 'هناك إصابات بسجون البحرين ويتم معالجتها حسب البروتوكلات المعمولة، كما تم تطعيم أعداد كبيرة منهم'.

وطالب فولاذ باستبدال العقوبة السالبة للحرية المتبقية على المحكوم عليهم وإلزامهم ببعض أنواع العقوبات البديلة التي تتناسب مع ظروفهم.

كانت البحرين قد شهدت في 2011، مظاهرات حاشدة مستوحاة من 'ثورات الربيع العربي' التي عرفتها بعض دول الشرق الأوسط آنذاك مثل مصر وتونس وسوريا. وتمكنت قوات الأمن بالتعاون مع قوات 'درع الجزيرة' الخليجية، من فض الاعتصام الشعبي الضخم وهدم ميدان اللؤلؤة.

واستبعد الوداعي وصول الاحتجاجات الحالية إلى مستوى مظاهرات 2011، التي شارك فيها عشرات الآلاف، بسبب تفشي وباء كورونا وقوة القبضة الأمنية في الدولة مقارنة بـ2011، لكنه قال إن وفاة بركات قد تكون الشعلة التي تفجر الغضب داخل البحرينين، على حد قوله. 

بينما قال فولاذ 'اعتقد شعب البحرين الآن يمر مع شعوب العالم بأزمة عالمية وصحية وتتطلب الوحدة والترابط والعمل المشترك (حكومة ومجتمع مدني وشعب) علي تعزيز وتقوية حق الصحة والتعليم للجميع ومعالجة الآثار الاقتصادية لكورونا علي الطبقات الاجتماعية بشكل عادل ومتكافئ'.