بعد عام على حكم طالبان.. كيف حضرت دول الخليج في أفغانستان؟

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

وقعت دول خليجية اتفاقيات مع حركة طالبان وقدمت مساعدات لها.

ترعى دولة قطر مباحثات أمريكية - أفغانية ما بعد اتفاق الدوحة للسلام.

منتصف أغسطس 2021.

لعبت دول الخليج العربي وفي مقدمتها دولة قطر، دوراً كبيراً في جلب الاستقرار ومساعدة الشعب الأفغاني، بدءاً من رعاية اتفاق سلام بين حركة طالبان والولايات المتحدة، وصولاً إلى دعم اللاجئين الأفغان، والمساعدة في عمليات الإجلاء.

وأدت قطر دور الوسيط في مفاوضات واشنطن وطالبان، التي أسفرت عن توقيع اتفاق تاريخي، أواخر فبراير 2020، ينص على انسحاب أمريكي تدريجي من أفغانستان وتبادل الأسرى.

وشكّل الاتفاق الذي رعته قطر نقطة تحوُّل وأملاً جديداً للأفغان بإنهاء الحرب، والعيش بسلام، والانفتاح الاقتصادي لبلادهم، وإعادة إعمارها من جديد، والوصول إلى حل سياسي داخلي بين الأطراف الأفغانية، وتشكيل حكومة تضم جميع مكونات البلاد.

واستطاعت حركة طالبان، في (15 أغسطس 2021)، السيطرة على العاصمة الأفغانية كابل، دون مقاومة تُذكر من الجيش الأفغاني، بعدها توالى سقوط الولايات الأفغانية بيد الحركة، وتمكن مقاتلوها من دخول القصر الرئاسي في كابل بعد فرار الرئيس أشرف غني إلى الإمارات، التي قالت إنها استضافته لأسباب إنسانية.

وبعد سيطرة طالبان على أفغانستان، أكدت دولة قطر أنها تسعى بكل جهودها لحصول 'انتقال سلمي للسلطة في أفغانستان، والتمهيد لحل سياسي شامل'.

كما أكدت السعودية أنها تقف إلى جانب الشعب الأفغاني 'وخياراته التي يقررها بنفسه دون تدخل من أحد'.

وقالت وزارة خارجيتها حينها: إنها 'تأمل أن تعمل حركة طالبان والأطراف الأفغانية كافة على حفظ الأمن والاستقرار'.

أيضاً عند الأيام الأولى لسيطرة طالبان على أفغانستان، دعت الكويت الأطراف الأفغانية إلى 'العمل معاً للحفاظ على أمن واستقرار أفغانستان، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس'.

أما المكتب الإعلامي للحكومة البحرينية فقال آنذاك، إن 'البحرين ستبدأ مشاورات مع دول الخليج العربية الأخرى بشأن الوضع في أفغانستان بصفتها الرئيس الحالي لمجلس التعاون الخليجي'.

سلطنة عُمان وعبر المفتي الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، دعت الشعب الأفغاني إلى 'أن يكون يداً واحدة في مواجهة جميع التحديات، وألا تتفرق بهم السبل، وأن يسودهم التسامح والوئام'.

فيما أكدت دولة الإمارات أنها 'تتابع من كثب واهتمام، التطورات الأخيرة في أفغانستان'، مشددة على 'ضرورة تحقيق الاستقرار والأمن في أفغانستان'.

وبعد سيطرة طالبان على أفغانستان، سارعت دولة قطر لإرسال فرق فنية مؤقتة؛ للمساعدة في العمليات والأمن بالمطارات.

كما أعلنت وزارة الخارجية القطرية، في يناير 2022، الاتفاق مع تركيا وحكومة تصريف الأعمال الأفغانية على نقاط رئيسة تتعلق بتشغيل مطار كابل الدولي.

وقالت الوزارة، في بيان لها حينها: إنه 'تم في الدوحة عقد اجتماع ثلاثي لوفود من قطر وتركيا وحكومة تصريف الأعمال الأفغانية حول إدارة وتشغيل مطار كابل'.

حكومة طالبان

ومع الشهور الأولى لاستمرار حكم طالبان وتمكنها من تشكيل حكومة، بدأت بعض دول الخليج العربي إقامة علاقات معها، وعقد مشاورات مشتركة، كان أبرزها في فبراير الماضي، بين الحكومة الأفغانية وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة.

وتركزت المباحثات حينها على توفير مساعدات للشعب الأفغاني، إضافة إلى بحث ملف حقوق الإنسان هناك.

وعقب الاجتماع، أكد مجلس التعاون الخليجي 'أهمية المساهمة في حشد الدعم الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني'.

كما أعرب الخليجيون عن موقف مجلس التعاون الثابت تجاه أفغانستان، واحترام سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها، وتأكيد ضرورة عدم التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية.

وإلى جانب المباحثات بين حكومة طالبان ودول مجلس التعاون، عقدت الحركة عدة اتفاقيات مع دول خليجية، كان أبرزها توقيع اتفاق مع الإمارات في مايو الماضي، لتنظيم وإدارة أربعة مطارات دولية، بين وزارة النقل والطيران وشركة 'غاك'.

الإجلاء ودعم اللاجئين

خلال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، عمت حالة من الفوضى بمطار كابل، ولكن دول الخليج كان لها دور رئيس في إجلاء الأجانب وبعض الأفغان.

وشاركت قطر والكويت والإمارات، إلى جانب البحرين، في إجلاء الآلاف من الدبلوماسيين ورعايا عدة دول، إضافة إلى مواطنين أفغان، في أكبر عملية إجلاءٍ شهدها العالم.

وساهمت دولة قطر حينها في إجلاء آلاف الأجانب والأفغان، وتخصيص أماكن إقامة لهم.

وأكدت اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، أنها تفقدت أوضاع المدنيين الذين تم إجلاؤهم من أفغانستان إلى قطر، بوصفها منطقة عبور مؤقتة.

وبينت اللجنة، في بيان لها، في (سبتمبر 2021)، أنه تم توفير معينات الحياة الكريمة كافة من حيث المأوى والغذاء والعلاج، إضافة إلى توفير الفعاليات الترفيهية والتعليمية للأطفال.

كما أجلت الإمارات 9000 أفغاني كانوا في طريقهم إلى دول ثالثة، إضافة إلى تخصيصها 'مدينة الإمارات الإنسانية' في أبوظبي مكاناً لإقامة الأفغان الذين تم إجلاؤهم من بلادهم، وقالت إنها ستقدم لهم الخدمات والطعام والشراب خلال فترة وجودهم.

وفي فبراير 2022 نظم مئات الأفغان احتجاجاً نادراً في منشأة بالإمارات تم تسكينهم فيها منذ الفرار من بلادهم العام الماضي، ورفعوا لافتات تطالب بالحرية وبنقلهم إلى الولايات المتحدة.

أما الكويت فكانت محطة أيضاً لعدد من الأفغان الذين تم إجلاؤهم من مطار كابل إلى منشأة عسكرية للتحالف في الكويت، لكن لم يُعلم ما إذا كانوا لا يزالون فيها أم غادروا الكويت.

مساعدات الزلزال

وخلال حكم طالبان ضرب زلزالٌ مدينة بكتيكا جنوب شرقي أفغانستان في 22 يونيو 2022، أدى إلى مقتل 1500 شخص على الأقل، فضلاً عن أكثر من 200 مصاب، ومئات المفقودين.

وسارعت دول خليجية إلى تقديم مساعدات عاجلة إلى الحكومة الأفغانية؛ لمساعدتها على مواجهة تداعيات الزلزال المدمر.

وقدمت السعودية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة مساعدات إغاثية وطبية، كما أعلنت دولة قطر تقديم 13 طناً من المساعدات الغذائية إلى أفغانستان على متن طائرة عسكرية؛ لتوزيعها في أكثر المناطق تضرراً من الزلزال.

وإلى جانب مساعدات الزلزال، أعلنت الحكومة السعودية، في يونيو الماضي، تقديم 30 مليون دولار لدعم الصندوق الائتماني الإنساني لأفغانستان، الذي يعمل تحت مظلة البنك الإسلامي للتنمية، بالتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي.

كما أمر الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، حينها بتسيير جسر جوي يشمل مساعدات طبية وفريقاً طبياً ومستشفى ميدانياً؛ لمساعدة أفغانستان على مواجهة تداعيات الزلزال.

كما تواصل دولة قطر دورها في مساعدة أفغانستان، حيث أكد أميرها، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال لقاء جمعه مع وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الأفغانية محمد يعقوب مجاهد، بالدوحة، في 6 يوليو 2022، أهمية العمل لتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية في أفغانستان، وتحقيق الحياة الكريمة والتقدم والازدهار للشعب الأفغاني، وضمان تمتُّع كل أطياف المجتمع بحقوقهم.