المدن الصناعية في الخليج.. مشاريع حضارية داعمة للاقتصاد المحلي

كامل جميل - الخليج أونلاين

 تجمع بين المقومات الاقتصادية للمدن الصناعية، والمناطق الاقتصادية الخاصة.

منطقة العبدلي الصناعية في دولة الكويت.

تربعت دولة الإمارات على رأس قائمة دول منطقة الشرق الأوسط في تأسيس المدن الصناعية بـ47 مدينة.

تسعى دول الخليج إلى إحداث نقلة نوعية في اقتصاداتها من خلال إنشاء المدن الاقتصادية؛ لما تركه إنشاء هذه المشاريع التي باتت تنتشر في الخليج من انعكاسات على الاقتصاد الذي يشهد تطوراً كبيراً بعيداً عن الوقود الذي يعد العمود الفقري للواردات الخليجية.

وتعتبر المدن الاقتصادية مفهوماً عالمياً جديداً يجمع بين المقومات الاقتصادية للمدن الصناعية، والمناطق الاقتصادية الخاصة، لتشكل مدناً حضارية متكاملة.

وتوفر هذه المدن مرافق خدمية ولوجستية وسكنية متكاملة، وبيئة عمل تنافسية لتكون منظومة اقتصادية جاذبة للاستثمار الوطني والأجنبي.

ويتجسد في هذه المدن مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ما يجعلها فرصة مواتية للحكومات، حيث توفر المدن فرص عمل عديدة، فضلاً عن عوائدها المالية التي تصب في خزينة الدولة، بمقابل بسيط لا يتجاوز أحياناً تخصيص أراضٍ للقطاع الخاص والشركات الأجنبية لإنشاء المشاريع.

مدن خليجية

المدن الصناعية أثبتت نجاحها الكبير في الخليج لتكون داعماً اقتصادياً كبيراً، ومورداً آخر يصب في ميزانياتها، ما نتج عنه توجه واسع نحو إقامة هذه المدن.

أحدث المدن الصناعية التي كُشف عنها في الخليج كانت في الكويت، إذ أعلنت هيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية استعدادها لطرح ممارسات خاصة للشركات والمكاتب الاستشارية العالمية والمحلية لتقديم تصوراتها بشأن تصميم وتنفيذ البنية التحتية الأولية لمنطقة العبدلي الصناعية.

وبحسب ما أوردت صحيفة 'القبس' المحلية، 14 أغسطس 2021، تنتظر الهيئة مخاطبتها في المحضر الرسمي المعتمد لاجتماع المجلس البلدي القاضي بالموافقة على اعتماد المخطط الهيكلي الخاص بإنشاء مدينة العبدلي الاقتصادية.

وتقع مدينة العبدلي الاقتصادية شمالي البلاد، وتبلغ مساحتها 5 ملايين متر مربع تقريباً.

وتشمل مكونات المدينة الصناعية قسائم سكنية خاصة واستثمارية وتجارية وصناعية وخدمية، على أن يتم بناء حزام أخضر وحواجز زراعية تجميلية على امتداد المنطقة.

ووفق ما ذكرت الصحيفة، تتوقع المصادر أن تبدأ عملية طرح الممارسات نهاية العام الحالي أو مطلع 2022 على أبعد تقدير، مشيرة إلى أن الإطار القانوني والمؤسسي للمشروع سيكون وفق أنظمة هيئة تشجيع الاستثمار المباشر وقطاعاتها الرئيسية.

دعم الاقتصاد

المملكة العربية السعودية، التي تعتبر أقوى اقتصاد خليجي، وأحد أقوى 20 اقتصاداً عالمياً، أطلقت عام 2005 نحو أربع مدن اقتصادية، بتكلفة قدرت بنحو 455 مليار ريال (الدولار = 3.75 ريالات سعودية)، وهي مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية بحائل، ومدينة المعرفة بالمدينة المنورة، إضافة إلى مدينة جازان الاقتصادية.

بلغت تكلفة إنشاء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية نحو 375 مليار ريال، وتعتبر المدينة أكبر من العاصمة الأمريكية (واشنطن).

تهدف المدينة إلى وضع المملكة بين أكثر 10 دول جاذبة للاستثمار والتنافسية، وتبلغ مساحتها 173 كيلومتراً مربعاً (66.8 ميلاً مربعاً).

وفيما يخص مدينة جازان الاقتصادية التي أنشئت على شاطئ البحر الأحمر، تقع على مساحة تقدر بـ103 كيلومترات مربعة، وتقسم أعمال المدينة إلى الصناعات الثقيلة والثانوية والموارد البشرية وأسلوب المعيشة.

أما مدينة المعرفة الاقتصادية فقد بلغت تكلفتها 25 ملياراً (7 مليارات دولار)، وتقع داخل نطاق منطقة الحرم على بعد 5 كيلومترات من الحرم النبوي.

وتقع مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد في منطقة حائل، بين مناطق الجوف والحدود الشمالية والمدينة المنورة، والقصيم، وتبوك، ويراوح ارتفاع المنطقة ما بين 600 - 1500 متر فوق مستوى سطح البحر.

تبلغ مساحتها 156 مليون متر مربع، وتصل تكلفتها بمختلف تجهيزاتها إلى 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) على مدى 10 سنوات.

صناعة وسكن وسياحة

مدينة مسيعيد الصناعية، في دولة قطر، التي تضم عشرات المصانع التابعة للشركات الاقتصادية العملاقة وميناء كبيراً، والمرفأ الرئيس لتصدير الغاز والنفط، تعتبر من أبرز المدن الصناعية في الخليج.

تقع مدينة مسيعيد على الساحل الجنوبي الشرقي لدولة قطر، وتبعد 45 كيلومتراً عن العاصمة الدوحة.

وتتوفر على معظم الخدمات والبنى التحتية، حيث يوجد عدد من المراكز الصحية والتعليمية والرياضية والبنوك والمطاعم والأسواق التجارية والمجمعات السكنية التي توفر متطلبات الحياة العصرية.

تحتضن المدينة أهم الشركات الصناعية؛ مثل مجمع شركة قطر للغاز الطبيعي المسال، ومصفاة التكرير الخاصة بقطر للبترول، وشركة قطر للبتروكيميائيات المحدودة 'قافكو'، وشركة قطر للإضافات النفطية 'كفاك'، إضافة إلى شركة قطر للفينيل (كيو في سي)، وشركة قطر للفولاذ، وشركة قطر للملاحة والنقل، وشركة قطر للبناء.

تعتبر مسيعيد من أهم المدن السياحية القطرية؛ لموقعها وقربها من شاطئ سيلين الرملي السياحي، الذي يقع بين المدينة وخور العديد على امتداد ساحل رملي ساحر.

ويضم منتجع سيلين العديد من الشاليهات البحرية، وأماكن الترفيه، والكثبان الرملية العالية التي يتخذ منها الشباب القطري مكاناً للتخييم وقيادة السيارات ذات الدفع الرباعي على تلك الكثبان.

منطقة الأعمال الرائدة

تعتبر 'منطقة البحرين العالمية للاستثمار' منطقة صناعية متعددة الاستخدامات، وواحدة من أبرز المدن الصناعية التي أولتها مملكة البحرين اهتماماً كبيراً.

تم تأسيس منطقة البحرين العالمية للاستثمار في عام 2005 من قبل وزارة الصناعة والتجارة والسياحة. وتعتبر البحرين منطقة الأعمال الرائدة في المملكة؛ فهي تضم 114 شركة صناعية وشركات خدمات محلية متعددة الجنسيات.

كما تعتبر منطقة مهمة لتوفير الأعمال والمهن، حيث توظف أكثر من 4500 شخص.

وتعد منطقة البحرين العالمية للاستثمار المحرك الرئيس في تطوير الاقتصاد البحريني منذ إنشائها، وتبلغ نسبة استثمار الشركات الدولية فيها 80%.

تجربة ناجحة

وفي سلطنة عُمان وصل عدد المشاريع في المدن الصناعية بسلطنة عُمان إلى نحو 1821 مشروعاً تتنوع في مختلف القطاعات.

من أبرز المشاريع الفاعلة في هذه المدن هي المواد الكيميائية، والمواد الكهربائية، ومواد البناء، وكوابل الألياف البصرية، والمواد الغذائية، والمنسوجات والملابس الجاهزة، والقرطاسيات، والأصباغ، والمرشحات، والأثاث، ومشاريع الرخام، وإعادة تدوير الورق، والمنظفات، والمنتجات الجلدية، والأثاث، ومعجون الأسنان، والراتنجات، والزجاج، والفولاذ والقضبان، وزيوت المحركات، والألومنيوم.

ويبلغ إجمالي مساحة المدن الصناعية بالسلطنة 121 مليوناً و911 ألفاً و295 متراً مربعاً.

وجاءت انطلاقة إنشاء المدن الصناعية في السلطنة بتأسيس مدينة الرسيل الصناعية عام 1983 كأول مدينة صناعية في السلطنة.

نظراً لنجاح التجربة ولتوسعة نطاق التنمية الشاملة والمستدامة لتشمل كافة محافظات السلطنة، تم تأسيس المؤسسة العامة للمناطق الصناعية 'مدائن' في عام 1993.

وأصبحت 'مدائن' تتولى إدارة وتشغيل 9 مدن صناعية موزعة على مختلف محافظات السلطنة.

جبل علي

من أهم هذه المناطق هي منطقة جبل علي، التي تشهد حركة تجارية وصناعية هائلة، حيث تضم ميناءً هاماً يعدّ من أكبر الموانئ في العالم وهو ميناء جبل علي.

ويؤدي 'ميناء جبل علي' دوراً حيوياً في خدمة الأسواق العالمية، ويؤدي دوراً محورياً في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة.

ويحتوي 'جبل علي' على مصنع دوبال الذي يعتبر من أكبر مصانع الألومنيوم في منطقة الشرق الأوسط، ومحطة للحقن والاستقبال الفضائي التي تتبع لشركة اتّصالات الإماراتية.

وتحتوي على فندق 5 نجوم، إضافة إلى أن منطقة جبل علي تضم أكبر منطقة حرة في الخليج العربي، تقع إلى الجنوب من مدينة دبي.

تتميز هذه المنطقة بأنها توفر بيئة عمل تساعد على تحقيق أرباح كبيرة دون دفع ضرائب، ودون الحاجة إلى وجود شريك يحمل الجنسية الإماراتية.

وتشتمل المنطقة أيضاً على عدة وحدات سكنية؛ أهمها المرابع الخضراء، ومركز تجاري يحمل اسم 'ابن بطوطة'.