كيف تستعد الأسرة للعطلة الصيفية؟

انتهت قبل أيام امتحانات الحلقة الأولى من حلقات التعليم الأساسي، وبدأت عطلة الأبناء الصغار الصيفية وفي الأيام القادمة تتصاعد تدريجياً أعداد الطلبة القادمين إلى واحة العطلة الصيفية للاستراحة وتجديد الطاقة بعد نهاية العام الدراسي، وأهمية هذه الفترة تفرض على الآباء والأمهات التخطيط جيداً لكيفية الاستعداد لتوظيف هذه الفترة الزمنية في تحقيق المتعة والترويح عن النفس وتحقيق الفائدة بوقت واحد، مع الحرص على عدم تعكير أجواء العطلة بالبرامج التعليمية المكثفة والتكاليف الشاقة، وعدم تحويل راحة العطلة في نفس الوقت إلى لغو وإضاعة للوقت

ولكل ذلك لا بد من الاهتمام الجاد بهذه الفترة، وأن نأخذ في الحسبان حق الأبناء في الراحة والاستجمام، والحرص على أن تكون هذه الراحة في إطار الضوابط الشرعية، وتوظيف المتعة لتحقيق أهداف تعليمية لا يحققها المنهج في الغالب الأعم، ولا سيما الأهداف التي تتعلق بكفايات الألفية الجديدة ومهارات القرن الواحد والعشرين، وكثير من هذه المهارات يمكن تنميتها في العطلة الصيفية بصورة أفضل من أيام الدراسة وبأجواء من المتعة والحيوية.

التخطيط الجيد لقضاء العطلة الصيفية سيساعد الأسرة على تجاوز كثير من المشكلات التي تظهر عادة في العطلة الصيفية، ومنها الشعور بالفراغ والملل، أو البحث عن التسلية مع رفاق السوء بالسفر وزيارات الأماكن المشبوهة، أو التبرم من الالتحاق بالمراكز الصيفية التعليمية نتيجة الإحساس بأن هذه المراكز ستعيدهم إلى حجرات الدراسة التي لم يصدقوا أنهم تحرروا منها، ولا سيما في ظل الأنظمة التعليمية التي لم تنجح في تحويل التعليم إلى عملية ممتعة، وقد ينشغل بعض الأطفال بألعاب ومغامرات تجعلهم عرضةً لكثير من المخاطر الجسدية والأخلاقية.

وقد يلجأ الأبناء في غياب التخطيط إلى السهر ليلاً والتسمر أمام شاشات التلفزة والهواتف الذكية والألواح الرقمية ووسائط الألعاب وغيرها، والنوم نهاراً، ويتورطون في إدمانات لا يستطيعون التخلص منها بعد نهاية العطلة الصيفية وبداية العام الدراسي الجديد، وكل هذه المشكلات وغيرها تفرض على الأسرة التفكير جيداً في كيفية قضاء أبنائهم للعطلة الصيفية، وكيفية استثمار هذه الفترة لخدمة أهداف التربية التي تتناسب مع مراحل النمو ونظريات التعليم الحديث، وتعزز مهارات التعلم الذاتي والتعليم من أجل الحياة ومدى الحياة.

معالجة مشكلات العطلة الصيفية وتوظيف فترة العطلة لتحقيق أهداف التربية تستدعي حرص الآباء على التفرغ بشكل من الأشكال خلال هذه الفترة، ولو بتجميع أيام الإجازات السنوية إلى هذه الفترة حتى يبقى الآباء قريباً من أبنائهم، وعدم الاكتفاء بإلحاقهم بأقرب مركز صيفي، والاعتقاد بأن واجبهم قد انتهى بذلك، لأن ذلك لا يكون إلا مجرد إسقاط للواجب لا أكثر.

إن التخطيط الجيد يستدعي الاستعانة بمراكز الإرشاد التربوي، والخبراء والأكاديميين، لوضع أهداف تربوية قابلة للتحقق بأساليب مشوقة وممتعة، والتركيز على تنمية مهارات القرن الجديد، ومنها تنمية التفكير على حل المشكلات، واتخاذ القرار، والتفكير الناقد، وتنمية مهارات التواصل والتعبير عن الأفكار والدفاع عن الآراء، ومهارات الابتكار، وكفايات التربية الإعلامية والمعلوماتية، ومهارات التطوع والتعاطف والمشاركة الوجدانية، ومهارات المشاركة الاجتماعية.

وجميع هذه المهارات يمكن التخطيط لتنميتها من خلال أنشطة متعددة في المنزل والنادي والمخيمات والمراكز الصيفية، ومن خلال الألعاب الحركية أو حتى الألعاب الإلكترونية التي يتم اختيارها بعناية واستخدامها في أوقات محددة ومن خلال الرحلات وزيارات المتاحف والمكتبات العامة، وغير ذلك من الأنشطة الهادفة.