هل إيران جادة في الحوار مع دول الخليج؟

أشرف كمال - الخليج أونلاين

ما هي تطورات الحوار الإيراني الخليجي؟

طهران تواصل الدفع قدماً باتجاه إجراء الحوار، وأجرى وزير خارجيتها العديد من الاتصالات لبحث تعزيز العلاقات.

ما هي احتمالات حدوث حوار إيراني خليجي؟

توقعات بحدوث حوار أو تفاهم مباشر خصوصاً بين الرياض وطهران.

ما الذي دفع الأطراف باتجاه هذا الحوار؟

الأزمات العالمية، وأزمة الطاقة، والانسحاب الأمريكي من المنطقة، جعل الحوار ضرورة استراتيجية وفق مراقبين.

أجرى وزير الخارجية الإيراني جملة من الاتصالات مع نظرائه في عدد من دول الخليج، وذلك قبيل زيارة سيجريها للكويت قريباً، فيما بدا أنه محاولة من طهران للدفع قدماً باتجاه عقد حوار موسّع مع دول المنطقة، أو لإثبات حسن نيتها في هذا الصدد على الأقل.

وبحث حسين أمير عبد اللهيان تعزيز العلاقات في اتصالات منفصلة أجراها مع نظرائه في الإمارات والكويت وسلطنة عُمان، كما ناقش مع الأخير محاولات إحياء اتفاق 2015 النووي، التي فقدت زخمها إلى حد بعيد، مع تراجع احتمالات التوصل إلى اتفاق يعالج مخاوف جميع الأطراف.

ومن المقرر أن يزور عبد اللهيان الكويت خلال الفترة المقبلة، وقد أكد في تصريح للتلفزيون الإيراني هذا الشهر أن الأمور تمضي قدماً باتجاه تصحيح العلاقات مع دول الخليج، مشيراً إلى تعيين الكويت سفيراً جديداً بطهران، بعد نحو ست سنوات من خفض تمثيلها الدبلوماسي.

لغة دبلوماسية مختلفة

وشهدت الأسابيع القليلة الماضية لغة دبلوماسية أقرب للتصالح من جهة المسؤولين الإيرانيين، خصوصاً بعد الزيارة التي أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية منتصف يوليو الجاري، والتي شملت عقد 'قمة جدَّة للأمن والتنمية'.

خلال القمة التي جمعت بايدن بقادة الخليج ومصر والأردن والسعودية، كان التعامل مع سلوك إيران بالمنطقة على جدول الأعمال، وكان التأكيد على رفض هذا السلوك المزعزع للاستقرار، ضمن الأمور التي أكدها البيان الختامي للقمة.

كما شدد البيان على ضرورة منع إيران من تطوير سلاح نووي مع التأكيد على رغبة الدول الموقعة على البيان في اعتماد طريق الدبلوماسية لتحقيق هذه الغاية، مع تأكيد سعودي على مد يد الصداقة للإيرانيين، بما يضمن سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها.

وكما هي الحال مع دول الخليج تحاول إيران أيضاً تصحيح أوضاعها مع دول أخرى كبرى بالشرق الأوسط منها مصر وتركيا، وقد أكد رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية الإيراني، كمال خرازي، (الأحد 17 يوليو 2022) أن الدوحة قدّمت لطهران ما وصفها بالمقترحات المهمة بشأن إجراء حوار إقليمي، يشمل هذه الدول.

إلى جانب المشكلات الاقتصادية التي ستعانيها إيران في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق يعيد الروح إلى الاتفاق النووي المجمّد منذ 2018، فإن الإيرانيين يخشون على ما يبدو اتساع رقعة العزلة التي تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها القلقون من سياسة طهران، توسيعها بشكل متواصل.

في الوقت الراهن، عززت إيران علاقاتها على المستويات كافة مع روسيا والصين في محاولة لتخفيف وطأة العقوبات الغربية المفروضة عليها والاستفادة من هاتين القوتين الكبيرتين، لكنها في الوقت نفسه تحاول خرق جدار العزلة الخليجية والعربية الذي يرتفع باستمرار في وجهها.

وبحسب ما أكدت الخارجية العراقية هذا الشهر، فقد استضافت بغداد مفاوضات غير معلنة بين القاهرة وطهران أيضاً في محاولة لإنهاء حالة الانقسام السياسي التي تسيطر على المنطقة، والتي فرضت على الكثير من الدول العمل على إعادة التموضع وصياغة العلاقات.

تطورات إيجابية

وفقاً لما هو معلن، تبدو مسألة تصحيح العلاقات بين إيران ودول الخليج بصفة عامة وكأنها تمضي قدماً؛ فقد طلبت السعودية تحويل المفاوضات التي تحتضنها بغداد من السر إلى العلن، والانتقال بها من الجوانب الأمنية إلى السياسية، وهو ما اعتبره المحلل السعودي مبارك آل عاتي، في تصريح سابق لـ'الخليج أونلاين'، دليلاً على تحقيق تقدم خلال جولات المفاوضات الخمس التي جرت خلال الفترة الماضية.

قبلت طهران طلب الرياض، وأعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، (23 يوليو 2022)، استضافة بلاده لقاءً علنياً بين وزيري خارجية الرياض وطهران.

على الطرف الآخر، أبدت دول الخليج هي الأخرى انفتاحاً على التعامل مع إيران وفق شروط تضمن حفظ الأمن وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها؛ وقد نفى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (16 يوليو 2022)، وجود أي مفاوضات بشأن تعاون عسكري أو تقني بين دول الخليج و'إسرائيل'، وهي رسالة تطمين غير مباشرة لإيران.

كما أكدت الحكومة الإماراتية هذا الشهر أنها لن تكون طرفاً في أي تحالف عسكري يستهدف ضرب دولة من دول المنطقة، ورغم أن التصريح الإيراني لم يذكر إيران بالاسم، فإنه كان أيضاً بمنزلة رسالة تطمين غير مباشرة للجانب الإيراني.

كما أكدت دولة قطر مراراً تمسكها بالحوار لحل الخلاف القائم بين دول المنطقة وعرضت التوسط أو القيام بأي شيء من شأنه تخفيف الاحتقان وتقريب وجهات النظر، وكذلك فعلت الكويت عندما طرحت، العام الماضي، مبادرة لاستضافة حوار إيراني- خليجي.

وبينما تراجع ظهور سلطنة عُمان في ساحة الوساطة بين الخليج وإيران، بدأ العراق يأخذ مكاناً في الصورة العامة، وأصبح حضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ملموساً في محاولات حل الإشكال الإيراني العربي عموماً ومع السعودية خصوصاً.

احتمالات التوافق

المحلل السياسي العُماني عوض باقوير، قال لـ'الخليج أونلاين'، إن هناك بالفعل حراكاً دبلوماسياً إيرانياً لتصحيح العلاقات مع دول الخليج، مشيراً إلى أن هذه التحركات هي واحدة من نتائج 'حوار هرمز' الذي أطلقته طهران عام 2019.

وقال باقوير في هذا الصدد: 'إن الحوار السعودي الإيراني الحالي يعتبر أبرز الخطوات التي تم تحقيقها في هذا المجال، كما أن التوجه الأمريكي، خصوصاً خلال حكم دونالد ترامب، وبدء الانسحاب التدريجي من المنطقه، أكد لدول الخليج أن الحوار مع الجانب الإيراني أصبح ضرورة استراتيجية'.

ولفت المحلل العُماني إلى أن 'الضغوط الجغرافية، ورغبة الرياض في إنهاء حرب اليمن الملكفة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، عززا فرصة التفاوض مع طهران التي تملك علاقات مباشرة مع الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء'.

وتوقع باقوير عودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية في وقت قريب، مشيراً إلى 'عودة سفيري الإمارات والكويت لطهران'، كاشفاً عن أن 'لمسقط دوراً محورياً في تسهيل هذه الحوارات، رغم تزايد الدور العراقي خلال الفترة الأخيرة'.

كما أشار إلى أن 'زيارة الرئيس الإيراني لمسقط الشهر الماضي كانت تركز على دعم زخم المسارات السياسية التي تتخذها طهران لحل خلافاتها مع الجيران الخليجيين'، مؤكداً أن 'أزمات الطاقة واحتمالات إحياء الاتفاق النووي رغم تعثر المفاوضات، دفعت دول المنطقة للبحث عن مخرج سياسي لخلافاتها'.

ولم يستبعد باقوير 'التوصل لتفاهمات بين طهران ودول الخليج، خصوصاً أن التحركات الإيرانية اتخذت زخماً أكبر بعد الموقف الودّي الذي أظهرته دول الخليج خلال قمة جدة تجاه طهران'.