اخبار البحرين
موقع كل يوم -جريدة البلاد
نشر بتاريخ: ٤ كانون الأول ٢٠٢٢
تستذكر حملة حياة جديدة بصحيفة “البلاد” مشوار زراعة الأعضاء في البحرين، والتي بدأت في تسعينيات القرن الماضي على يد الطبيب الراحل جورج أبونا، والذي كان يحلم بمعية عدد من الأطباء البحرينيين الآخرين، بمركز متكامل لزراعة الأعضاء. وتعود قصة هذا الحلم بعد نجاح ثالث عملية زراعة للأعضاء آنذاك، مع تزايد تساؤلات المواطنين حول أهمية وجود مركز متخصص يحتضن هذه الجهود، أسوة ببقية الدول الأخرى في المنطقة والعالم.
توقعات
وأكد جورج أبونا قبل 27 عاما أهمية وجود مثل هذا المركز، وبأن يكون مزودا بكافة الكوادر البشرية، والميكانيكية، مع تزايد حالات الفشل الكلوي حول العالم.
وأضاف “في أميركا مثلاً تسجل 180 حالة فشل كلوي سنويا لكل مليون شخص، أما في دول الخليج فالمتوقع أن يبلغ عدد المصابين من 100 - 120 شخصا لكل مليون شخص، والمتوقع أن تصل عدد الحالات في البحرين لستين حالة جديدة سنوية”.
وواصل أبونا “هذا بخلاف المرضى من دول الخليج، وخاصة من قطر والكويت، الذين يرغبون بإجراء عمليات زراعة الكلى في البحرين، بعد السمعة الطيبة التي حققناها في هذا المجال”.
وأردف “ميزانية المشروع ليست بالدرجة التي تعجز المسؤولين عن الخدمات الصحية عن إنشائه، فهي لا تتجاوز الـ400 ألف دينار، ولكن حتى الآن لا توجد خطوة إيجابية للمباشرة بإنشائه”.
وحدة صغيرة
وواصل أبونا “أنا أجهل أسباب هذا التأخر، ربما يعود لأسباب ترتبط بالميزانية، لكننا تقدمنا في بداية العام 1995 باقتراح للجهات المسؤولة في وزارة الصحة، لتأسيس وحدة صغيرة لزراعة الأعضاء، وحتى الآن لم نتحصل على جواب، واتوقع أن يتم ذلك مع التوسعة الجديدة لمستشفى السلمانية”.
وقال “أتمنى أن يكون ذلك قريبا، بشرط أن تكون الإمكانات المطلوبة متوفرة في الوحدة، ولا يهم في أي مستشفى سيكون، فإجراء عدد بسيط من العمليات ممكن، بإمكانات محدودة، أما إذا رغبنا بإجراء عمليات عديدة، فإن هذا يحتاج لوحدة مجهزة، كوحدة العناية بمرضى القلب بالمستشفى العسكري”.
وتابع “أجريت بوقت سابق عمليات زراعة أعضاء بإمكانيات وحدة، بهدف أن اتثبت من أنه بالإمكان القيام بها في البحرين”.
ورأى أبونا أن زراعة الأعضاء في البحرين، أفضل بكثير منها بالخارج، بقوله “زراعة الأعضاء في أميركا تكلف من 60 إلى 100 ألف دولار، بالإضافة لمصاريف السفر، والسكن، والإعاشة وغيرها، وهنالك بالفعل من يقوم بشراء كلى من أناس يتاجرون بأعضائهم في الدول الفقيرة”.
وأكمل “إلا أن هذا لا يقره العرف ولا الدين، وتم تحريمه حتى في الهند -البلد الأساسي الذي تجرى فيه مثل هذه العمليات- لأن هذا يضر بالشخص الذي يبيع كليته، وبالمريض “المشتري”.
وزاد أبونا “عملية المتاجرة بالأعضاء هي ضد الأخلاق الطبية، والمرضى الذين يذهبون للهند يرجعون عادة بأمراض عديدة، أبرزها مرض الكبد الوبائي، والإيدز، ولقد رصدنا حالات عديدة بهذا الشأن لمرضى سعوديين، وآخرين كويتيين”.
وأكد أن كلفة ورسوم عملية زراعة للأعضاء في البحرين يجب أن تكون مجانية للبحرينيين.
مصاريف العملية
وأضاف “أما بالنسبة لغير البحرينيين فلابد من دفع مصاريف العملية، فيما لو أجريت لهم، فهذه المصاريف التي ستستقطع من المرضى غيرالبحرينيين كفيلة بتغطية مصاريف المركز بأكمله، بل إن المستشفيات الخاصة في دول أخرى تجني أرباحا من ورائها”.
وقال “وكذلك هي الحال بالنسبة للمستشفيات الحكومية التي تحتسب أجر العملية من شركات التأمين هناك، فهنالك مرضى يأتون من دول الخليج الآن، ولكن لا يوجد لدينا مركز”.
ويتابع أبونا “مسؤوليتنا بهذا الشأن، هو تدريب الأطباء في بداية المشوار، وبعد سنتين أو ثلاث سيأخذ أولئك المسؤولية، فالأطباء الذين دربتهم في الكويت، يعملون الآن عمليات دقيقة بأنفسهم، ومنهم من غادر إلى لبنان، ويجري عمليات تحت مسؤوليته هناك”.
وأكمل “وبعضهم الآن في أميركا، وإنجلترا، ومنهم من لديه القدرة في إعداد كوادر جيدة من الأطباء البحرينيين، ممن سيتكفلون بإجراء مثل هذه العمليات بكل مقدرة”.
وعن قدرة دول الخليج بإنشاء مراكز الأعضاء، يعلق أبونا بالقول “دول الخليج تمتلك الخبرة الجيدة في هذا المجال، فعلى سبيل المثال هناك مركز في دولة الكويت يقوم بإجراء عملية زراعة الأعضاء منذ 12 عاما، ويعتبر من أكبر مراكز زراعة الأعضاء في العالم”.
وأضاف “وهناك مراكز عدة في كل من المملكة العربية السعودية، وعمان، فزراعة الكلى لم تعد من العمليات الصعبة، بل أصبحت الآن خدمة تقدم بيسر بكل أنحاء العالم، بعكس عمليات زراعة القلب، والكبد، والبنكرياس، والتي تحتاج للإمكانيات لأنها أكثر تعقيدا”.
حملة تثقيفية
وأكبر عائق في عمليات زراعة الأعضاء، إيجاد المصدر لها، والذي يعتبر المعوق الرئيسي أمام إجراء العمليات، يعلق أبونا هنا بالقول “حوالي سبعين بالمئة من الأعضاء، يكون المتبرع بها قريبا للمريض، وهذا المصدر الأفضل من ناحية المناعة، ونسبة النجاح في مثل هذه الحالات تصل الى 95 %”.
وأكمل “المصدر الثاني عادة يكون من الموتى، وهذا يحتاج لحملة تثقيفية كما حدث بالكويت والسعودية بنجاح، إلا أننا لا نستطيع أن نقوم بهذا العمل، قبل إنشاء وحدة، أو مركز خاص لزراعة الأعضاء”.
ويضيف أبونا “وهذا أيضا لا يتحقق، إلا بعد إجراء العديد من العمليات الناجحة القائمة على التبرع من الأحياء، في الوحدة المؤمل إنشاؤها، حتى نستطيع القيام بحملة واسعة لتثقيف الشعب للحصول على الأعضاء بعد الوفاة”.
ويكمل “أؤكد مجددا، أن عمليات زراعة الأعضاء أصبحت شيئا بديهيا حول العالم، وهي أسهل من عمليات زراعة النخاع، ففي أميركا وحدها هناك 270 مركزا لزراعة الأعضاء، كل ولاية لديها أربعة أو خمسة مراكز”.
ويردف أبونا “ففي ولاية يلادليفيا مثلا، والتي كنت أعمل بها، هنالك سبعة مراكز لزراعة الأعضاء، باعتبارها خدمة ضرورية، وهي بنفس الوقت توفر ملايين الدنانير على الدولة، فغسيل الكلية يكلف الدولة للفرد الواحد سنويا من 10 - 15 ألف دينار، بدون علاج، فإذا قلنا إن لدينا نحو أربعين مريضا، فكم ستكون الكلفة؟”.
ويقول “أما زراعة الكلية فتكلف نحو 10 الآلاف دينار فقط، تدفع مرة واحدة، بكافة المصاريف، فأيهما أربح للدولة؟ وإذا افترضنا أن المريض سيعيش لخمس سنوات بعد العملية، فإننا سنوفر نحو خمسين ألف دينار، وهذا يعني توفير مليوني دينار سنويا، إذا كان لدينا أربعون مريضا فقط، فكم مريض لدينا في البحرين؟”.
كلية الطب
ويكمل “كما أن وجود مثل هذا المركز في كلية الطب، شيء ضروري للقيام بمهمة التعليم، والتدريب، وعدم وجوده يدفعنا لإرسال الطلبة والأطباء للتدريب في الخارج، فاحسب كم ستكون التكلفة المضافة؟ فالمركز فوائده للمرضى، والبلد، والمجتمع الطبي عديدة”.
ويبين أبونا “نحب أن ننشئ هذا المركز كمشروع تعاوني، يشارك فيه كل من وزارة الصحة، ووزارة الدفاع ممثلة في المستشفى العسكري، بالإضافة للجامعة، فالجامعة يمكنها توفير الأخصائيين، والكادر الفني، والأكاديمي، والمختبرات، لفحص حالة الجسم قبل إجراء العملية”.
ويقول “أما الوحدة الصحية، والممرضات، والفنيون، فيجب توفيرهم من قبل المستشفى العسكري، ومستشفى السلمانية، وأنا واثق أنه بعد عدة سنوات، سيكون لدينا مركز لزراعة الأعضاء، ينافس أفضل المراكز العالمية”.
